بحذاء مهترئ، تقفز فاطمة (10 سنوات)، بسعادة على حبل مصنوع من أسلاك كهربائية متصلة بعضها ببعض، بين الأطفال الذين يقضون معظم يومهم في الشارع، في أحد أحياء مدينة حلب، حيث تقيم مئات العائلات النازحة في مساكن غيرة مكتملة البناء.
تعود فاطمة مع حلول الظهيرة إلى المنزل بخطوات بطيئة ومترنحة، حاملة لعائلتها وعاءً ثقيلاً من المياه، "أنا لا أذهب للمدرسة. لقد تعبت من حمل المياه كل يوم. أحياناً تنسكب عليّ وأتبلّل بالكامل. أقف بالدور أمام صنبور المياه، لكنهم يضربونني أحياناً ويوقعونني أرضاً، فتتلوث ملابسي بالطين. يداي تؤلماني من حمل المياه. أتمنى أن تعود المياه إلى بيتنا". هذا ما قالته فاطمة، وفقاً لفيديو بثته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف".
ظاهرة حمل الأطفال للمياه بشكل يومي، باتت شائعة جداً في شوارع مدينة حلب، التي يعتمد سكانها بشكل أساسي على مياه الآبار في ظل الانقطاع المستمر للمياه.
يقول محمد، وهو أحد متطوعي الهلال الأحمر في حلب، لـ"العربي الجديد": "إن اليونيسيف ومنظمة الصليب الأحمر والهلال الأحمر يبذلون جهوداً كبيرة في سبيل توفير مياه آمنة للأهالي، وقد بدأ فريق الهلال أخيراً، مشروعاً لوصل مياه الآبار بتمديدات المياه الرئيسية لمحاربة ظاهرة حمل الأطفال للمياه".
ويضيف: "يقضي الأهل ساعات النهار في أعمالهم ويوكلون إلى الأطفال مهمة تعبئة المياه من الآبار وحملها للمنزل، ولا يدركون مدى المخاطر الصحية والنفسية التي يتكبّدها هؤلاء الأطفال. بت أرى أطفالاً يحنون ظهورهم من التعب وآخرين أيديهم خشنة وكبيرة كأيدي الكبار".
الأمم المتحدة اعتبرت، في تقرير صادر عنها، أمس الخميس، أن فاطمة وأمثالها من أطفال سورية، ممّن يتوجهون كل يوم إلى صنبور المياه العام في منطقتهم لتعبئة وعاء بالماء وحمله بأيدٍ صغيرة، سبب إضافي لضرورة انعقاد القمة العالمية للعمل الإنساني في مايو/ أيار بمدينة إسطنبول التركية، بهدف وضع حد للمعاناة التي يتكبدها ملايين البشر.
التقرير بيّن أن الحرمان من المياه في سورية أداة حرب بين أطراف الصراع، وهو ما يؤثر على ملايين المدنيين، مشيراً إلى أن "اليونيسيف" وثّقت حالات الانقطاع المتعمّد للمياه في مناطق، منها حلب ودمشق وريف دمشق ودرعا وحماه، وأن أكثر من خمسة ملايين سوري في عام 2015 واجهوا نقصاً في المياه يهدد الحياة.