بات على من يريد السفر عبر مطار بغداد الدولي غربي بغداد اليوم أن يجتاز ستة حواجز تفتيش، تُخضع المسافر لأنواع مختلفة من التفتيش باستخدام الكلاب البوليسية والأجهزة الإلكترونية والسونار وصولاً إلى التفتيش اليدوي؛ بحيث يضطر العامة إلى أن يكونوا حفاة وأحياناً عراة، فيما يستثنى من هذه الإجراءات أصحاب العمامات والسياسيون.
ويضطر المسافر خلال التفتيش إلى نزع حذائه وساعة يده وحزامه وحتى الجاكيت الذي يرتديه، وفي بعض الأحيان تصل الإجراءات إلى حد نزع كامل ملابسه إذا لم لا يعجب شكله أو هيئته الضابط المسؤول. لكن تستثنى فئتان من الشعب هما صاحب العمامة والسياسي، وهؤلاء لا يخوضون رحلة التفتيش تلك، رغم أن غالبية أصابع الاتهام بملفات كثيرة يعاني منها العراقيون يومياً توجه إليهم.
واليوم الإثنين، امتنع مواطن عراقي عن الخضوع للتفتيش بعد استثناء رجل معمم كان يقف أمامه من كافة الإجراءات التي يعتبرها كثير من المواطنين بأنها مهينة، ما أدى إلى وقوع مشادة كلامية مع أفراد الأمن قرر خلالها المواطن العودة وإلغاء سفره، مردداً بصوت عالٍ "أصحاب العمائم ليسوا أفضل منا".
تلك الإجراءات يبررها عاملون في المطار بأنها نتيجة الأمن المتدهور في بغداد، الذي يتطلب استخدام جميع الوسائل للحيلولة دون حدوث خروق أمنية، حتى وإن كانت وسائل التدقيق الأمني مزعجة للمواطنين.
ويقول علي صباح الذي يعمل مفتشاً في مطار بغداد: "إن آلاف المسافرين يمرون عبر المطار ذهاباً وإيابا"، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن الجميع يخضع للتفتيش باستثناء من يأمر الضباط بتسهيل مهمتهم، وهم بالدرجة الأساس الدبلوماسيون والسياسيون والمعممون، بحسب قوله.
ويضيف "نحن نعلم أن معاناة الوصول إلى المطار كبيرة، لكن الروتين الذي يعرقل سفر العراقيين سببه الأوامر والتوجيهات التي تصدر من الجهات العليا".
وتابع "لولا اضطراري للسفر الدائم إلى تركيا من أجل استيراد البضائع لمتاجري، لما فكرت بالسفر أبدا نتيجة التعقيد الذي يواجه المسافرين من مطار بغداد"، موضحا أن هذا الأمر أصبح كالمرض المزمن المستعصي على الحل.
أما الحاج أبو أحمد الذي يقوم بسفر دوري إلى خارج العراق من أجل العلاج من مرض السرطان، فيتحدث عن معاناة من نوع آخر تتمثل بارتفاع أسعار أجور النقل من وإلى المطار والتي تعادل تذكرة السفر إلى دولة أخرى. وأكد لـ "العربي الجديد" أن سلطات المطار لا تسمح لسيارات الأجرة غير "تاكسي بغداد" بنقل المسافرين من وإلى المطار.
ولفت إلى أن تكلفة ذهابه من منزله في حي الغدير شرقي العاصمة العراقية إلى مطار بغداد ثم العودة بعد الوصول من السفر تبلغ 140 ألف دينار عراقي (ما يعادل 110 دولارات أميركية)، موضحاً أن هذا الأمر يمثل عبئا ماليا يضاف إلى تكاليف العلاج الباهظة.
يشار إلى أن "تاكسي بغداد" مشروع يتبع لرئيس "التحالف الوطني" الحاكم عمار الحكيم، وأنشئ قبل عامين بإشراف من وزير النقل السابق باقر جبر الزبيدي الذي أسند المشروع لمستثمر يتبع حزبه يدعى عمار فرحان، الذي احتكر النقل من وإلى مطار بغداد وبتكاليف باهظة. وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة الموجهة للمشروع إلا أن الحكومة العراقية لم تلغِ العمل به.
وبحسب وسائل إعلام عراقية فإن فرحان يمتلك عدة شركات تجارية وهمية استحوذت على مشاريع مختلفة في بغداد، ويتمتع بعلاقات واسعة مع السياسيين العراقيين مكنته من التخلص من الرقابة والمحاسبة.