في الذكرى الأولى لانطلاق الحراك المدني والشعبي في لبنان بسبب أزمة النفايات، عادت أكوام النفايات إلى التكدس في مناطق واسعة شمالي العاصمة وداخل عدة أحياء في بيروت. وذلك بعد ثلاثة أيام على إعلان شركة "سوكلين" الخاصة والمكلفة معالجة النفايات الصلبة عن وقف جمع النفايات في منطقتي المتن وكسروان (حوالى 100 بلدية) وفي بعض أحياء بيروت، بسبب "إقفال مدخل موقع التخزين المؤقت للنفايات في منطقة برج حمود بعد تعثر العمل في مشروع إنشاء المطمر الصحي في هذه المنطقة".
ويعتصم عشرات الناشطين المدنيين والمنتسبين إلى "حزب الكتائب" في موقع المطمر الذي قررت الحكومة إنشاءه واستخدامه لمدة 4 سنوات، بسبب الأضرار الصحية والبيئية للطمر على سكان المناطق المجاورة وعلى مياه البحر. فقابل وزير الزراعة، المُكلف من قبل الحكومة متابعة ملف النفايات، أكرم الشهيب، هذه الهواجس بتخيير المواطنين بين عودة النفايات إلى الشوارع، وبين القبول بالخطة الحكومية كما هي.
وتستمر أزمة جمع النفايات وطمرها في موقع "كوستابرافا"، وهو الموقع الثاني الذي اعتمدته الحكومة لطمر النفايات جنوبي بيروت. وهناك، تحولت المساحة الشاطئية في منطقة خلدة إلى تلة من النفايات المطمورة تمتد على مساحة عشرات الأمتار المربعة، ويتوقع بيئيون أن تتحول إلى جبل نفايات سريعاً إذا ما استمر نقل نصف كمية النفايات التي تنتجها محافظتا بيروت وجبل لبنان يومياً (تنتج المحافظتان 3000 طن يومياً)، بحسب الخطة الحكومية.
وعمدت الشركة المتعهدة إلى رفع سواتر باطونية سرعان ما تجاوزتها تلة النفايات. علماً أن هذه السواتر قد ارتبطت باسم موردها، المُتعهد جهاد العرب (مُقرب من تيار المُستقبل)، وجرى رفعها سابقاً في محيط السراي الحكومي لمنع الناشطين من الاقتراب.
وتحاول البلديات المحلية في المناطق المتضررة من الأزمة دراسة حلول لا مركزية لمعالجة النفايات، رغم حرمانها من قبل الحكومة من القدرات المالية اللازمة لتنفيذ هكذا حلول.
وتُصادر الحكومة حصة البلديات من أرباح قطاع الاتصالات. وتقتطع منها مبالغ كبيرة لسداد فواتير شركة "سوكلين" المُرتفعة مقابل جمع النفايات من هذه البلديات. كما تعاني البلديات من المركزية الشديدة التي تحرمها من الاستقلالية في تقرير كيفية معالجة النفايات الصلبة، رغم وجود مبادرات دولية لدعم البلديات اللبنانية في هذا المجال.
وحتى قبل إقرار حلول لا مركزية للنفايات، بدأت شبهات الفساد تحوم حول صفقات تُعد بلدية بيروت لإبرامها مع أحد المُتعهدين بهدف شراء محرقة نفايات مُستعملة، لتستقل بيروت بنفاياتها عن الخطة المركزية، وهو ما نشرته قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال التلفزيونية قبل أسبوعين.
من جهة ثانية، أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، إثر الجلسة التي خصصت لبحث ملف النفايات، أن "الأولوية هي لمعالجة أزمة النفايات لأنها ملأت شوارع المتن". واعترف كنعان بأن "حل مجلس الوزراء للأزمة ليس مثالياً لكننا نتطلع إلى خطة طويلة الأمد تتضمن اللامركزية الإدارية".
ووجّه كنعان دعوة إلى اتحادات البلديات المعنية لمناقشة الأزمة الجديدة، يوم الأربعاء المقبل.