يعاني المواطن الغزي أحياناً من انقطاع الخبز تبعاً لانقطاع الغاز بسبب الحصار. اليوم تتقلص المشكلة مع انتقال العمل من الغاز إلى جفت الزيتون في المخابز
الوقود في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر محكوم بالقبضة الأمنية الإسرائيلية على معابر القطاع. وهو ما عوّد الأهالي على استبدال الوقود التقليدي بأنواع بديلة، يأتي على رأسها جفت الزيتون، الذي يعتبر مصدراً وافراً صديقاً للبيئة.
الجفت هو المادة المتبقية من الزيتون بعد عصره وأخذ زيته، المتمثلة في القشر واللبّ والنوى. تقبل عليه خصوصاً المشاغل والمخابز والمنشآت الصناعية ومزارع الدواجن. تستخدمه كوقود نظيف يستمر مشتعلاً لمدة طويلة. كما أنّ سعره منخفض وفي متناول الجميع.
في المخابز، خصوصاً، يشكل الجفت مكسباً كبيراً. فهناك حاجة دائمة لوقود الغاز الذي لا يدخل إلى القطاع إلاّ بكميات قليلة غير كافية، عدا عن كون حصول المخابز بالذات عليه صعباً للغاية. فكان الحل بالجفت كبديل فعال.
أول مخبز جرّب الجفت، كان مخبز "أبو إسكندر". وهو أحد أكبر مخابز القطاع ويغذي آلاف الأسر بالخبز يومياً. وجاءت الخطوة كمهرب رئيسي من أزمة الغاز وما فيها من مشاكل في الحصول عليه.
يقول صاحب المخبز، عمر حرب، لـ"العربي الجديد": "استفدت من الجفت قبل أعوام، عندما أغلقت جميع المعابر ولم يدخل الغاز. وأخيراً عدت إليه كونه أنظف بالنسبة لآلات العجن والخبز. كما أنّ المادة طويلة الاشتعال، فتدوم أكثر من الغاز العادي ما يوفر علينا الكثير من المال".
يحوّل الجفت إلى وقود عضوي لا يلوث الهواء، بعد تطوير المقداح الذي يهرسه. وبذلك، يتوفر نوع من الوقود الأحفوري الذي يشكل مصدراً مستداماً للطاقة. كما لا يتأثر بأي عامل من عوامل الحصار، لضمان استمرار عمله، فالزيتون يزرع بشكل كبير في أراضي غزة، خصوصاً أنّها أراض خصبة تسمح بذلك.
أخذ حرب الفكرة من معاصر للزيتون في إيطاليا، التي زارها قبل أعوام. يقول إنّ المؤسسات الرسمية هناك تعتمد على مخلفات الزيتون كمصدر للطاقة. ويشير إلى أنّ طريقة إعداد الجفت تبدأ بفصل الزيت بعد العصر عن النوى واللب بشكل كامل، ومن ثم تنشيف النوى وهي عبارة عن حطب في الأساس، واستخدام اللبّ في صناعة الأعلاف.
يوفر الجفت على المخابز مصاريف الوقود، باعتباره يؤمّن طاقة أكبر بعشر مرات من الطاقة العادية، وهو لا يقارن بأسعار الوقود التقليدي، فأصغر مخبز في قطاع غزة قد ينفق 300 دولار أميركي يومياً على الغاز. أما باستخدام الجفت فلا تتعدى القيمة 30 دولاراً (سعر كيلو الجفت الواحد 0.8 دولار).
يقول محمد أبو أسعد وهو صاحب مخبز "الوسطى": "لطالما اعتمدنا في المخابز على الوقود الذي نتزود به من دولة الاحتلال، وهو ما يجبرنا على الخضوع لسياسة التذلل لهم. لكنّ الجفت مصدر طبيعي يمكن توحيد استخدامه في مخابز غزة لتوفير الخبز لكلّ العائلات من دون انقطاع".
ويشير إلى أنّ "الجفت كان يستخدم في الصناعات الغذائية لأنّ مواده تحتوي على عناصر غنية ومقويات للجسد. وأيضاً في الأسمدة أو علف الحيوانات. لكن اليوم يجري جمع مخلفات الزيتون، من نوى ولب، وعجنها وكبسها، لتترك تحت الشمس حتى تجف، وتباع بعدها".
من جهته، يشير أنور دلول، وهو أحد أصحاب مزارع الزيتون في شرق مدينة غزة، إلى أنّ "انتشار صناعة الجفت في القطاع سيعود بالفائدة الزراعية الكبيرة، وسيقلل من قطع الأشجار. كما سيزيد موسم جني الزيتون، واستخراج من 5 آلاف إلى 6 آلاف طن. وفي السنوات المقبلة ستتضاعف الكميات أكثر، وستنقسم الفائدة على الوقود وإنتاج الزيوت".ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المزارعين يستخدمون جهاز تدفئة يعمل بواسطة الجفت من أجل تأمين الدفء للكتاكيت والدواجن بمختلف الأحجام والأعمار، في ظل برودة الأجواء".
ينوه دلول إلى أنّ صناعة الجفت تجربة حديثة في غزة، على عكس بعض الدول الأوروبية، مثل إيطاليا وإسبانيا اللتين تستخدمان المادة كمصدر طاقة في العديد من المجالات. ويشير إلى أنّ غزة يمكن أن تستثمر ذلك في السنوات المقبلة في عدة صناعات، من دون حاجة إلى الوقود الخارجي.
بدوره، يؤكد المحلل معين صالح أنّ "هذه المادة يمكن أن تؤمّن عائداً مادياً كبيراً للفقراء من المزارعين في قطاع غزة، وتوفر فرص عمل جديدة، خصوصاً أنّ القطاع يفتقر إلى الصناعات الهامة". ويضيف: "وجود الجفت يحلّ مشاكل نحو عشرة مخابز كبيرة اليوم، ويحافظ على الأيدي العاملة فيها. وهو ما يمكن استثماره في قطاعات أخرى تشجع الإنتاج وتزيد العمال فيها"، مع ما في ذلك من مكاسب على الصعيد الاجتماعي في تخفيف البطالة الكبيرة في القطاع.
اقرأ أيضاً: نفايات غزة تتحول إلى "إسمنت"
الوقود في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر محكوم بالقبضة الأمنية الإسرائيلية على معابر القطاع. وهو ما عوّد الأهالي على استبدال الوقود التقليدي بأنواع بديلة، يأتي على رأسها جفت الزيتون، الذي يعتبر مصدراً وافراً صديقاً للبيئة.
الجفت هو المادة المتبقية من الزيتون بعد عصره وأخذ زيته، المتمثلة في القشر واللبّ والنوى. تقبل عليه خصوصاً المشاغل والمخابز والمنشآت الصناعية ومزارع الدواجن. تستخدمه كوقود نظيف يستمر مشتعلاً لمدة طويلة. كما أنّ سعره منخفض وفي متناول الجميع.
في المخابز، خصوصاً، يشكل الجفت مكسباً كبيراً. فهناك حاجة دائمة لوقود الغاز الذي لا يدخل إلى القطاع إلاّ بكميات قليلة غير كافية، عدا عن كون حصول المخابز بالذات عليه صعباً للغاية. فكان الحل بالجفت كبديل فعال.
أول مخبز جرّب الجفت، كان مخبز "أبو إسكندر". وهو أحد أكبر مخابز القطاع ويغذي آلاف الأسر بالخبز يومياً. وجاءت الخطوة كمهرب رئيسي من أزمة الغاز وما فيها من مشاكل في الحصول عليه.
يقول صاحب المخبز، عمر حرب، لـ"العربي الجديد": "استفدت من الجفت قبل أعوام، عندما أغلقت جميع المعابر ولم يدخل الغاز. وأخيراً عدت إليه كونه أنظف بالنسبة لآلات العجن والخبز. كما أنّ المادة طويلة الاشتعال، فتدوم أكثر من الغاز العادي ما يوفر علينا الكثير من المال".
يحوّل الجفت إلى وقود عضوي لا يلوث الهواء، بعد تطوير المقداح الذي يهرسه. وبذلك، يتوفر نوع من الوقود الأحفوري الذي يشكل مصدراً مستداماً للطاقة. كما لا يتأثر بأي عامل من عوامل الحصار، لضمان استمرار عمله، فالزيتون يزرع بشكل كبير في أراضي غزة، خصوصاً أنّها أراض خصبة تسمح بذلك.
أخذ حرب الفكرة من معاصر للزيتون في إيطاليا، التي زارها قبل أعوام. يقول إنّ المؤسسات الرسمية هناك تعتمد على مخلفات الزيتون كمصدر للطاقة. ويشير إلى أنّ طريقة إعداد الجفت تبدأ بفصل الزيت بعد العصر عن النوى واللب بشكل كامل، ومن ثم تنشيف النوى وهي عبارة عن حطب في الأساس، واستخدام اللبّ في صناعة الأعلاف.
يوفر الجفت على المخابز مصاريف الوقود، باعتباره يؤمّن طاقة أكبر بعشر مرات من الطاقة العادية، وهو لا يقارن بأسعار الوقود التقليدي، فأصغر مخبز في قطاع غزة قد ينفق 300 دولار أميركي يومياً على الغاز. أما باستخدام الجفت فلا تتعدى القيمة 30 دولاراً (سعر كيلو الجفت الواحد 0.8 دولار).
يقول محمد أبو أسعد وهو صاحب مخبز "الوسطى": "لطالما اعتمدنا في المخابز على الوقود الذي نتزود به من دولة الاحتلال، وهو ما يجبرنا على الخضوع لسياسة التذلل لهم. لكنّ الجفت مصدر طبيعي يمكن توحيد استخدامه في مخابز غزة لتوفير الخبز لكلّ العائلات من دون انقطاع".
ويشير إلى أنّ "الجفت كان يستخدم في الصناعات الغذائية لأنّ مواده تحتوي على عناصر غنية ومقويات للجسد. وأيضاً في الأسمدة أو علف الحيوانات. لكن اليوم يجري جمع مخلفات الزيتون، من نوى ولب، وعجنها وكبسها، لتترك تحت الشمس حتى تجف، وتباع بعدها".
من جهته، يشير أنور دلول، وهو أحد أصحاب مزارع الزيتون في شرق مدينة غزة، إلى أنّ "انتشار صناعة الجفت في القطاع سيعود بالفائدة الزراعية الكبيرة، وسيقلل من قطع الأشجار. كما سيزيد موسم جني الزيتون، واستخراج من 5 آلاف إلى 6 آلاف طن. وفي السنوات المقبلة ستتضاعف الكميات أكثر، وستنقسم الفائدة على الوقود وإنتاج الزيوت".ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المزارعين يستخدمون جهاز تدفئة يعمل بواسطة الجفت من أجل تأمين الدفء للكتاكيت والدواجن بمختلف الأحجام والأعمار، في ظل برودة الأجواء".
ينوه دلول إلى أنّ صناعة الجفت تجربة حديثة في غزة، على عكس بعض الدول الأوروبية، مثل إيطاليا وإسبانيا اللتين تستخدمان المادة كمصدر طاقة في العديد من المجالات. ويشير إلى أنّ غزة يمكن أن تستثمر ذلك في السنوات المقبلة في عدة صناعات، من دون حاجة إلى الوقود الخارجي.
بدوره، يؤكد المحلل معين صالح أنّ "هذه المادة يمكن أن تؤمّن عائداً مادياً كبيراً للفقراء من المزارعين في قطاع غزة، وتوفر فرص عمل جديدة، خصوصاً أنّ القطاع يفتقر إلى الصناعات الهامة". ويضيف: "وجود الجفت يحلّ مشاكل نحو عشرة مخابز كبيرة اليوم، ويحافظ على الأيدي العاملة فيها. وهو ما يمكن استثماره في قطاعات أخرى تشجع الإنتاج وتزيد العمال فيها"، مع ما في ذلك من مكاسب على الصعيد الاجتماعي في تخفيف البطالة الكبيرة في القطاع.
اقرأ أيضاً: نفايات غزة تتحول إلى "إسمنت"