وحادثة الطالبة المذكورة لم تكن الأولى هذا العام، ولم يكن لها أن تُكتشف لو لم تلاحظ إحدى الموظفات الفتاة (24 عاماً) في حالة يرثى لها، فذوو الإعاقات العقلية أو الجسدية لا يحظون بالاهتمام الكافي، وكثيراً ما يتعرضون للاعتداء، ولكن قليل من تلك الاعتداءات يشق طريقه نحو الإعلام.
ومؤخراً كشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أن وزارة الصحة شكلت لجنة عاجلة للتحقيق في شكوى جديدة طاولت مجمع الأمل للصحة النفسية بالمدينة المنورة، هي السابعة خلال أقل من عامين.
من جانبها، تؤكد جمعية حقوق الإنسان أنها رصدت أكثر من 40 اعتداء في مراكز التأهيل الشامل العام الماضي، نتج عن آخرها وفاة الطفلة حسناء في مركز التأهيل في حائل بعد اعتداء عاملة في المركز عليها. وقبل ذلك اتهمت سيدة سعودية العاملين في مركز مشابه في الطائف بالتسبب في وفاة ابنها من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت الأم لـ"العربي الجديد" في حينه: "هم من تسبب في وفاة ابني المعاق (49 عاماً) بعد أن تعرض للضرب داخل المركز، وحتى اليوم لم نحصل على تقرير رسمي بسبب الوفاة، لأنهم يعلمون أن النتيجة لن تكون في صالحهم".
ولا يقتصر الأمر على الاعتداء الجسدي، فمنذ أشهر قبضت شرطة محافظة المجمعة (وسط السعودية) على عامل نظافة تحرش جنسياً بمصاب بالتخلف العقلي لا يتجاوز عمره 17 عاماً، ولم يتم القبض عليه إلا عن طريق الصدفة خلال جولة تفتيشية للمراقبين.
وأكد أستاذ الطب الطبيعي الدكتور محمد الربيعة أن "كثرة الحوادث الناتجة عن الإهمال في مركز التأهيل الشامل أمر يحتاج لبحث وعلاج سريع، لأن الأمر تجاوز عمليات الإيذاء والإهمال إلى التسبب في وفاة المرضى".
وتابع "خلال العامين الماضيين رصد أكثر من 75 حالة اعتداء أو إهمال من قبل موظفين في تلك المراكز، وهذا الرقم الكبير لم يكن ليحدث لو كانت هناك رقابة صارمة من قبل المسؤولين عن تلك المراكز".
من جانب آخر، شددت أستاذة العلوم الاجتماعية الدكتور سمر الموسى على أن قضية فتاة الجوف هي واحدة من القضايا التي تعج بها وزارتا الشؤون الاجتماعية والصحة وتتعلق بسوء التعامل مع المرضى.
وقالت لـ"العربي الجديد": "لم تكن الأولى، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، لأن كل القضايا والجرائم التي حصلت وراح ضحيتها معاقون لم تكن كافية في نظر الوزارات المسؤولة لتصحيح الأخطاء، ووضع أنظمة تحمي هؤلاء المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة"، مضيفة "قبل ستة أشهر تابعنا قضية الأم التي مات أبنها المعاق جراء سوء التعامل معه، والاعتداء عليه، وماذا حدث بعد ذلك؟ لا شيء، تم تنويم القضية وكأنها لم تحدث، مع أنني توقعت أن تحدث زلزالاً لدى الجهات المعنية، فالاعتداء والإهمال هذه المرة تسبب في إزهاق روح بريئة".
"العربي الجديد" حاول الاتصال بوزارة الشؤون الاجتماعية للتعليق على القضية، ولكن المتحدث الإعلامي لم يتجاوب، في حين أن الوزارة تعترف بالخلل، وكشفت أنها فصلت 527 من موظفيها العام الماضي، بعد أن ثبت تورطهم في حوادث اعتداء على المرضى، بيد أنه من الواضح أن هذه الإجراءات لم تكن كافية، فما زالت الحوادث تقع.