وعلى الرغم من الارتفاع الملحوظ والمُشاهد بالعين المُجردة لحجم أسراب الطيور التي تحلق في المنطقة القصيرة الفاصلة بين حدود المطار الجنوبية وموقع المطمر المُستحدث في البحر المتوسط، قال بيان صادر عن "مجلس الإنماء والإعمار"، وهو هيئة رسمية تابعة لرئاسة الحكومة ومُكلفة إعداد مناقصات تلزيم إدارة قطاع النفايات الصلبة في محافظتي بيروت وجبل لبنان، إن "انتشار أسراب الطيور قرب المطار يعود لأسباب أُخرى غير مرتبطة بإقامة المطمر الصحي".
واستند المجلس في بيانه إلى تقرير "أولي" أعده خبير فرنسي، مطلع العام الحالي، وأكد أن "العوامل الجاذبة للطيور في محيط المطار هي مجرى نهر الغدير، الذي تحول إلى مجرور مكشوف ترمى فيه كافة المخلفات، ومصب النهر، ومحطة تكرير المياه المركبة عند المصب".
كما اعتبر البيان، أن "تجمع مياه الأمطار في بعض أجزاء المطار، ووجود مساحات عشبية في حرم المطار، وانتشار نشاط تربية الطيور في محيط المدارج، يؤدي لزيادة عدد الأسراب".
وفي استكمال للدفاع عن موقع المطمر المُخالف لاتفاقية برشلونة البيئية التي وقعها لبنان، أضاف البيان أن "المُتعهد راعى مسألة الطيور خلال إنشاء المطمر وتم توزيع آلات (مكبرات صوت) لإخافة الطيور، وهي ستُعزز حالياً بالمزيد منها وبمعدات ضوئية أيضاً".
وفي إطار مكافحة أسراب الطيور، أعلن المجلس عن "استخدام موظفين يعملون بدوام كامل ومجهزين بالمعدات اللازمة لطرد الطيور من المدارج، وخصوصاً عند الإقلاع والهبوط وهو إجراء مُعتمد في المطارات المُعرضة لخطر انتشار أسراب الطيور فيها".
وانضم وزير البيئة الجديد طارق الخطيب إلى الفريق الرسمي المُدافع عن المطمر، مؤكداً أنه "لا طيور على المطمر، بل على مجرى نهر الغدير وهو موضوع يقتضي المعالجة بكل الأحوال".
وأكد الخطيب خلال تفقد موقع المطمر، اليوم الخميس، أنّ الوزارة ملتزمة "بالقرارات القضائية وسنعمل على إيجاد حل لضمان سلامة الطيران".
وفي مقابل الموقف الرسمي المُدافع عن استثمار مُتعهد خاص للمطمر، أكد الخبير البيئي اللبناني، ناجي قديح، أنّ "الحل الوحيد لانتشار طيور النوارس قرب المطار هو بإقفال المطمر، ونقل آلاف أطنان النفايات التي تكدست، خلال أشهر عمله، إلى موقع آخر". وأشار قديح في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "العامل الوحيد الذي يحمي سلامة الطيران حالياً هو الحظ، في ظل رصد عدة حالات عانى فيها الطيارون من صعوبات عند الإقلاع والهبوط بسبب أسراب الطيور التي تحلق فوق مدارج مطار بيروت".
وتابع، إن "عامل الجذب الأول والأكبر لأسراب الطيور قرب المطار هو آلاف الأطنان من النفايات التي تُشكل المواد العضوية القابلة للتحلل والتعفن ما نسبته 60 في المائة من مُجمل الكمية".
علماً أن مُعظم الجمعيات البيئية المُستقلة في لبنان قد أعلنت عن معارضتها خطة الحكومة اللبنانية السابقة التي أقرت إنشاء "مطمرين صحيين" عند شاطئ البحر مباشرة، شمالي وجنوبي العاصمة بيروت.
وعلى الرغم من أن الخطة الحكومية قضت أن هذه المطامر ستكون مؤقتة، حذّر الناشطون من "تحولها إلى مطامر دائمة كما حصل في منطقة الناعمة التي امتد العمل في مطمرها المركزي المؤقت لمدة عشرين عاماً"، إضافة إلى إثارة عامل "رفع القيمة الاستثمارية للمناطق التي سيتم ردمها بالنفايات، تمهيداً لتحويلها لأملاك خاصة كما حصل في منطقة البيال والضبية والكرنتينا إثر انتهاء الحرب الأهلية".
وقد رصد ناشطون بيئيون ما يؤكد مخاوفهم، مع نقل كميات من الردم ورمال من شاطئ الرملة البيضاء في بيروت إلى المطمر المُستحدث قرب المطار، في منطقة "كوستابرافا"، قبل شهرين. وقد حاول "العربي الجديد" التواصل مع وزير البيئة طارق الخطيب، ومُتعهد المطمر، جهاد العرب، لمعرفة وجهة نقل النفايات بعد القرار القضائي الذي أمر بوقف نقل النفايات إلى المطمر، دون التمكن من الوصول إليهما.
وتُقدر الكمية اليومية للنفايات التي تُطمر في "كوستابرافا" بحوالى 1500 طن، من أصل 3000 طن تنتجها محافظتا بيروت وجبل لبنان يومياً.