يُحرم الموريتانيون في الأحياء الفقيرة العشوائية من الكهرباء، فيلجأون إلى إمدادات مكشوفة تشكّل خطراً عليهم
يجازف عدد كبير من الموريتانيين بحياتهم من أجل التزوّد بالكهرباء، وخصوصاً في العشوائيات والأحياء الشعبية التي يتبادل فيها الجيران إمدادات الكهرباء عبر أسلاك مكشوفة تهدد حياة السكان وتشوّه المنظر العام وتتسبب في فوضى عارمة داخل الأحياء.
ويتزايد خطر هذه الأسلاك في فصل الشتاء، ويعيش سكان الأحياء العشوائية خوفاً دائماً من تماس كهربائي ما قد يحوّل يومهم إلى مأتم بسبب الأمطار. في حيّ توجنين شرق العاصمة نواكشوط مثلاً، لقي طفل مصرعه بداية فصل الشتاء الحالي بسبب صعقة ناتجة عن تماس كهربائي بعد ليلة ماطرة، وقبله لقي شيخ مصرعه نتيجة صعق كهربائي في أحد أحياء الترحيل جنوب شرق العاصمة وهو في طريقه إلى المسجد فجراً.
تقول فاطمة بنت أحمد عيشه، وهي ربّة منزل، إن خوفها على أطفالها يتضاعف بسبب الأسلاك الكهربائية التي تحيط بالمنازل من كل صوب. تضيف: "قدرنا أن نتعايش مع هذه التوصيلات القاتلة التي تتربص بأطفالنا وتعيق حركتنا. هي أصبحت جزءاً من همّنا اليومي، نردد أخبار حوادثها ونحذّر الأطفال منها كلما خرجوا من البيت". وتشير إلى أن "الحياة وسط أسلاك كهربائية متشابكة صعبة جداً، وثمّة مناطق داخل الحيّ محظورة على الجميع بسبب الحوادث التي تسببت فيها الأسلاك المكشوفة. وفي بعض الطرقات، يأتي ارتفاع الأسلاك الكهربائية منخفضاً، حتى صارت في متناول أيدي الأطفال".
وتأمل بنت أحمد عيشه أن تلتفت السلطات إلى معاناة الأحياء الفقيرة مع أسلاك الكهرباء، "لتنتهي قصص الموت التي تخلفها صعقات الكهرباء في حيّنا".
حلم خطر
يبدو الأمر مفارقة، في بلد يخطو خطوات حثيثة نحو تصدير الكهرباء إلى الدول الأفريقية، في حين يعجز عن توفيرها لآلاف السكان في الأحياء الفقيرة التي تقع خارج نطاق تغطية الشركة الوطنية للكهرباء.
ويستفيد المواطنون الذين لا يستطيعون الحصول على الكهرباء من هذه التوصيلات عن طريق موزّع محلي يكون أقرب من سكان الحي إلى منطقة تغطية شركة الكهرباء. هكذا يستفيد هو من التغطية على أنه زبون عادي، ومن ثم يوزع الكهرباء بشكل عشوائي على المنازل والأكواخ التي تقع على مسافة بعيدة.
ومع تفاقم أزمة الكهرباء وتوسّع الأحياء والهجرة القروية باتجاه أطراف المدن، أصبح بعضهم يحترف مهنة "موزّع محلي"، والذي يطلق عليه السكان لقب "نيش". ويُخصّص بيت صغير تتفرع منه الأسلاك لتزويد جميع المنازل المحيطة به وحتى البعيدة نسبياً بالكهرباء.
محمد عالي من الذين احترفوا هذه المهنة، يقول إن "الحاجة هي الدافع وراء هذه المخاطرة". ويوضح أن "السكان ألفوا اللجوء إلى هذه الحيلة على الرغم من خطورتها عليهم وعلى أطفالهم، لكثرة احتياجهم إلى الكهرباء وانتظارهم سنوات لتقوم السلطات بتوصيلها إلى منازلهم من دون جدوى". يضيف "هذه الأسلاك هي المصدر الوحيد للطاقة، والسكان يتعايشون معها والسلطات تتغاضى عنا لعدم قدرتها على توفير الكهرباء إلى أحياء عديدة في العاصمة وفي المدن الداخلية".
وعن كيفية عمل الموزع المحلي، يشرح عالي أن "شركة الكهرباء تعدّ الموزّع مجرد زبون عادي، ونحن نتعامل مع سكان الحي الذين يحصلون على الكهرباء وفق مبالغ شهرية تراوح ما بين أربعة وسبعة آلاف أوقية شهرياً (الدولار الأميركي الواحد يساوي 320 أوقية).
إهمال الفقراء
يلقي كثيرون من المهتمين بظاهرة انتشار موزعي التوصيلات غير الآمنة، اللوم على شركة الكهرباء التي تتغاضى عن توزيع الكهرباء على شكل نشاط تجاري وبطريقة لا تحترم معايير السلامة. فالأسلاك المكشوفة المنتشرة في الشوارع لا تخفى عن أي زائر للأحياء في أطراف العاصمة.
ويقول المهندس صالح ولد أحمد جدو إن "السلطات تتغاضى عن عمل الموزّع على الرغم من أنه محفوف بمخاطر كبيرة. ففي أحياء عديدة في العاصمة، نجد أسلاكاً كهربائية متشابكة وغير مغلفة وتوصيلات لا تخضع إلى معايير السلامة، وهو ما يتسبب في حوادث عديدة كالصعقات الكهربائية واحتراق المنازل". ويوضح أن مشهد التوصيلات الكهربائية العشوائية لم يعد مقبولاً وأنه يعمل حالياً مع منظمات حقوقية وبيئية على إطلاق حملة للضغط على السلطات من أجل تنظيم توزيع الكهرباء ورفع الأعمدة وإلغاء التوصيلات التي تنعدم فيها أبسط شروط السلامة.
ويبدي ولد أحمد جدو تفهّمه "للجوء السكان المحرومين من الكهرباء إلى طرق ملتوية للحصول على التيار من دون احترام معايير السلامة"، داعياً السلطات إلى توسيع نطاق التغطية ونصب أعمدة يستفيد منها الجميع. ويحذّر من "استمرار تجاهل هذه الظاهرة التي تهدد آلاف الأسر".
اقرأ أيضاً: أسلاك الموت في برج البراجنة
يجازف عدد كبير من الموريتانيين بحياتهم من أجل التزوّد بالكهرباء، وخصوصاً في العشوائيات والأحياء الشعبية التي يتبادل فيها الجيران إمدادات الكهرباء عبر أسلاك مكشوفة تهدد حياة السكان وتشوّه المنظر العام وتتسبب في فوضى عارمة داخل الأحياء.
ويتزايد خطر هذه الأسلاك في فصل الشتاء، ويعيش سكان الأحياء العشوائية خوفاً دائماً من تماس كهربائي ما قد يحوّل يومهم إلى مأتم بسبب الأمطار. في حيّ توجنين شرق العاصمة نواكشوط مثلاً، لقي طفل مصرعه بداية فصل الشتاء الحالي بسبب صعقة ناتجة عن تماس كهربائي بعد ليلة ماطرة، وقبله لقي شيخ مصرعه نتيجة صعق كهربائي في أحد أحياء الترحيل جنوب شرق العاصمة وهو في طريقه إلى المسجد فجراً.
تقول فاطمة بنت أحمد عيشه، وهي ربّة منزل، إن خوفها على أطفالها يتضاعف بسبب الأسلاك الكهربائية التي تحيط بالمنازل من كل صوب. تضيف: "قدرنا أن نتعايش مع هذه التوصيلات القاتلة التي تتربص بأطفالنا وتعيق حركتنا. هي أصبحت جزءاً من همّنا اليومي، نردد أخبار حوادثها ونحذّر الأطفال منها كلما خرجوا من البيت". وتشير إلى أن "الحياة وسط أسلاك كهربائية متشابكة صعبة جداً، وثمّة مناطق داخل الحيّ محظورة على الجميع بسبب الحوادث التي تسببت فيها الأسلاك المكشوفة. وفي بعض الطرقات، يأتي ارتفاع الأسلاك الكهربائية منخفضاً، حتى صارت في متناول أيدي الأطفال".
وتأمل بنت أحمد عيشه أن تلتفت السلطات إلى معاناة الأحياء الفقيرة مع أسلاك الكهرباء، "لتنتهي قصص الموت التي تخلفها صعقات الكهرباء في حيّنا".
حلم خطر
يبدو الأمر مفارقة، في بلد يخطو خطوات حثيثة نحو تصدير الكهرباء إلى الدول الأفريقية، في حين يعجز عن توفيرها لآلاف السكان في الأحياء الفقيرة التي تقع خارج نطاق تغطية الشركة الوطنية للكهرباء.
ويستفيد المواطنون الذين لا يستطيعون الحصول على الكهرباء من هذه التوصيلات عن طريق موزّع محلي يكون أقرب من سكان الحي إلى منطقة تغطية شركة الكهرباء. هكذا يستفيد هو من التغطية على أنه زبون عادي، ومن ثم يوزع الكهرباء بشكل عشوائي على المنازل والأكواخ التي تقع على مسافة بعيدة.
ومع تفاقم أزمة الكهرباء وتوسّع الأحياء والهجرة القروية باتجاه أطراف المدن، أصبح بعضهم يحترف مهنة "موزّع محلي"، والذي يطلق عليه السكان لقب "نيش". ويُخصّص بيت صغير تتفرع منه الأسلاك لتزويد جميع المنازل المحيطة به وحتى البعيدة نسبياً بالكهرباء.
محمد عالي من الذين احترفوا هذه المهنة، يقول إن "الحاجة هي الدافع وراء هذه المخاطرة". ويوضح أن "السكان ألفوا اللجوء إلى هذه الحيلة على الرغم من خطورتها عليهم وعلى أطفالهم، لكثرة احتياجهم إلى الكهرباء وانتظارهم سنوات لتقوم السلطات بتوصيلها إلى منازلهم من دون جدوى". يضيف "هذه الأسلاك هي المصدر الوحيد للطاقة، والسكان يتعايشون معها والسلطات تتغاضى عنا لعدم قدرتها على توفير الكهرباء إلى أحياء عديدة في العاصمة وفي المدن الداخلية".
وعن كيفية عمل الموزع المحلي، يشرح عالي أن "شركة الكهرباء تعدّ الموزّع مجرد زبون عادي، ونحن نتعامل مع سكان الحي الذين يحصلون على الكهرباء وفق مبالغ شهرية تراوح ما بين أربعة وسبعة آلاف أوقية شهرياً (الدولار الأميركي الواحد يساوي 320 أوقية).
إهمال الفقراء
يلقي كثيرون من المهتمين بظاهرة انتشار موزعي التوصيلات غير الآمنة، اللوم على شركة الكهرباء التي تتغاضى عن توزيع الكهرباء على شكل نشاط تجاري وبطريقة لا تحترم معايير السلامة. فالأسلاك المكشوفة المنتشرة في الشوارع لا تخفى عن أي زائر للأحياء في أطراف العاصمة.
ويقول المهندس صالح ولد أحمد جدو إن "السلطات تتغاضى عن عمل الموزّع على الرغم من أنه محفوف بمخاطر كبيرة. ففي أحياء عديدة في العاصمة، نجد أسلاكاً كهربائية متشابكة وغير مغلفة وتوصيلات لا تخضع إلى معايير السلامة، وهو ما يتسبب في حوادث عديدة كالصعقات الكهربائية واحتراق المنازل". ويوضح أن مشهد التوصيلات الكهربائية العشوائية لم يعد مقبولاً وأنه يعمل حالياً مع منظمات حقوقية وبيئية على إطلاق حملة للضغط على السلطات من أجل تنظيم توزيع الكهرباء ورفع الأعمدة وإلغاء التوصيلات التي تنعدم فيها أبسط شروط السلامة.
ويبدي ولد أحمد جدو تفهّمه "للجوء السكان المحرومين من الكهرباء إلى طرق ملتوية للحصول على التيار من دون احترام معايير السلامة"، داعياً السلطات إلى توسيع نطاق التغطية ونصب أعمدة يستفيد منها الجميع. ويحذّر من "استمرار تجاهل هذه الظاهرة التي تهدد آلاف الأسر".
اقرأ أيضاً: أسلاك الموت في برج البراجنة