وأظهرت البيانات الرّسمية، أن أطفالاً لا يتجاوزون التاسعة من العمر، كانوا من بين أولئك الذين أحيلوا أو تم التبليغ عنهم إلى البرنامج. وهي المرة الأولى التي ينشر فيها رئيس مجلس الشرطة الوطنية تلك المعلومات منذ بدأت السلطات المحليّة تطبيق القانون الجديد في يونيو/حزيران من العام الماضي، لمنع التطرّف من إيجاد مكان له بين جدران السجون والمدارس وغيرها.
وكتبت صحيفة "ذا غارديان" أنّ الارتفاع الكبير في عدد الإحالات، يؤشّر إلى أنّ الهيئات العامة باتت أكثر يقظة وحذرا في تنبيه السلطات عن الأفراد التي تعتقد أنّهم معرّضون لخطر التطرّف، إذ بلغ معدّل الإحالات اليومية 11 حالة خلال هذا العام.
بدورها، قالت الدكتورة إرين سالتمان، من كبار الباحثين في مكافحة التطرف في معهد "الحوار الإستراتيجي"، إنّ ذلك يدلّ على أمرين، أولّهما أنّ هناك وعياً كبيراً حول مسألة التطرّف لم يكن موجوداً من قبل، وثانيهما ارتفاع نسبة الخوف بين العامة.
ويعتقد كثيرون أنّ المسلمين سكنوا بريطانيا قبل عشرات السنين فقط، لكنّهم في الواقع كانوا جزءاً من تاريخ البلاد لوقت أطول بكثير ممّا قد يتصوّره البعض.ويعود تاريخ وجود المسلمين في بريطانيا إلى عهد الملكة إليزابيث، التي طردها البابا بيوس الخامس في عام 1570، وعزلها عن أوروبا الكاثوليكية. ما سمح لها بالتصرّف خارج مراسيم البابوية التي كانت تحظّر التعامل التجاري مع المسلمين أو إنشاء التحالفات السياسية مع أي دولة إسلامية. وعاش المسلمون منذ القرن السادس عشر في بريطانيا، كما شاركوا في حروبها وقدّموا التضحيات، خصوصاً خلال الحربين العالميتين.
بيد أنّ الصراعات الحالية المشتعلة في منطقة الشّرق الأوسط، وقيام جماعات متطرّفة أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"؛ ساهمت في خلق آراء جديدة لدى المواطن الغربي، بعدما شوّهت صورة المسلم في مجتمعاتها، خصوصاً مع التحاق شباب بريطانيين مسلمين بالقتال إلى جانب تلك الجماعات المتطرّفة في سورية والعراق.
أدّى كلّ ذلك إلى إثارة مخاوف، تبعتها تحرّكات فرضت بموجبها الحكومة البريطانية قانوناً جديداً على السّجون والخدمات الصحيّة الوطنية والمدارس، لمعالجة حالات التطرّف.
وكشفت صحيفة "ذا غارديان" الأسبوع الماضي عن موظفين في مدرسة للأطفال في مدينة لوتون شرق بريطانيا، هدّدوا بإحالة طفل في الرابعة من العمر إلى برنامج مكافحة التطرّف، بعدما رسم صوراً اعتقدوا أنّها تظهر والده يصنع "عبوة ناسفة". وفي الواقع رسم الطفل، والده وهو يقطع الخيار بسكّين.
من جهتها قالت والدة الطفل، إنّهم لم ينصتوا إلى شرح ابنها، واعتقدوا أنها نوع من العبوات الناسفة.
في المقابل، قالت الدكتورة سالتمان، إنّ المشكلة الحقيقية تكمن في الغموض الذي يواجهه المدرّسون حول كيفية ملاحظة أو اكتشاف علامات التطرّف. ولفتت إلى أنّ تبديل نمط الثياب أو تحوّل الرغبة في التحدّث مع المدرّسين والأهل، قد تكون دلائل ينبغي أخذها بعين الاعتبار لدى المراهقين. وأنّ المدرسين خائفون ويريدون حماية طلاّبهم لكنّهم لم يدربوا للقيام بذلك.
وتشير البيانات الصادرة في يناير/كانون الثاني، إلى وجود 415 طفلاً ممن هم دون العاشرة، مقابل 1424 مراهقاً وطفلاً تتراوح أعمارهم بين الحادية عشرة والخامسة عشرة، ضمن الأربعة آلاف شخص الذين أحيلوا إلى برنامج مكافحة الإرهاب.
ويواجه البرنامج انتقادات واسعة، حيث وصفت حكومة حزب العمال بعد تفجيرات لندن 2005، البرنامج الذي يكلّف 40 مليون جنيه إسترليني سنوياً، والمعروف باسم "MI5 Islam"، بأنّه أشبه بـ"برنامج رقابة على المسلمين".
اقرأ أيضاً: مؤتمر لنشر مناهج تعليم العربية والإسلام في بريطانيا