أعلنت الإدارة العامة للخدمات في مدينة حلب، السبت الماضي، توقف ضخ المياه عن كامل مدينة حلب، بعد قصف قوات النظام السوري وروسيا محطة باب النيرب في 23 سبتمبر/أيلول الماضي، والتي تغذي عدداً من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وقصف محطة سليمان الحلبي في الثلاثين من الشهر نفسه، بالإضافة إلى تدمير خطوط الشبكة الرئيسية.
وفي ظل انقطاع المياه مجدداً عن كل أنحاء المدينة، يلجأ سكان الأحياء الشرقية إلى استخدام مياه الآبار الملوّثة، ما يهدّد بانتشار الأمراض، في حين يلجأ سكان الأحياء الغربية إلى الآبار الجوفية في مناطقهم، والتي تعد بديلاً أكثر أماناً كونها تخضع للرقابة من قبل منظمات إنسانية. ووفقاً لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يصل عدد المحرومين من المياه نتيجة تعطل المحطتين إلى مليوني شخص على الأقل.
في هذا السياق، تقول مها، التي تعيش في منطقة حلب الجديدة، إنّ المياه لا تصل إلى المنازل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، علماً أنهم لم يشكوا من أمر مماثل على مدى السنوات الثلاث الماضية. تضيف: "عدنا مائة عام إلى الوراء، وبتنا نستخدم مياه الآبار". وتتابع أنّ "إحدى أكبر مشاكل انقطاع المياه تتمثّل في عدم القدرة على غسل الثياب"، مشيرة إلى أنّ كلّ شخص يتدبّر أمره على طريقته. "أخصّص يوماً لغسل الثياب في المنزل، وبأقل كميّة ممكنة من المياه، بينما يتولّى أطفالي جلب المياه اللازمة من البئر، وهو أمر مرهق ويستغرق ساعات". تتابع أن النازحين في مراكز الإيواء غالباً ما يغسلون ثيابهم قرب آبار المياه، أي في الأماكن العامة.
ورغم وجود خزّان مياه كبير في كل منازل حلب، إلا أنها باتت عديمة الفائدة بسبب توقّف ضخ المياه إلى المنازل. تقول أم أحمد التي تعيش في أحد أحياء حلب القديمة: "أخزّن المياه في القوارير والأواني وحوض الاستحمام. في كلّ صباح، يجلب أولادي المياه من البئر إلى المنزل". توضح أن "المشكلة تكمن في مياه الشرب. يومياً، أصفّي المياه وأغليها حتى أستطيع تحضير الطعام. رغم هذه الاحتياطات، أصيب زوجي وأحد أولادي بالتيفوئيد. المشكلة الثانية هي الاستحمام الذي تحوّل إلى حلم. في السابق، كانت المياه تأتي ساعة أو ساعتين كل خمسة أيام. نترك أعمالنا ونستحمّ تباعاً وكأنّنا نسابق الزمن. اليوم، نستحم بأقل كميّة من المياه التي نجلبها من البئر، ونتوضأ بكمية أقل".
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، يحذّر ياسر حموي، وهو طبيب متخصّص بالجهاز الهضمي في مدينة حلب، من العواقب الصحيّة الناتجة عن استخدام مياه الآبار، خصوصاً في المناطق التي تتعرّض للقصف. ويوضح أن هذه الآبار حفرت في أماكن غير مدروسة، مضيفاً أن الاعتماد عليها يؤدّي إلى زيادة عدد المصابين بالأمراض الجرثومية. وخلال العامين الأخيرين، زادت نسبة الأطفال الذين قصدوا مستشفى جامعة حلب، نتيجة إصابتهم بالإسهال، والتهاب الكبد الوبائي (أ)، وغيرها.
من جهته، يشير هادي عطار، وهو مهندس يعيش في حلب، إلى أن منظمتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر نفذتا خلال السنة الأخيرة مجموعة من المشاريع التي تهدف إلى جلب المياه من الآبار الموجودة في الأحياء، وذلك من خلال تركيب مولدات لضخ المياه، وخزانات، والإشراف على تعقيمها. كذلك، عمدت إلى وصل هذه المضخات بشبكة المياه العامة في عدد من المناطق، ما ساهم في تجنّب كارثة صحية وبيئية في ظل الإهمال الحكومي، وتعمد طرفي النزاع إلى استخدام المياه كأداة حرب، وقصف النظام المستمر للبنية التحتية.
من جهته، يشكو أبو عمر من غياب العدل في توزيع المياه. يقول: "لا يمكن توقّع متى تأتي أو تنقطع. تأمين المياه همّ يومي. منزلي في الطابق الخامس، ما يعني أن المياه لا تصل إلى بيتي. وأحياناً، تكون الكهرباء مقطوعة، ولا يمكن تشغيل المضخة". يضيف ساخراً: "حين تأتي المياه والكهرباء، نقول إنها مصيبة". يضيف: "اشتركت مع جيراني في حفر بئر في فناء المبنى، واشترينا مولداً لضخ المياه. للأسف، المياه غير نظيفة. لذلك، نستعمله للاستحمام والغسيل فقط. ونشتري مياه الشرب". يشير إلى أن كلفة المياه كبيرة جداً. لكن "أستطيع تأمينها لأن عملي جيّد. إلا أن معظم الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف كهذه".
في ظل هذه الأزمة، يتحمّل الأطفال مشقّة حمل المياه إلى المنازل، في وقت ينشغل أهلهم بأعمال أخرى. يقول عمر، وهو طالب جامعي يعيش في حلب: "يمكنك أن تلاحظ بسهولة أن معظم من يقف في الطوابير لتعبئة المياه أطفال دون سن 12 عاماً، وذلك حتى في أوقات الدوام المدرسي، ما يعني أنهم جميعاً لا يذهبون إلى المدرسة. البعض لا يحملون المياه لعائلاتهم فقط، بل يتقاضون أجراً أيضاً". يضيف أنه في شوارع حلب، يمكن رؤية أطفال كثيرين يحنون ظهورهم وهم يحملون قوارير كبيرة تفوقهم وزناً، وعلى وجوههم ملامح الشقاء. يحملها البعض على ظهورهم، فيما يجر آخرون عربات حديدية كبيرة، ويضعون عليها قوارير المياه.
اقــرأ أيضاً
وفي ظل انقطاع المياه مجدداً عن كل أنحاء المدينة، يلجأ سكان الأحياء الشرقية إلى استخدام مياه الآبار الملوّثة، ما يهدّد بانتشار الأمراض، في حين يلجأ سكان الأحياء الغربية إلى الآبار الجوفية في مناطقهم، والتي تعد بديلاً أكثر أماناً كونها تخضع للرقابة من قبل منظمات إنسانية. ووفقاً لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يصل عدد المحرومين من المياه نتيجة تعطل المحطتين إلى مليوني شخص على الأقل.
في هذا السياق، تقول مها، التي تعيش في منطقة حلب الجديدة، إنّ المياه لا تصل إلى المنازل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، علماً أنهم لم يشكوا من أمر مماثل على مدى السنوات الثلاث الماضية. تضيف: "عدنا مائة عام إلى الوراء، وبتنا نستخدم مياه الآبار". وتتابع أنّ "إحدى أكبر مشاكل انقطاع المياه تتمثّل في عدم القدرة على غسل الثياب"، مشيرة إلى أنّ كلّ شخص يتدبّر أمره على طريقته. "أخصّص يوماً لغسل الثياب في المنزل، وبأقل كميّة ممكنة من المياه، بينما يتولّى أطفالي جلب المياه اللازمة من البئر، وهو أمر مرهق ويستغرق ساعات". تتابع أن النازحين في مراكز الإيواء غالباً ما يغسلون ثيابهم قرب آبار المياه، أي في الأماكن العامة.
ورغم وجود خزّان مياه كبير في كل منازل حلب، إلا أنها باتت عديمة الفائدة بسبب توقّف ضخ المياه إلى المنازل. تقول أم أحمد التي تعيش في أحد أحياء حلب القديمة: "أخزّن المياه في القوارير والأواني وحوض الاستحمام. في كلّ صباح، يجلب أولادي المياه من البئر إلى المنزل". توضح أن "المشكلة تكمن في مياه الشرب. يومياً، أصفّي المياه وأغليها حتى أستطيع تحضير الطعام. رغم هذه الاحتياطات، أصيب زوجي وأحد أولادي بالتيفوئيد. المشكلة الثانية هي الاستحمام الذي تحوّل إلى حلم. في السابق، كانت المياه تأتي ساعة أو ساعتين كل خمسة أيام. نترك أعمالنا ونستحمّ تباعاً وكأنّنا نسابق الزمن. اليوم، نستحم بأقل كميّة من المياه التي نجلبها من البئر، ونتوضأ بكمية أقل".
إلى ذلك، يحذّر ياسر حموي، وهو طبيب متخصّص بالجهاز الهضمي في مدينة حلب، من العواقب الصحيّة الناتجة عن استخدام مياه الآبار، خصوصاً في المناطق التي تتعرّض للقصف. ويوضح أن هذه الآبار حفرت في أماكن غير مدروسة، مضيفاً أن الاعتماد عليها يؤدّي إلى زيادة عدد المصابين بالأمراض الجرثومية. وخلال العامين الأخيرين، زادت نسبة الأطفال الذين قصدوا مستشفى جامعة حلب، نتيجة إصابتهم بالإسهال، والتهاب الكبد الوبائي (أ)، وغيرها.
من جهته، يشير هادي عطار، وهو مهندس يعيش في حلب، إلى أن منظمتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر نفذتا خلال السنة الأخيرة مجموعة من المشاريع التي تهدف إلى جلب المياه من الآبار الموجودة في الأحياء، وذلك من خلال تركيب مولدات لضخ المياه، وخزانات، والإشراف على تعقيمها. كذلك، عمدت إلى وصل هذه المضخات بشبكة المياه العامة في عدد من المناطق، ما ساهم في تجنّب كارثة صحية وبيئية في ظل الإهمال الحكومي، وتعمد طرفي النزاع إلى استخدام المياه كأداة حرب، وقصف النظام المستمر للبنية التحتية.
من جهته، يشكو أبو عمر من غياب العدل في توزيع المياه. يقول: "لا يمكن توقّع متى تأتي أو تنقطع. تأمين المياه همّ يومي. منزلي في الطابق الخامس، ما يعني أن المياه لا تصل إلى بيتي. وأحياناً، تكون الكهرباء مقطوعة، ولا يمكن تشغيل المضخة". يضيف ساخراً: "حين تأتي المياه والكهرباء، نقول إنها مصيبة". يضيف: "اشتركت مع جيراني في حفر بئر في فناء المبنى، واشترينا مولداً لضخ المياه. للأسف، المياه غير نظيفة. لذلك، نستعمله للاستحمام والغسيل فقط. ونشتري مياه الشرب". يشير إلى أن كلفة المياه كبيرة جداً. لكن "أستطيع تأمينها لأن عملي جيّد. إلا أن معظم الناس لا يستطيعون تحمل تكاليف كهذه".
في ظل هذه الأزمة، يتحمّل الأطفال مشقّة حمل المياه إلى المنازل، في وقت ينشغل أهلهم بأعمال أخرى. يقول عمر، وهو طالب جامعي يعيش في حلب: "يمكنك أن تلاحظ بسهولة أن معظم من يقف في الطوابير لتعبئة المياه أطفال دون سن 12 عاماً، وذلك حتى في أوقات الدوام المدرسي، ما يعني أنهم جميعاً لا يذهبون إلى المدرسة. البعض لا يحملون المياه لعائلاتهم فقط، بل يتقاضون أجراً أيضاً". يضيف أنه في شوارع حلب، يمكن رؤية أطفال كثيرين يحنون ظهورهم وهم يحملون قوارير كبيرة تفوقهم وزناً، وعلى وجوههم ملامح الشقاء. يحملها البعض على ظهورهم، فيما يجر آخرون عربات حديدية كبيرة، ويضعون عليها قوارير المياه.