بعد عامَين على فضيحة لحوم الحمير التي استهلكها المصريون من دون أن يدركوا ذلك، كبديل من لحوم المواشي، تُسجَّل فضيحة جديدة في البلاد. فقد ضبطت الشرطة التي تصحب إدارة الطب البيطري والصحة في إحدى محافظات الصعيد، تاجر لحوم دواجن يبيع فئران معامل بيضاء على أنّها أرانب فرنسية. لم يتوقّف كثيرون عند الخبر، وأطلِقت نكات على مواقع التواصل الاجتماعي حول الأمر.
وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض قبل عامَين، إثر فضيحة لحوم الحمير، على عدد غير قليل من أصحاب المطاعم الكبرى الذين عمدوا إلى تقديمها إلى زبائنهم. ومع تواصل اكتشاف مطاعم عدّة في وسط القاهرة تقوم بذلك، ومزارع للحمير في عدد من المحافظات تخصّصت في ذبحها وتصديرها إلى المدن، كان حديث علنيّ عن تسعيرة جديدة للحوم الحمير. كأنّ الأمر أصبح شبه مستساغ، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد. تجدر الإشارة إلى أنّ مفتشة الطبّ البيطري في الجيزة الدكتورة شيرين زكي كانت قد أكدت في تصريح جريء أنّ كل المواطنين الذين قضوا عطلتهم في شرم الشيخ أو طابا قد "أكلوا لحوم حمير ولحوماً فاسدة ومنتهية الصلاحية، وذلك بنسبة مائة في المائة".
الحاج فوزي الصعيدي من محافظة الفيوم، يعمل سائقاً بالمعاش في شركة تابعة لوزارة التموين، يخبر أنّ خلال فترة عمله التي قاربت أربعين عاماً في مجال قيادة الشاحنات في معظم محافظات الصعيد، كان يرى المزارعين في عدد من المحافظات كالفيوم والمنيا وأسيوط وقنا وسوهاج وهم يتعاملون مع فئران الحقول على أنّها أرانب. ويشير إلى أنّه جرّب شخصياً لحمها، أثناء انتظاره مرّة تحميل سيارته في أحد الحقول في محافظة قنا. وشرح كيف كان المزارعون يسلخون الفئران ويشوونها على النار ويقبلون عليها. ويقول الصعيدي إنّ "المزارعين في الفيّوم اعتادوا منذ زمن بعيد على اصطياد فئران الحقول ذات الحجم الكبير والتي يقترب وزنها من الكيلوغرام الواحد، ويذبحونها ويتناولونها في منازلهم أو في الحقول". تجدر الإشارة إلى أنّ أحد مدوّني موقع "فيسبوك"، كان قد ذكر في العام الماضي أنّ الفئران الجبلية في الصعيد تؤكل مثل الأرانب بالضبط مع الملوخية بالكزبرة الخضراء. وقد وصف طعمها باللذيذ جداً.
في سياق متصل، يبدو أنّ لدى المسؤولين الحكوميين توجهاً يقضي بتشجيع الشعب على البدائل التي يمكن الحصول عليها لتوفير طعامه بنفسه. بعد اكتشاف مزرعة تضمّ نحو ألف حمار ألحِق بها مجزر لذبح الحمير وتجهيز لحومها، خرج رئيس هيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة ليقول إنّ لحم الحمير مثل أيّ نوع آخر من اللحوم وليس ضاراً بالصحة. أكثر من ذلك، صرّح الرجل بأنّ تناول لحوم الكلاب والحمير ليس جديداً في مصر، وأنّ لحومها قد تكون مساوية للحوم البقر بل أفضل أحياناً، واصفاً إياها بأنّها طريّة ومستساغة.
وقد أصبحت المشكلة الوحيدة لدى الإعلاميين والمسؤولين في أنّ هذه اللحوم قد يعدّها البعض مقزّزة أو حراماً، مشيرين إلى أنّه لو تخطى الناس هذه المسألة، لوجدوا أنّ لحوم الفئران والكلاب والقطط والحمير وغيرها سوف تصبح مثل لحوم المواشي، ولن يستطيع أحد أن يفرّق بينها.
تجدر الإشارة إلى أنّ مسؤولين في ولاية بيهار، وهي من أفقر ولايات الهند، قد نظموا قبل سنوات عدّة حملة لتشجيع تناول الفئران. وقد نقل عن أحد الوزراء قوله إنّ لحم الفئران بديل صحي من الأرزّ والحبوب التي يرتفع ثمنها، وعلى الجميع استهلاكه. وصرّح: "نحن جادون جداً في تطبيق هذا المشروع، إذ إنّ أزمة الغذاء تزداد خطورة يوماً بعد يوم". يُذكر أنّ في بيهار، يُستهلك لحم الفئران عادة من قبل جماعة المشار، التي تنتمي إلى الطبقات الدنيا في النظام الهندوسي، إلى جانب الفئات الفقيرة في المجتمع.
كفتة قطط وكلاب
في سبعينيات القرن الماضي، ضُبِط مطعم في جوار سينما بالاس في مصر الجديدة (حيّ راقٍ) يبيع كفتة لحم مشوية ومشهورة في ذلك الوقت، اكتشفت الشرطة أنّها مصنّعة من لحوم القطط والكلاب التي كان يصطادها صاحب المطعم في الشوارع ليعدّ منها "ساندويتشاته وكبابه الفاخر". منذ ذلك الحين، راحت تنتشر أخبار عن غشّ في اللحوم واستخدام لحوم حيوانات ممنوع تناولها بحسب القانون والدين.