ووصل 57 شابا وشابة من المعطلين، العاصمة، سيرا على الأقدام من محافظة قفصة، التي تقع جنوب تونس، بعد ما قطعوا أكثر من 300 كيلومتر، في رحلة دامت 8 أيام، كحركة رمزية للمطالبة بالتشغيل. إلا أنهم منعوا، على مدى يومين، من الوصول إلى ساحة القصبة، مركز رئاسة الحكومة من قبل الأمن التونسي، الذي أبقاهم في أحد المنتزهات البعيدة عن مدخل العاصمة.
وقال حسني الصالحي، أحد القادمين من محافظة قفصة من المعطلين عن العمل، لـ"العربي الجديد"، "كان الأمل أن يتم استقبالنا في رئاسة الحكومة لتقديم مطالبنا والاستماع إلينا، إلا أنه تم منعنا من قبل قوات الأمن، بحجة الظروف الأمنية والخوف من نشوب أحداث لا تحمد عقباها".
وأضاف الصالحي أن "هذا المنع من الوصول إلى ساحة القصبة لن يرجعنا، ولن نغادر حتى ترد رئاسة الحكومة على مطالبنا، وننتظر محافظ العاصمة تونس الذي اتصلنا به ووعد بنقل مطالبنا إلى الحكومة".
وقرّر، اليوم الخميس، رئيس الحكومة الحبيب الصيد، إقالة محافظ قفصة، من دون توضيح الأسباب، وترجع مصادر أسباب الإقالة إلى مشاكل الجهة، وعجز المحافظ عن إقناع المحتجين في الحوض المنجمي الذين عطلوا إنتاج الفوسفات.
في ذات السياق، قام عدد من العاطلين عن العمل، في منطقة جبل الجلود بضواحي العاصمة، بغلق أحد الطرقات القريبة من مصنع للإسمنت في المنطقة، للمطالبة بالتشغيل في المصنع. وفي المقابل، وجّه عدد من المواطنين نداء إلى السلطات للتدخل لفتح الطريق نتيجة تعطل مصالحهم.
ويذكر أن عددا من الجهات تشهد تحركات احتجاجية مطالبة بالتشغيل، حيث هدد عدد من العاطلين عن العمل، في محافظة جندوبة، شمال غربي تونس، بالانتحار الجماعي يوم السبت الماضي، وعبروا عن اعتزامهم القدوم إلى ساحة الحكومة في القصبة، في حال لم يتم التوصل إلى حلول جذرية حول مشكلة البطالة.
وعمد معتصمو حملة "خدمني" (أي شغّلني) من العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا، بمعتمدية منزل بوزيان من محافظة سيدي بوزيد، أمس الأول الثلاثاء، إلى منع السيارات الإدارية من العبور بالطريق الرابطة بين محافظتي صفاقس وقفصة، احتجاجا على بطالتهم.
وفي مقابل هذه الاحتجاجات، قدّم أحد معتمدي (ممثل المحافظ في المدينة)، منطقة الحامّة من محافظة قابس بالجنوب التونسي، استقالته بصفة رسمية إلى الجهات المعنية، مرجعا سبب الاستقالة إلى سوء التفاهم مع السلطات الجهوية فيما يخص التعامل مع مطالب الجهة في التنمية والتشغيل.
ويذكر أن معتمدية الحامة، من محافظة قابس، تعيش وضعية خاصة بعد الاحتجاجات الأخيرة التي أدت إلى حرق منطقة الأمن وغلق المعتمدية واستقالة رئيس النيابة الخصوصية للبلدية.
وقال عبد الرحمان الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لـ"العربي الجديد"، إن الاحتجاجات "لن تهدأ أبدا، بل تعتبر مؤشرا لمنعرج خطير ستشهده البلاد، في ظلّ تنامي ظاهرة العنف من جهة، وانعدام الثقة في الحكومة والقائمين عليها من جهة أخرى".
وأكّد الهذيلي أن "عدم الاهتمام بهذا الاحتقان في ظل الظروف والمتغيرات التي قد تشهدها ليبيا من شأنه أن يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، وكان من الأولى طي ملفات الجبهات الداخلية المفتوحة على مصراعيها ورسم استراتيجيات ورؤى واضحة لملف التشغيل والبطالة، عوضا عن إغلاق قنوات الحوار ومنع المحتجين من التعبير عن مطالبهم".
اقرأ أيضا:معاناة القصرين: نموذج لمدن تونسية منسية تنتفض على واقعها