استغرق جيش الاحتلال سنوات طويلة قبل موافقته، أوائل العقد الحالي وأواخر العقد السباق، على ضم مجندات إسرائيليات للوحدات القتالية، ووحدات سلاح الجو.
وأنهت الموافقة جدلًا اجتماعياً كبيراً رافقه صخب والتماسات رفعتها، مرات عدة، جمعيات ومنظمات حقوقية نسائية إلى المحاكم الإسرائيلية المختلفة، سعيا لكسر ذكورية الجيش الإسرائيلي، معتبرة أنه لا يمكن لمجتمع "عصري" وحديث أن يقبل بمسوغات الخوف على مصير المجندات الإناث في المعارك، أو على وقوعهن في الأسر.
وكشف تقرير لصحيفة "هآرتس"، أمس الأحد، أن عدد المجندات في الجيش الإسرائيلي، وتحديدا في الوحدات القتالية المختلفة، اقترب من الضعف، إذ باتت نسبتهن الحالية 7 في المائة، بعد أن كانت لا تتعدى نسبة 3 في المائة قبل أربع سنوات.
ووفقا للتقرير، فإن نسبة كبيرة من المجندات لهن مواقع على امتداد الحدود مع الأردن وسيناء باعتبارها الأطول، والأكثر هدوءاً، مع قلة خطر الاشتباكات فيها. وتخدم المجندات في وحدات وفرق عسكرية باتت مختلطة بكاملها تقريبا، بعد أن كانت الخدمة العسكرية للمجندات في جيش الاحتلال مقتصرة على الوظائف الإدارية، أو في قوات حرس الحدود الخاضعة رسميا للشرطة الإسرائيلية.
ويلفت التقرير إلى أن هذه الخطوة جاءت بفعل اضطرار الجيش الإسرائيلي، بحسب استراتيجيته الجديدة للجيش التي وضعها الجنرال غادي أيزنكوت العام الماضي، والتي تقوم على زيادة عدد أيام تدريب الجنود النظاميين، وتقليل تدريب جنود الاحتياط، من جهة، وتحديد حراسة وتأمين الحدود مع مصر والأردن كإحدى المهام الرئيسية للجيش الإسرائيلي في ظل التقلبات الإقليمية، ما يفرض استخدام أعداد كبيرة من الجنود.
ويتابع أنه "لتفادي النقص في الوحدات النخبوية والوحدات الميدانية، اضطر الجيش إلى زيادة وتيرة استيعاب المجندات في وحدات القتال التي تهتم بحراسة وتأمين خطي الحدود مع مصر والأردن، لا سيما وأن هذه المهام لا تتصدر أولويات الجيش".
ويشير التقرير إلى أن التوتر على الحدود مع لبنان في الشمال وقطاع غزة في الجنوب، إلى جانب الهبّة الفلسطينية وما تفرضه من انتشار مكثف لقوات الجيش، دفعت جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى دمج مجندات في وحدات قتالية، لإتاحة المجال أمام الوحدات القتالية الأخرى، خصوصاً المدفعية والمدرعات والقوات البرية الأخرى، من ممارسة التدريبات العسكرية اللازمة وضمان جهوزيتها عند ساعة الصفر.
وبيّنت الصحيفة، في تقريرها، أن الواقع الأمني الجديد لإسرائيل، وخطة التدريبات العسكرية للسنوات الخمس المقبلة التي أقرها رئيس أركان جيش الاحتلال، غازي أيزنكوت، العام الماضي، التقى عمليا مع دمج المجندات في الوحدات القتالية على الحدود، مع توجه مبدئي بدأ يسود في العقد الأخير في صفوف قيادة الجيش، والمجتمع الإسرائيلي، يتقبل هذا الدمج ويوافق على التغيير الجوهري في نوعية الخدمة العسكرية التي تؤديها المجندات في الجيش الإسرائيلي.
ومع توقّع التقرير ارتفاع نسبة المجندات في الوحدات القتالية إلى 8 في المائة، إلا أنه يشير إلى شكوك واضحة بشأن رد فعل الجيش وقيادته، كما المجتمع الإسرائيلي، في حال تغيّر الواقع الميداني وتحولت الحدود المصرية الإسرائيلية أو المصرية الأردنية إلى حدود ساخنة، وبات سيناريو اختطاف مجندات إسرائيليات ووقوعهن في الأسر واقعيا ومحتملا.
وتساءل عن طبيعة الرد الإسرائيلي في مثل تلك الحالات، ومدى تطرفه. وخلص إلى القول إنه بالرغم من القبول الحالي لهذه الظاهرة، إلا أن قيادة الجيش العليا تدرك أن هذا الدمج من شأنه أن يسبب لاحقا مشكلة لا يمكن التكهن بطبيعتها ولا تداعياتها.