يذكر صالح عبد الكريم عام 2009 جيداً. كيف لا وقد انقلبت حياته رأساً على عقب. قبل هذا العام، كان عاملاً نشيطاً يقضي يومه بين ورشات البناء، قبل أن يصير مقعداً على كرسي متحرّك. في شهر ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، كان يشيّد حائطاً يصل علوه إلى ثمانية أمتار، من دون أن يستند إلى حاجز يحميه من السقوط. لم يكن يتوقع أن يسقط وتبتر ساقه اليمنى. ومنذ ذلك التاريخ، بات غير قادر على السير أو العمل.
اليوم، يجلس على كرسيّه المتحرّك ويجول بين الأحياء لبيع المناديل. يحصل على منحة الفقر التي تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية، وتبلغ قيمتها 60 دولاراً شهرياً. وهذا لا يكفيه لتأمين مصاريف عائلته، ما دفع زوجته إلى العمل في مجال التنظيف في مقابل أجر لا يتجاوز المائة وخمسين دولاراً.
حال شكري لا يختلف كثيراً عن حال صالح. هو أيضاً كان يعمل في مجال البناء على مدى أكثر من عشر سنوات، لكنّه سقط من مكان مرتفع وأصيب في ظهره وفقد القدرة على المشي. يقول شكري إنّه لم يفكر يوماً في استخدام الحواجز التي تحميه من الحوادث، ولم يكن يتوقع أن يتعرّض لحادث قد يفقده القدرة على المشي. اليوم، يشعر بالندم لأنّه لم يلتزم بتدابير السلامة، أقله من أجل عائلته، وقد أصبح عاجزاً عن العمل. أكثر ما يحزنه أن إصابته دفعت ابنه إلى ترك المدرسة والعمل لإعالة الأسرة.
اليوم، يجلس على كرسيّه المتحرّك ويجول بين الأحياء لبيع المناديل. يحصل على منحة الفقر التي تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية، وتبلغ قيمتها 60 دولاراً شهرياً. وهذا لا يكفيه لتأمين مصاريف عائلته، ما دفع زوجته إلى العمل في مجال التنظيف في مقابل أجر لا يتجاوز المائة وخمسين دولاراً.
حال شكري لا يختلف كثيراً عن حال صالح. هو أيضاً كان يعمل في مجال البناء على مدى أكثر من عشر سنوات، لكنّه سقط من مكان مرتفع وأصيب في ظهره وفقد القدرة على المشي. يقول شكري إنّه لم يفكر يوماً في استخدام الحواجز التي تحميه من الحوادث، ولم يكن يتوقع أن يتعرّض لحادث قد يفقده القدرة على المشي. اليوم، يشعر بالندم لأنّه لم يلتزم بتدابير السلامة، أقله من أجل عائلته، وقد أصبح عاجزاً عن العمل. أكثر ما يحزنه أن إصابته دفعت ابنه إلى ترك المدرسة والعمل لإعالة الأسرة.
سنوياً، تسجّل آلاف الإصابات في أماكن العمل، لا سيما في قطاع البناء. وبيّنت إحصائيات الصندوق الوطني للتأمين أنّ قطاع البناء يحتلّ الصدارة لناحية حوادث العمل. ويشغل قطاع البناء والأشغال العامة ما بين 110 و120 ألف عامل، علماً أن 42.2 في المائة من الحوادث القاتلة تسجل في أماكن العمل، بسبب سقوط الأشخاص من أماكن مرتفعة أو سقوط آلات حادة عليهم أثناء العمل وغيرها.
غالبيّة تقارير المنظّمات الصحية تشير إلى أن جميع الحوادث ترتبط بعدم اتخاذ بعض أصحاب العمل الإجراءات اللازمة للوقاية من الأخطار المهنية. وغالباً ما لا يكون هناك وسائل وقائية متينة تحمي من خطر السقوط من أعلى، بالإضافة إلى عدم حماية الأجزاء المتحرّكة للآلات. وعلى الرغم من الحرص على تطوير الجانب الوقائي في أماكن العمل، وتوعية أصحاب المؤسسات لتأمين كل ما يضمن سلامة العمل، من خلال تنظيم 1300 زيارة ميدانية إلى مواقع العمل، إلا أن حوادث العمل، بحسب قسم الصحة والسلامة المهنية في اتحاد الشغل، ترتبط بعدم التطبيق الأمثل لقوانين العمل وتشريعاته من قبل المؤسسات، لناحية عدم الالتزام بالمواصفات العالمية في مجال الصحة والسلامة المهنية.
منعم بوغانمي (32 عاماً) تعرّض أيضاً لحادث خلال تركيبه نوافذ أحد المباني. في ذلك اليوم، سقطت على يده اليمنى آلة حادة من طابق أعلى، ما أدى إلى إصابته بجروح والتهابات أدّت إلى بتر يده. يشير إلى أنّه لم يحصل على تعويض أو حتى مصاريف العلاج. يلفت إلى أن قطاع البناء مهمّش، وغالبية الذين تعرّضوا لحوادث يعملون في مجالات البناء على حسابهم الخاص، علماً أن بعض الشركات تهتم بتأمين تدابير السلامة، خصوصاً بعد تكثيف مراقبة فرق السلامة المهنية.
في هذا السياق، يقول مدير الوقاية من الأخطار المهنية بالكنام رفيق الدخل: "للسنة الثانية على التوالي، سجّلنا تراجعاً ملحوظاً في عدد حوادث العمل بسبب تكثيف الزيارات الميدانية، بمشاركة أكثر من 20 مهندساً من المتخصّصين في الوقاية والسلامة المهنية، وتوعية المؤسّسات والشركات حول أهمية الاستثمار في مجال الوقاية من الحوادث، وتقديم النصائح الضرورية لتفادي حصول حوادث خطيرة أو قاتلة". يضيف أنّ قطاع البناء الذي كان يسجّل ما بين 7 و8 آلاف حادث عمل سجل عام 2014 تراجعاً ملحوظاً في عدد هذه الحوادث، والتي بلغت 3871 حادثاً.
وسجّل عدد حوادث العمل القاتلة تراجعاً ملحوظاً عام 2015 بنسبة 33 في المائة بالمقارنة مع عام 2014. وبلغت نسبة الحوادث المتعلّقة بسقوط الأشخاص من أماكن مرتفعة نحو 19.3 في المائة، والتعرض للتيار الكهربائي 16.9 في المائة، وسقوط آلات حادة 2.4 في المائة. وبالنسبة للإصابات المعلن عنها خلال عام 2015، فقد بلغت 1332 إصابة في مقابل 1309 خلال عام 2014. تجدر الإشارة إلى أن معظم الإصابات تصيب العظام والأطراف بنسبة 61 في المائة، يليها الصمم بنسبة 11.5 بالمئة، والأمراض التنفسية بنسبة 9.5 في المائة.