يحتفل، اليوم الأربعاء، عشرات الآلاف من أبناء الديانة الصابئية في العراق، بأحد أشهر أعيادهم السنوية، وهو عيد الخليقة، أو ما يعرف عندهم بعيد (البرونايا)، ويقضون احتفالاتهم عند ضفاف الأنهار لمدة خمسة أيام متتالية، بدءاً من 16 مارس/آذار الجاري.
ويحيي أبناء الديانة عيدهم الثاني بعيداً عن مدنهم ومنازلهم، والتي غادروها عقب احتلال تنظيم الدولة الإسلامية مدن شمال وغرب العراق كباقي الطوائف الأخرى، ما يفقد العيد جانباً مهماً من طقوسه السنوية، ومنها التعميد على ضفاف الأنهار، والذي يعتبر من الأركان الأساسية للحياة.
يعتقد الصابئة أن أبواب النور تفتح في هذه الأيام، وتتنزل الملائكة والأرواح الطاهرة من السماء على الأرض، لتصبح الأرض جزءاً من عالم النور.
وهجر الصابئة ديارهم منذ نحو عامين، مع تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، النسبة الأكبر منهم غادرت نحو كردستان شمال العراق، ومنهم من توجه إلى مختلف الدول الأوروبية.
ووجد الصابئة بديلاً عن نهر دجلة، حيث كانوا يمارسون طقوس التعميد في مياهه سابقاً، واستعاضوا عنه بمياه العيون والشلالات المنتشرة في شمال البلاد بين الجبال والوديان.
اقرأ أيضاً: فوانيس الصين.. تُضاء في مهرجانها للفرح
هيوار ديال (41 عاماً) من أبناء الصابئة المندائيين أوضح، لـ"العربي الجديد"، أن "احتفالات الصابئة كانت تجري كل عام بعيد "الخليقة" أو ما يعرف عندنا بعيد (البرونايا) على ضفاف نهر دجلة في بغداد، حيث تجري طقوس التعميد، لكن بسبب الأوضاع الأمنية هاجر الصابئة نحو كردستان بحثاً عن الأمن".
وأضاف ديال "مع ابتعادنا عن مياه الأنهار بسبب النزوح والهجرة، استعضنا عنه بمياه العيون والشلالات في كردستان العراق".
ويبلغ عدد الصابئة المندائيين في العراق نحو 200 ألف نسمة، هاجر كثيرون منهم إلى مناطق وسط وجنوب العراق مع اشتداد التدهور الأمني بين عامي 2006 -2007، ثم هاجرت الغالبية العظمى منهم نحو كردستان وأوروبا خلال العامين الأخيرين 2014-2015.
وبين بسيم بهيرا (33 عاماً) أن "أبناء الصابئة لهم جذور تاريخية في العراق، وعاشوا إلى جانب الطوائف والديانات المتعددة في البلاد منذ آلاف السنين جنباً إلى جنب، لكن أوضاع البلاد الأمنية غير المناسبة دفعت أغلبهم إلى الهجرة والنزوح". وتابع أن "الصابئة في العراق حالهم كحال باقي المذاهب والطوائف والأديان الأخرى، تعرضوا لمخاطر عديدة".
وتتضمن احتفالات الصابئة بهذا العيد إقامة صلاة الصبح ثم التعميد في مياه الأنهار أو العيون والشلالات، شرط أن يكون الماء جارياً، ثم يبدؤون بنحر الذبائح وإقامة الولائم على أرواح المتوفين من أبناء الطائفة.
كما شرح أحد أبناء الصابئة، وسيم عاطف (54 عاماً)، أن "عيد الخليقة الذي يصادف اليوم، يستمر خمسة أيام نسميها الأيام البيضاء، وتجري خلالها مراسيم التعميد في المياه الجارية ونحر الذبائح وإقامة الولائم على أرواح المتوفين".
يتابع عاطف "كانت الأسر الصابئية تجتمع في منطقة الجادرية ببغداد على ضفاف نهر دجلة كل عام، احتفالاً بعيد الخليقة، وتستقبل المهنئين والضيوف، ولكن بسبب الظروف الأمنية والهجرة بدأنا نعتمد في طقوس التعميد على مياه العيون والشلالات".
اقرأ أيضاً: الأربعاء الأحمر في إيران