اختتم مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا، اليوم الأحد، مؤتمره المعنون بـ" الأزمات والنزاعات في الوطن العربي: نحو تجاوب محلي"، وتناول الخبراء في جلسات اليوم الثاني والأخير عدداً من النماذج المهمة للأزمات والصراعات في كل من سورية واليمن والعراق ولبنان والسودان.
وتطرقت الباحثة سحر الفكي إلى تحديات ربط الإغاثة بالتنمية خلال حالات العمل الإنساني المعقدة والطارئة على السودان، فيما تحدث سعد سلوم عن بناء قدرات الأقليات العرقية في مواجهة العنف، مشدداً على أهمية تطوير وبناء قدرات الهياكل غير الرسمية للحوار والمصالحة وحلّ النزاع، لا سيما حين تقع الأقليات وسط النزاع، بين جماعات أكبر تتصارع حول الأراضي والموارد الأخرى.
كذلك أكد سلوم أن الأمر مشابه حين تكون للنزاع أسباب دينية أو إثنية، إذ يمكن لمثل هذه الهياكل أو الأطر تعزيز حلول تتلاءم مع الثقافات المحلية، وسد الفراغ الذي يتركه عجز الدولة أو غيابها في تسوية المنازعات بالوسائل السلمية، والحدّ من الحاجة إلى الوساطة الدولية من جهة ثانية.
بدوره، أشار الباحث محمد الجسيم إلى دور القيادات والزعامات المحلية في بناء السلام تطبيقاً على شبكة أمان سورية في حل النزاعات على المستوى المحلي، إذ خلص إلى أن النزاع في سورية أحدث تغييراً في مفهوم القائد المحلي لدى أفراد المجتمع، ولم يعد الاستناد إلى الشرعية التقليدية (دينية/ قبلية/ عائلية) هو المحدد ليكون الفرد قائداً محلياً؛ إنما اختلفت الأولويات لتكون الأولوية هي الموقف السياسي للقائد التقليدي من السلطة، فبالدرجة التي يتسق القائد التقليدي فيها مع رأي عموم الأفراد السياسي بعد الحراك، بقدر ما يعتبر قائداً محلياً عند الأفراد. وهذا الأمر بحسب الجسيم ينطبق على كل مناطق السيطرة، بما فيها مناطق سيطرة السلطة السورية.
وحاول الباحث ظريف شاكر في ورقته المعنونة "المجتمع المدني في الوطن العربي وحوكمة بناء السلم في مرحلة ما بعد النزاعات المسلحة، دراسة في الحالة الليبية"، بسط القدرات الكامنة والمحتملة، التي من الممكن أن يلعبها المجتمع المدني في حوكمة بناء السلم والمحافظة على استدامته في المجتمعات المتأثرة بالصراعات المسلحة.
وأبرز أن الأدوار التي تؤدّيها هذه التنظيمات المجتمعية تختلف باختلاف مراحل النزاع المختلفة، ونجاحها يبقى مرهوناً بتجاوزها مختلف العراقيل التي تحدّ من عملها في الميدان، ومدى وجود نوع من التقبل والتسهيل لمهامها من قبل أطراف الصراع، والقوى الإقليمية والدولية المعنية، بغض النظر عن الخصوصيات الثقافية والمحلية التي قد يأتي فيها شكل الوساطة، الذي تؤديه هذه التنظيمات المجتمعية، كما هو في الحالة الليبية.
وأكد شاكر أن نجاح التدخل الذي تقوده مؤسسات المجتمع المدني في مختلف مراحل الصراع المسلح، ومساهمتها في الحوار والوساطة وحل النزاعات، ينبغي أن يأخذ في الحسبان مجموعة من الاعتبارات؛ منها ما هو متعلق بالطرف الوسيط بحد ذاته، وكذلك أهمية السياق الوطني والإقليمي وحتى الدولي الذي يهمه نجاح هذه الوساطة المجتمعية.