سجّل طلال العزاوي ولدَيه في نادٍ قريب من بيته في مدينة الكاظمية، شمال بغداد، محاولاً بذلك إشغال أوقات فراغهما بالرياضة. وقد عمل جاهداً على توفير كل ما يحتاجانه في سبيل ذلك، حتى صارت الرياضة شغلهما الشاغل. فالأب الذي لم يكن يوماً يهتم بالرياضة، وجد في إلهاء ولدَيه أحمد (17 عاماً) وأمجد (16 عاماً) بالأنشطة الرياضية، ما يجنّبه خسارتهما في حوادث آخذة في الانتشار يوماً بعد آخر في العراق.
كثر هم العراقيون الذين يخافون على أولادهم، ليس من المستقبل وإنّما من الحاضر، وسط وضع أمنيّ غير مستقرّ في البلاد. فالتفجيرات الإرهابية تكثر وكذلك عمليات الخطف، فضلاً عن مشاكل اجتماعية عدّة تتسبب في انحراف المراهقين والشباب. بالتالي، لم يعودوا قادرين على التخطيط بطريقة سليمة لمستقبل أولادهم. بالنسبة إلى العزاوي، فإنّ "كلّ ما يحيط بنا صار عدواً لمستقبل الأجيال المقبلة. لست وحدي من يشكو ذلك، فالقلق صار ملازماً لأولياء الأمور جميعاً. ما يحصل اليوم ليس طبيعياً وأولادنا في خطر، لذلك أحاول جاهداً أن أحمي ولدَيّ من هذه الأخطار".
في الإطار، وجد آباء كثيرون في فرض قوانين صارمة على أولادهم ومعاملتهم بقسوة، طريقة مثلى للسيطرة عليهم. ويعللون ذلك بـ"خطورة العالم خارج المنزل" بحسب ما يقول فائق عبد الجبار، الذي يحرص على مراقبة أبنائه وبناته بعد عودتهم من مدارسهم.
ويوضح عبد الجبار أنّ "في الخارج تفجيرات إرهابية قد تحدث في أي وقت، ومليشيات مسلحة تعلو سلطتها على سلطة القانون فتخطف وتقتل من دون رادع، وعصابات تخطف الناس وتطالب بفديات، فضلاً عن انتشار المتسكّعين والمتحرّشين". يضيف: "لذا وفّرت كل ما يحتاجه أولادي للترفيه في داخل المنزل، من ألعاب إلكترونية، وأجهزة كومبيوتر وإنترنت وكتب. كذلك فإنّني أصطحبهم دائماً في نزهات ترفيهية".
اقــرأ أيضاً
ويكاد لا يخلو أيّ من مجالس العراقيين من أخبار الخطف ودفع الفدية. فتلك ما زالت تؤرّق الآباء العراقيين. يأتي ذلك في حين ينشر ناشطون باستمرار، أخباراً تتعلق بـ "حوادث بشعة" على مواقع التواصل الاجتماعي. قبل أيام على سبيل المثال، نشر الناشط محمد العكيلي على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك"، معلومات عن جريمة بشعة مرفقة بصورة لمراهق يبلغ من العمر 16 عاماً، قتل أخيراً بعد اختطافه. وشرح أنّ الفتى واسمه علي سجاد الخفاجي، خُطف في منطقة الكرادة في وسط بغداد من قبل عصابة مسلحة ابتزّت ذوي علي الذين دفعوا فدية في مقابل إطلاق سراح ابنهم. لكنّ العصابة بعد تسلّمها المبلغ المالي المطلوب، تركت الفتى جثة هامدة، وقد عمدت إلى تقطيع أوصاله وقلع عينَيه وقطع لسانه وطعنه مرّات عدّة في قلبه.
وكتب العكيلي أنّ "علي الخفاجي البالغ من العمر 16 عاماً، الابن الوحيد لوالدَين انتظرا سبع سنوات لكي يرزقهما الله به، كان طموحاً متفوقاً في دراسته يحلم بأن يكون طبيباً، ليُسدَل الستار على حياته بتلك الطريقة المأساوية". أضاف: "انشغل العالم عن قصته بسبب قصة اختطاف الصحافية أفراح شوقي (من قبل مسلحين اقتحموا منزلها أخيراً). لذلك لا بدّ من ذكره لكي يعلم الناس حجم الفاجعة التي من الممكن أن يمرّ بها أيّ أب وأم إذا ما غفلوا عن أبنائهم في شوارع تزدحم بضعاف النفوس المدجّجين بالسلاح والهويات التي تسمح لهم بالمرور من أي نقطة تفتيش من دون حسيب ولا رقيب".
ليس الخطف وحده ما يخشاه العراقيون على أبنائهم، بل يخافون أيضاً من أن يُستغلّ هؤلاء من قبل جهات مجهولة تحوّلهم إلى إرهابيين أو يتأثّروا بأفكار معيّنة تحوّلهم إلى مجرمين. ويشير سمير العاني الذي يعمل في مجال التدريس في إحدى المدارس الثانوية في بغداد، إلى "نقاشات طائفية تقوم باستمرار خلال محادثات وتعليقات على منشورات نقرأها على مواقع التواصل الاجتماعي، تلهب في داخل الفتيان والمراهقين والصبية روح الطائفية والانتقام". ويوضح أنّ "مشاكل كثيرة تحصل بين التلاميذ، تنشب من خلال نقاشات حول مواضيع طائفية تُطرح على موقع فيسبوك، تصل إلى مرحلة العنف والعراك في باحات المدارس". ويشدّد العاني على أنّ "الطائفية صارت منتشرة بين الصغار بصورة واسعة، وهذا لم يكن معروفاً في العراق قبل سنوات"، معرباً عن تخوّفه من أن "تنتج هذه التوجّهات مجرمين بدلاً من أن تكون أجيالنا المقبلة تهتمّ بالعلوم الحياتية وتنمية المجتمع وحبّ البلاد بكل أطيافها وقومياتها".
اقــرأ أيضاً
كثر هم العراقيون الذين يخافون على أولادهم، ليس من المستقبل وإنّما من الحاضر، وسط وضع أمنيّ غير مستقرّ في البلاد. فالتفجيرات الإرهابية تكثر وكذلك عمليات الخطف، فضلاً عن مشاكل اجتماعية عدّة تتسبب في انحراف المراهقين والشباب. بالتالي، لم يعودوا قادرين على التخطيط بطريقة سليمة لمستقبل أولادهم. بالنسبة إلى العزاوي، فإنّ "كلّ ما يحيط بنا صار عدواً لمستقبل الأجيال المقبلة. لست وحدي من يشكو ذلك، فالقلق صار ملازماً لأولياء الأمور جميعاً. ما يحصل اليوم ليس طبيعياً وأولادنا في خطر، لذلك أحاول جاهداً أن أحمي ولدَيّ من هذه الأخطار".
في الإطار، وجد آباء كثيرون في فرض قوانين صارمة على أولادهم ومعاملتهم بقسوة، طريقة مثلى للسيطرة عليهم. ويعللون ذلك بـ"خطورة العالم خارج المنزل" بحسب ما يقول فائق عبد الجبار، الذي يحرص على مراقبة أبنائه وبناته بعد عودتهم من مدارسهم.
ويوضح عبد الجبار أنّ "في الخارج تفجيرات إرهابية قد تحدث في أي وقت، ومليشيات مسلحة تعلو سلطتها على سلطة القانون فتخطف وتقتل من دون رادع، وعصابات تخطف الناس وتطالب بفديات، فضلاً عن انتشار المتسكّعين والمتحرّشين". يضيف: "لذا وفّرت كل ما يحتاجه أولادي للترفيه في داخل المنزل، من ألعاب إلكترونية، وأجهزة كومبيوتر وإنترنت وكتب. كذلك فإنّني أصطحبهم دائماً في نزهات ترفيهية".
ويكاد لا يخلو أيّ من مجالس العراقيين من أخبار الخطف ودفع الفدية. فتلك ما زالت تؤرّق الآباء العراقيين. يأتي ذلك في حين ينشر ناشطون باستمرار، أخباراً تتعلق بـ "حوادث بشعة" على مواقع التواصل الاجتماعي. قبل أيام على سبيل المثال، نشر الناشط محمد العكيلي على صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك"، معلومات عن جريمة بشعة مرفقة بصورة لمراهق يبلغ من العمر 16 عاماً، قتل أخيراً بعد اختطافه. وشرح أنّ الفتى واسمه علي سجاد الخفاجي، خُطف في منطقة الكرادة في وسط بغداد من قبل عصابة مسلحة ابتزّت ذوي علي الذين دفعوا فدية في مقابل إطلاق سراح ابنهم. لكنّ العصابة بعد تسلّمها المبلغ المالي المطلوب، تركت الفتى جثة هامدة، وقد عمدت إلى تقطيع أوصاله وقلع عينَيه وقطع لسانه وطعنه مرّات عدّة في قلبه.
وكتب العكيلي أنّ "علي الخفاجي البالغ من العمر 16 عاماً، الابن الوحيد لوالدَين انتظرا سبع سنوات لكي يرزقهما الله به، كان طموحاً متفوقاً في دراسته يحلم بأن يكون طبيباً، ليُسدَل الستار على حياته بتلك الطريقة المأساوية". أضاف: "انشغل العالم عن قصته بسبب قصة اختطاف الصحافية أفراح شوقي (من قبل مسلحين اقتحموا منزلها أخيراً). لذلك لا بدّ من ذكره لكي يعلم الناس حجم الفاجعة التي من الممكن أن يمرّ بها أيّ أب وأم إذا ما غفلوا عن أبنائهم في شوارع تزدحم بضعاف النفوس المدجّجين بالسلاح والهويات التي تسمح لهم بالمرور من أي نقطة تفتيش من دون حسيب ولا رقيب".
ليس الخطف وحده ما يخشاه العراقيون على أبنائهم، بل يخافون أيضاً من أن يُستغلّ هؤلاء من قبل جهات مجهولة تحوّلهم إلى إرهابيين أو يتأثّروا بأفكار معيّنة تحوّلهم إلى مجرمين. ويشير سمير العاني الذي يعمل في مجال التدريس في إحدى المدارس الثانوية في بغداد، إلى "نقاشات طائفية تقوم باستمرار خلال محادثات وتعليقات على منشورات نقرأها على مواقع التواصل الاجتماعي، تلهب في داخل الفتيان والمراهقين والصبية روح الطائفية والانتقام". ويوضح أنّ "مشاكل كثيرة تحصل بين التلاميذ، تنشب من خلال نقاشات حول مواضيع طائفية تُطرح على موقع فيسبوك، تصل إلى مرحلة العنف والعراك في باحات المدارس". ويشدّد العاني على أنّ "الطائفية صارت منتشرة بين الصغار بصورة واسعة، وهذا لم يكن معروفاً في العراق قبل سنوات"، معرباً عن تخوّفه من أن "تنتج هذه التوجّهات مجرمين بدلاً من أن تكون أجيالنا المقبلة تهتمّ بالعلوم الحياتية وتنمية المجتمع وحبّ البلاد بكل أطيافها وقومياتها".