وأكدت مسؤولة البرنامج الوطني في مكتب مكافحة المخدرات والجريمة بالأمم المتحدة، رينيه صباغ، "تواتر مؤشرات الاتجار بالبشر في عدة مجالات في لبنان، كشبكة العبودية الجنسية التي تم الكشف عنها في بيروت قبل أشهر"، وشددت على "تنوع الجرائم المرتكبة والمتلازمة مع الاتجار بالبشر، كالاستغلال الجنسي والاستغلال في مجالات العمل".
وأضافت صباغ أن "التحدي يتمثل في الوقاية، وقد خطت لبنان الخطوة الأولى من خلال إقرار قانون تجريم الاتجار بالبشر عام 2011، ولكن القانون بحاجة لإقرار كافة مراسيمه التشريعية، وتحديدا تلك الخاصة بتعويض الضحايا".
وأكد ممثل مؤسسة "فريدريش أيبرت"، أخيم فوغت، على ضرورة معالجة الموضوع من وجهة نظر الضحايا، "والبحث في الخلفيات التي حولتهم إلى ضحايا باعتبارهم من الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع". وقال فوغت إن "هدف الورشة هو جمع طرفي المسألة، الضحايا من جهة والقانونيين والحقوقيين وممثلي القوى الأمنية وجهات إنفاذ القانون، لتحديد سبل التدخل الأفضل لحماية الضحايا وإعادة دمجهم اجتماعياً".
وربط المفكر والباحث العراقي حسين شعبان، بين الاتجار بالبشر وتصاعد أعمال الإرهاب الدولي، "تحول الاتجار بالبشر بين دول الجوار السوري والعراقي وأوروبا إلى محصلة لأهوال الحرب ولعمليات التهجير والسبي والقتل التي مارستها تنظيمات إرهابية كـ(داعش) في مناطق سيطرتها".
وربط الباحث العراقي بين جريمة الاتجار بالبشر ومجموعة الجرائم التي رافقتها "كتجارة المخدرات والأسلحة وغسل الأموال وسرقة الأعضاء البشرية والاستغلال الجنسي للبشر، وجميعها جرائم وثقتها مؤسسات أممية ومحلية في سورية والعراق".
ويؤكد شعبان أن معالجة مشكلة الاتجار بالبشر "تساهم في خفض حدة التوتر بين دول المقر ودول الممر لحركة اللاجئين عبر البحار"، مشيراً إلى أن حل مشكلة الإتجار بالبشر يحتاج إلى "توزاي المسارين الديني والتمكيني من خلال إجراء مراجعة فقهية للجرائم التي مارستها التنظيمات الإرهابية مع تمكين الفئات الأكثر هشاشة في المجتمعين العراقي والسوري ومنحهم سبل الحياة من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية، لوقف هجرتهم وتعرضهم للاستغلال من قبل المهربين".
وتطرق مهند الدويكات، من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، إلى التشريعات الدولية والمحلية في الدول العربية التي تتناول جريمة الإتجار بالبشر، فأشار إلى "توقيع 19 دولة عربية على بروتوكول منع الاتجار بالبشر الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2000، وإقرار 4 دول عربية لتشريعات محلية تعزز فرص تطبيق البروتوكول الأممي وتساعد في مكافحة الاتجار بالبشر".
لكن دويكات ربط بين إقرار هذه التشريعات المحلية "وبين تعزيز قدرة الأجهزة الأمنية على إثبات عناصر جريمة الاتجار بالبشر على الصعيدين القانوني والفني"، كما انتقد عدم "حماية ضحايا الاتجار بالبشر وتمكينهم بشكل واضح وكاف في التشريعات المحلية التي أقرتها الدول".
وأكد أن أشكال "استغلال الفئات الأكثر تهميشا في المجتمع كعاملات المنازل الأجنبيات وضحايا الاستغلال الجنسي تتشابه في الدول العربية وتحتاج جميعها لعمليات دمج مجتمعي".
كما أشار نائب الممثل الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، طلال الجردي، إلى أهمية "مقاربة ملف الاتجار بالبشر من زاوية حقوقية، كون الجريمة تنتهك مجموعة حقوق أساسية للإنسان، منها الحق في التنقل والأمن والسلامة والاختيار الحر للعمل".
وربط الجردي بين "نمطية الفئات المستهدفة من قبل المتاجرين بالبشر، وهم الأشخاص ذوو الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية المهمشة، وبين وحدة الحلول التي يمكن تطبيقها للحد من عمليات الاتجار بالبشر".
واستندت المديرة العامة لكاريتاس لبنان، ريتا رحيم، إلى دراسات أعدتها الجمعية للإشارة إلى "المخاطر التي يتعرض لها الأطفال والنساء جراء الاتجار بهم"، وقالت رحيم إن "ظروف الأزمة السورية والعراقية دفعت عددا كبيرا من العائلات للبحث عن مصادر دخل كتزويج الفتيات أو إرسال الرجال لأزواجهن خارج البلدين للبحث عن عمل، لكن الظروف المعقدة حولت هذه المساعي ذات النية الحسنة إلى زواج قسري أو استغلال جنسي للسيدات. كما أُجبرت عائلات على تزويج بناتها القاصرات للمهربين نتيجة عدم قدرتهم على دفع كلفة التهريب بالمال".
ولم يسلم الأطفال أيضاً من الاستغلال الناتج من الاتجار بهم، "فتحول الأطفال إلى معيلين لأسرهم يعملون في الشارع لجمع الأموال ويتعرضون للتعنيف ولكافة أنواع الاستغلال، ومن لم يعمل في الشارع خضع لسطوة الشاويش في الأراضي الزراعية التي يعمل فيها مقابل مبالغ مالية ضئيلة أو حتى مقابل الإقامة في خيمة قرب هذه الأراضي".