عاد الصراع على الأراضي للظهور مجدداً في الجزائر، حيث دخلت العديد من العائلات في حرب مفتوحة بسبب "أرض العروش"، وهي حرب تخمد لكن سرعان ما تشتعل مجدداً.
وشهدت منطقة "الهنشر تومغني" بمنطقة عين لكرشة بولاية أم البواقي،(610 كيلومترات شرقي العاصمة الجزائرية) خلافاً بين شخصين، تطور في لحظات غضب إلى صراع بالأيدي ثم الخناجر، والسبب "قطعة أرض"، بعدما رفضت إحدى العائلات قيام فرد من عائلة أخرى بحرثها ليتحول الأمر إلى صراع عنيف، أدى إلى إصابات متفاوتة الخطورة بين الطرفين.
وفي الجنوب الجزائري تبقى أراضي "العروشية"، وهو الاسم المحلي للقبائل الكبرى، سبب صراع دائم بين القبائل، ومدخلاً للعداء الكبير بين العائلات.
في هذا الصدد، قال الإعلامي مبارك دفة، لـ"العربي الجديد": "تشهد منطقة أدرار(1300 كيلومتر جنوبي العاصمة الجزائرية) خلافات متواصلة بين العائلات بسبب الأرض. في قصر القصيبة ببلدية بودة، تسببت النزاعات بزرع العداوة بين السكان، وبلغت حد التفرقة فيما بينهم في المسجد، حيث يؤدي غالبيتهم صلاة الجمعة وكذا صلاة العيد في قصري "لغمارة" أو "لعماريين"، هروباً من مسجد القصر الذي يقوم على شؤونه "خصومهم" في النزاعات حول الأراضي.
ولأن الأرض موطن الإنسان، منها يأكل وفوقها يعيش، فإنه تظل بحسب المختص في علم اجتماع السكان بجامعة قسنطينة، نور الدين بن عبد الرحمن، محل النزاعات والفتن بين القبائل والعائلات والعروش في عدد من المدن الجزائرية.
وقال بن عبد الرحمن لـ"العربي الجديد"، إنها تسمى بأرض "العروشية" بمعنى أنها ملكية مشتركة تركها الأجداد، لا تُباع ولا تُشترى إلا بالتفاهم بين أفراد العرش وهم العائلة الكبرى في المنطقة".
وعزا عالم الاجتماع، تجدد المواجهات بين طرفين حول الأرض إلى ضعف السلطات المحلية في المدن الداخلية، وغياب القوانين، مشيراً إلى أن "العروش" يتحكمون في الكثير من المدن الداخلية الجزائرية وأيضاً في القرى.
ولعقد من الزمن كادت قضية أرض محاذية لمقبرة بمنطقة "قصر مليكة" بولاية غرداية (جنوب الجزائر)، أن تعصف بهدوء المنطقة وتدخلها في دوامة الصراعات "الإثنية" المتواصلة بين عرشي "بني مزاب" و"الشعانبة".
وحرك الصراع المياه الراكدة في المنطقة، واندلعت المواجهات بين الجانبين لأيام معدودات، لولا تدخل كبار أعيان العرشين، لتعود الأمور إلى مجراها، وتستعيد المنطقة صفتها، كما عرفت عبر التاريخ مسالمة، ومثالاً للتعايش بين عرشين كبيرين.
قصة أرض "مليكة" تعود إلى الأذهان بحسب المتتبعين للشأن الاجتماعي في الجزائر، كلما استجدت قضية من قضايا ملف "العروشية"، وملكية أراضي إرث الأجداد، الذي يوقظ البركان النائم بين أبناء المنطقة الواحدة.
اقرأ أيضاً:"العروشيّة" تستعرّ في تونس