أعاقت الحرب المستمرة في مناطق يمنية مختلفة، عملية نقل مرتبات الموظفين الحكوميين والمتقاعدين من مقرّ البنك المركزي اليمني عبر الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي الحكومية، إلى أصحابها في كل أرجاء البلاد. أرباب آلاف الأسر الذين يعملون في وظائف حكومية، يشكون من تأخر مرتباتهم لأسابيع وأشهر في بعض الأحيان. وهو ما ينعكس سلباً على أوضاعهم المعيشية.
على الرغم من توقّف الحرب في محافظة لحج (جنوب)، إلا أن آثارها ما زالت مستمرة على مختلف المستويات. ولعلّ أبرزها تأخر مرتبات الموظفين الحكوميين والمتقاعدين، لا سيّما بعد تضرّر المركز الرئيسي لمكتب البريد في مدينة صبر. ويضطر عبدالله سالم على سبيل المثال، إلى السفر إلى محافظة عدن لاستلام مرتبه التقاعدي كل شهر. بذلك، يكون قد صرف جزءاً كبيراً من ذلك المرتّب لسدّ مصاريف السفر. يقول: "تتأخر رواتبنا لأسبوع أو اثنَين حتى تصل إلى المكاتب التي عادت إلى العمل بعد توقفها بسبب الحرب. لكنني أضطر إلى السفر إذا تأخر وصولها أكثر من ذلك". ويشير إلى أن متقاعدين كثيرين يعجزون عن السفر لأن المرتبات التي يستلمونها متواضعة جداً، فيفضلون الانتظار.
ويلجأ سالم إلى الاقتراض، إلى حين تسلّمه مستحقاته المالية. لكن، من بين الذين كانوا يقرضونه، ثمّة من يتذمّر بسبب تكرّر الأمر. ويخبر أنه "منذ أشهر، أشتري المواد الغذائية الضرورية من البقّال المجاور للمنزل على الحساب، كذلك فإنني أقترض المال من بعض الأصدقاء. وقد بدأت أشعر بالخجل".
لا يختلف وضع خاتمة علي عن بقية الموظفين والمتقاعدين المتأثرين من عدم تسلم مستحقاتهم ورواتبهم المالية نهاية كل شهر. لكنها تعاني نتيجة عدم قدرتها على توفير بدائل في حال تأخر مكتب البريد الموجود في منطقتها في تسليم مرتّب زوجها المتوفي. تقول: "المرتّب ضئيل جداً. ولا يأتي نصف الشهر، حتى يكون قد انتهى. بالتالي، نعاني من حاجة كبيرة إلى المال، لكن المرتّب التالي يتأخر فوق كل ذلك". بمجرّد أن ينتهي الشهر، تقصد مكتب البريد. وتتردّد إليه يومياً، قبل أن تستلم الراتب بعد أسبوع أو عشرة أيام أو حتى نصف شهر.
وتخبر علي أنها تقف أحياناً مع نساء كثيرات لساعات طويلة أمام مكتب البريد، في انتظار تسليمهن مستحقاتهن المالية. لكن العاملين في البريد يبررون تأخير تسليمها، بعدم توفر السيولة في البنك المركزي. وتؤكد أنها وبناتها لا يملكن أي مصدر دخل منتظم آخر، غير مرتب زوجها الجندي المتوفي منذ سنوات. وتلفت إلى أن "فاعلي الخير يسعفونني بين فترة وأخرى.
لكن تأخر تسليم مرتبي في نهاية الشهر كما هو مقرر، يجعلني أعيش وأسرتي أوضاعاً صعبة". وتتهم علي بعض العاملين في البريد بالمتاجرة بأموال الموظفين والمتقاعدين قبل تسليمها لأصحابها، قائلة إنها مبالغ كبيرة ويمكن استثمارها في المصارف. لهذا يتأخرون عن دفعها. تضيف: "لم تكن رواتبنا تتأخر في السابق، لكن عدم وجود رقابة بسبب الحرب، يساعد العاملين في البريد والمصارف على التلاعب بهذه الأموال".
في هذا الإطار، يقول مصدر في الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي إن "الهيئة تحاول تسخير كل إمكانياتها لمواجهة كل العوائق التي تواجه البريد، بهدف عدم حرمان الموظفين والمتقاعدين من حقوقهم الشهرية. لكن البريد في كثير من الأحيان يعجز عن فعل أي شيء، في حال كانت الطرقات مقطوعة أو قامت عصابات مسلحة بالسطو على المرتبات والمستحقات المالية". يضيف لـ "العربي الجديد" أن الجماعات المسلحة "سطت على أموال خاصة بالموظفين خلال الأشهر الماضية، وأن أغلب هذه العمليات تمت في المحافظات الجنوبية". لكنه مع ذلك، يشير إلى أن التأخير أحياناً يكون ناجماً عن تأخر البنك المركزي اليمني في تسليم المخصصات المالية للقطاعات الحكومية.
اقرأ أيضاً: صيادو اليمن بلا عمل والبحر زاخر