أطلقت منظمة جزائرية نداء مرفقاً بعريضة توقيعات يستهدف استرجاع جماجم ورفات أبطال المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، والتي تحتفظ بها السلطات الفرنسية منذ القرن التاسع عشر في متحف الإنسان في باريس.
ووجهت المنظمة نداءً إلى كلّ المثقفين والإعلاميين والمؤرخين والشخصيات للتجنّد خلف هذه الدعوة و"استعادة جماجم أبطالنا حتى يجري دفنها كما يليق بمقام أصحابها مع رفاق السلاح".
وقالت المحامية المختصة في القانون الدولي فاطمة الزهراء بن براهم إنّ القوانين الفرنسية، وكذلك تلك المتعلقة بالهيئات الأممية مثل اليونسكو، تسمح باستعادة جماجم ورفات هؤلاء الشهداء.
ودعت بن براهم عائلات الشهداء إلى المساعدة في تقديم طلب رسمي إلى السلطات الفرنسية لاسترجاعها. وكان متحف الإنسان في باريس الذي يحتفظ بالجماجم قد اشترط طلباً مقدماً من العائلات للبدء في إجراءات تسليمها.
وتبنت الحكومة الجزائرية هذه الخطوة، وقال ممثل عن رئيس الحكومة خلال المنتدى إنّ القانون الدولي في صالح الجزائر في مسعاها هذا.
وتعد هذه المبادرة الثانية من نوعها، فقد أطلق ناشطون منذ عام 2011 عريضة وصلت توقيعاتها إلى 1600، للمطالبة باستعادة هذه الجماجم. يومها، قال المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي إنّه تم العثور على بقايا جثث جزائريين قاوموا الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر في المتحف الوطني (الفرنسي) للتاريخ الطبيعي أيضاً. وذكر أنّ بعض عظام الجثث محتفظ بها في هذا المتحف منذ تاريخ تأسيسه عام 1880.
ويصل عدد الشهداء أصحاب الجماجم والرفات في متحف الإنسان إلى 36 شهيداً، عدد منهم من قيادات المقاومة الشعبية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي مباشرة بعد الغزو الفرنسي. وأبرزهم محمد لمجد بن عبد المالك المعروف باسم شريف بوبغلة، والشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة في منطقة بسكرة جنوب الجزائر عام 1849، وموسى الدرقاوي، وسي مختار بن قديودر الطيطراوي، والرأس المحنطة لعيسى الحمادي الذي كان ضابطاً لدى شريف بوبغلة، وكذلك رأس الضابط محمد بن علال بن مبارك الذراع الأيمن للأمير عبد القادر.
وقبل أسبوعين، أعلن المسؤول في متحف الإنسان في باريس ميشال غيرو عن استعداده لدراسة جدية لطلب إعادة الجماجم. وقال: "نحن مستعدون لدراسة طلب تسليم جماجم الجزائريين المحفوظة في متحفنا وعددها 36، وليس هناك أي عائق قانوني لتسليمها". وأعلن أنّ تسليم هذه الجماجم التي تحمل رقماً تسلسلياً ممكن لكن بقرار سياسي. وتابع: "الطلب يجب أن يكون عبر الطرق الدبلوماسية، وليس من خلال جمعية ليس لها حق خاص حول هذه الرفات. كما أنّنا نعترف بحق العائلة والأحفاد".
أضاف غيرو: "الرفات والرؤوس الـ36، وهي عبارة عن هبات من أطباء عسكريين خلال الحقبة الاستعمارية، محفوظة في صناديق باهظة الثمن لتفادي تدهور حالتها. وهي صناديق من الورق المقوّى وضعت في خزانة حديدية مغلقة بإحكام".