أكدت الحكومة المحلية في إقليم خيبر بختونخوا، شمال غرب باكستان، حيث يعيش معظم اللاجئين الأفغان، أنّها لن تسمح للأفغان بالعبور من الحدود من دون أوراق رسمية، وأنها مصممة على ترحيل جميع الأفغان الذين يعيشون في باكستان حالياً بطرق غير شرعية.
ليست المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات الباكستانية فرض قيود بين الدولتين. لكن يبدو أنها مصممة هذه المرة على تطبيق ما أعلنته من إجراءات من أجل تنظيم الحركة على الحدود مع أفغانستان التي تمتد على نحو 2500 كيلومتر. السلطات الباكستانية تؤكد أنّ المسلحين يستخدمون الحدود للتنقل بين الدولتين، وأنها تريد بفرضها القيود قطع الطريق عليهم.
بعكس ما تراه الحكومة الباكستانية، يظنّ المراقبون أنّ المسلحين لا يستخدمون المنافذ الحدودية، إنما يتحركون من خلال عشرات الطرقات الجبلية الوعرة. يضيفون أنّ إغلاق تلك الطرقات ومراقبتها غير ممكن، لا سيما أنّ الحدود بين الدولتين طويلة المسافة.
في المقابل، تشكل القيود التي فرضت السلطات الباكستانية بعضها، ومن المتوقع أن تفرض أخرى هذا الشهر، صعوبات كثيرة للقبائل التي تقطن على طرفَي الحدود، لا سيّما أنّ بينها علاقات أسرية ومصالح تجارية واقتصادية كثيرة. وهو ما دفع القبائل إلى التعبير عن قلقها الشديد من الخطوة، فعقدت اجتماعات طالبت من خلالها الحكومة الباكستانية بإعادة النظر في القرار، إذ هو يعرقل كثيراً من أمور حياتها. آخر تلك الاجتماعات عُقد في مدينة جلال أباد، عاصمة إقليم ننجرهار المجاور للحدود الباكستانية في شرق أفغانستان، الأسبوع الماضي، وقد شارك فيه زعماء قبائل شنواري ومهمند القاطنة على طرفي الحدود بين باكستان وأفغانستان. وجدد شيوخ القبائل مطالبتهم بإعادة النظر في القرار.
في هذا الإطار، يؤكد الزعيم القبلي ملك زرين من قبائل شنواري أنّ القبائل لن تخضع للقوانين والقيود الجديدة، وأفرادها يعبرون الحدود من دون أوراق رسمية، منذ عقود. يتابع: "بيننا وبين الذين يعيشون على الطرف الثاني علاقات أسرية، والمسافة بيننا وبينهم قد لا تكون أكثر من نصف ساعة، بينما المسافة بيننا وبين مدينة جلال آباد التي من المفترض أن نمضي إليها للحصول على التأشيرة ساعات عديدة".
يطلب زرين من الحكومة الباكستانية إلغاء هذا الإجراء أو على الأقل استثناء القبائل المتاخمة لطرفَي الحدود منه، لأنّها كثيرة هي أمور حياتها التي تربط بين الطرفين، حتى أنّ الإجراء يفرّق أحياناً بين أفراد قبيلة واحدة ينقسم أفرادها بين طرفَي الحدود.
من جهته، يقول الشيخ القبلي ولي خان، من قبائل مهمند: "أبناؤنا تزوجوا من القبائل على الطرف الثاني، كما هم تزوجوا منا. بالتالي، نحن بحاجة إلى المشاركة في الأفراح ونكون على صلة دائمة بأقاربنا هناك. أما أن نُلزم بهدف زيارتهم بالحصول على التأشيرة وجواز السفر وهم لا يبعدون عنا إلا بضعة كيلومترات، فهو أمر غير معقول ولا يمكن العمل به. إذا مُنعنا سنستخدم طرقات وعرة على امتداد الحدود من أجل التواصل مع الطرف الثاني".
ليست القبائل وحدها قلقة إزاء الإجراءات الباكستانية على الحدود، بل جميع الأفغان، خصوصاً اللاجئين في باكستان الذين لهم مصالح في البلدين. يجتمع صباح كلّ يوم آلاف الأفغان على طرفَي الحدود ينتظرون دورهم للتسجيل لدى السلطات الباكستانية، التي تسمح فقط للذين يحملون تأشيرة وبطاقة اللاجئين التي أصدرتها الحكومة الباكستانية، بالدخول إلى باكستان والخروج منها. أما الذين لا يملكون جواز سفر وبطاقة لاجئين، فينتظرون طوال النهار على الحدود. ويرجع بعضهم في المساء بينما يتمكن آخرون من عبور الحدود بذريعة أو بأخرى. وهو ما يؤكده محمد فريد، الذي حاول أن يأخذ أمه المصابة بمرض في ظهرها إلى باكستان لتلقي العلاج. انتظر الرجل وأمه طوال النهار على الحدود. حاول أن يدفع المال كي يسمحوا لهما بالذهاب ولم ينجح في ذلك، فعاد إلى كابول.
أما عبد الواحد (23 عاماً)، فقد تمكّن من عبور الحدود، مع أنّه لم يكن يملك أيّ أوراق رسمية. يقول لـ"العربي الجديد": "ذهبت إلى نطقة تورخم الحدودية، وأشرت بيدي إلى أحد الحراس على الجانب الباكستاني، عندما اقترب من الباب وضعت في يده ألف روبية (10 دولارات أميركية)". وبلا توقف، أخذ الحارس الشاب إلى الجانب الثاني من الحدود من دون أن يسأل أحد عنه. يضيف أنّ عشرات الأفغان يعبرون الحدود من دون أوراق لأنّهم يدفعون الرشاوى لحرس الحدود.
تبقى الإشارة إلى أنّ قضية الحدود أثيرت مجدداً بعد الهجوم الدموي لحركة طالبان على جامعة بادشاه خان في مدينة تشارسده في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.