لا تزال خطط إعادة النازحين إلى مناطقهم بعد سيطرة القوات العراقية عليها من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، تراوح في مكانها منذ نحو عام، حيث استعادت القوات العراقية أول منطقة من قبضة تنظيم "الدولة" وهي بلدة جرف الصخر، 60 كلم جنوب غرب العاصمة بغداد، حين دخلتها القوات العراقية في أكتوبر/تشرين الأول 2014، لكن أحداً من النازحين منها لم يُسمح له بالعودة.
وكذلك الحال في مناطق ديالى وصلاح الدين وبيجي والرمادي وبلدات ومدن استعادت القوات العراقية السيطرة عليها منذ شهور طويلة، لكن النازحين ما زالوا في مخيماتهم ينتظرون إعادتهم في الوقت الذي تتذرع فيه الحكومة بمختلف الحجج لتأخير إعادتهم.
وكشفت لجنة العشائر في البرلمان العراقي عن وضع خطة جديدة لإعادة النازحين إلى مناطقهم "المحررة" من قبل القوات العراقية، وقال رئيس لجنة العشائر في البرلمان، عبود العيساوي، لـ"العربي الجديد"، إن "إعادة النازحين إلى المناطق (المحررة) بحاجة لجهود كبيرة ومشتركة بين شيوخ العشائر والسلطات الحكومية المحلية في المدن العراقية".
وبيّن العيساوي أن "اللجنة تواصل جهودها لتفعيل الدور العشائري في هذا الصدد وحل أزمة النازحين".
لكن هذه الدعوات ظلت حبيسة صدى الأصوات المطالبة بإعادة النازحين، منذ أكثر من عام، إلى عدد من المدن والبلدات التي سيطرت عليها القوات العراقية، والتي ترفض عودتهم حتى اليوم،
ومن أولى المدن التي سيطرت عليها القوات العراقية؛ بلدة جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل 60 كلم جنوب غرب العاصمة بغداد، فيما ما زال النازحون منها يطالبون بإعادتهم حتى اليوم من المخيمات.
وأعلن قادة عسكريون، بعد ستة أشهر من استعادة السيطرة على بلدة جرف الصخر، أن عودة النازحين إلى البلدة لن يكون قبل رفع العبوات الناسفة، التي خلفها تنظيم "داعش" في المدينة.
وقال محافظ بابل، صادق السلطاني، في مؤتمر صحافي، إن "عودة النازحين إلى جرف الصخر مرهونة بإزالة العبوات الناسفة"، لكن تصريحات أخرى لقائد الجيش في بابل، اللواء عبد الأمير الخيكاني، كشف فيها أن "بلدة جرف الصخر آمنة ولا يستطيع أي إرهابي الوصول إليها"، على حد وصفه، مما جعل الشكوك تدور حول أسباب عدم إعادة النازحين إلى البلدة بعد أكثر من عام من استعادتها.
ولا يختلف الحال في محافظة ديالى الحدودية، 57 كلم شمال شرق العاصمة بغداد، والتي شهدت معارك ضارية قبل نحو عام بين تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والقوات العراقية؛ أسفرت عن سيطرة الأخيرة على المدينة، لكن لم تتم إعادة النازحين منها.
وشكلت عدة لجان لإعادة النازحين إلى ديالى، لكنها لم تسفر عن إعادة الآلاف منهم ممن لا يزالون يسكنون المخيمات، مما اعتبره مراقبون محاولة للتغيير الديموغرافي.
وأعلن محافظ ديالى، مثنى التميمي، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عن تشكيل مقر مختص بملف النازحين وإعادتهم للمدينة، لكن شيئاً على الأرض لم يتغير.
وتواجه الحكومة العراقية اتهامات بإحداث تغيير ديموغرافي في المناطق، التي استعادت السيطرة عليها بعد معارك مع تنظيم "الدولة" عبر مليشيات الحشد الشعبي، باستبدال أهالي تلك المدن والبلدات بآخرين من مناطق جنوب البلاد.
وتمنع مليشيات الحشد الشعبي عودة النازحين إلى المناطق التي تسيطر عليها في جرف الصخر وديالى وصلاح الدين.
وكشفت النائب عن تحالف القوى العراقية، ناهدة الدايني، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "بلدات العظيم والسعدية وجلولاء والمقدادية، و38 قرية أخرى في ديالى، لا يتجاوز عدد العائدين إليها من النازحين سوى 2000 أسرة من أصل 150 ألف أسرة نازحة".
وذكرت الدايني أن "الأسر التي تمت إعادتها إلى تلك البلدات من مكونات محددة فقط، دون المكون الآخر"، في إشارة إلى الأسر السنية النازحة، التي منعت المليشيات عودتها.
وأكد ناشطون ونازحون وجود عمليات تغيير ديموغرافي منظمة في بابل وديالى وصلاح الدين، حيث تمنع مليشيات الحشد الشعبي عودة النازحين إلى مناطقهم، فيما تستولي على منازلهم تمهيداً لإسكان مواطنين من جنوب البلاد، لتغيير التركيبة السكانية في تلك المحافظات.
ونزح من مدن جرف الصخر والأنبار وديالى وصلاح الدين وحزام بغداد والموصل، قرابة ثلاثة ملايين و500 ألف مواطن مع بدء العمليات العسكرية على تلك المدن، قبل نحو عامين.
اقرأ أيضاً:الجفاف يقتل أطفال النازحين والمحاصرين في الأنبار