يقول لـ"العربي الجديد"، "لم أكن أتصور مدى سوء أحوال المستشفى، كنت أسمع عن ذلك، لكن ما تراه بعينيك ليس كالذي تسمع به. فور دخولنا ردهة الطوارئ في المستشفى، شاهدت مئات المرضى، وعشرات الممرضين، وعددا من الأطباء الذين لا وقت لديهم لفحص أغلب المرضى، لا يوجد حتى كرسي يجلس عليه المريض، والممرضون والممرضات يتولون مسؤولية صرف العلاج، وسط حاويات كبيرة من النفايات وانتشار الذباب والحشرات".
وأضاف "الممرضون غير مؤهلين لتقديم العلاج، كلهم بحاجة إلى تعقيم، كل ما يهمهم هو الحصول على الإكرامية. في تلك الأجواء الخطيرة لا تستطيع أن تتنفس، فالهواء كله ملوث، والروائح الكريهة تزكم الأنوف".
وتابع "لم أستطع البقاء لأنّها ليست ردهة علاج بل نشر للأمراض، بصعوبة حصلت على عربة لنقل والدتي خارج المستشفى بعد أن دفعت إكرامية لأحد العمال الذي اتضح لي أنه يبيع الأدوية أيضا بالاتفاق مع صيدلية المستشفى".
وتتهم وزيرة الصحة العراقية، عديلة حمود، بسوء الإدارة وفق تقارير منظمات عراقية أكدت ارتفاع نسب الوفيات داخل المستشفيات وانتعاش المستشفيات الخاصة، ويؤكد رئيس منظمة الشفافية العراقية، فراس ناصر، لـ"العربي الجديد"، أن "الفساد ينخر القطاع الصحي العراقي بكل وضوح"، هناك عمليات فساد كبيرة تبدأ من سرقة الأدوية أو استبدالها بأخرى منتهية الصلاحية، مروراً بسوء الخدمات المقدمة بالمستشفيات الحكومية وتفكك المنظومة الأخلاقية للتعامل مع المرضى، وانتهاء باستشراء المحسوبية والحزبية في مفاصل الوزارة".
ويضيف ناصر، "يلجأ العراقيون إلى تركيا أو الأردن أو إيران للعلاج، فبقاؤه تحت رحمة مستشفيات العراق يعني أنه ينتظر الموت".
ويقول عضو نقابة الأطباء العراقية، أحمد حسين، لـ"العربي الجديد"، إن وضع المستشفيات الحكومية حاليا هو "الأسوأ في تاريخ العراق. يذهب المريض لأخذ أشعة للعظم، فلا يعطونه تقريراً بحجة عدم وجود أوراق أشعة، ولا يوجد مستلزمات طبية، والأطباء والممرضون يقدمون الخدمة وكأنهم يتفضلون على المريض، والفئران والحشرات تتجول في غرف المرضى بحرية، والطعام المقدم لا يقدمه كشك على رصيف في حي شعبي".
وأفلتت وزيرة الصحة من جلسة استجواب في البرلمان العراقي على خلفية تهم فساد كبيرة بعد أن أفشل تكتل التحالف الوطني الذي تنتمي إليه محاولات محاسبتها، ما أدى إلى خلاف حاد داخل البرلمان في أبريل/نيسان الماضي.
وقال النائب العراقي عواد العوادي، في تصريحات سابقة لوسائل إعلام محلية، إن هناك ملفات فساد كبيرة ضد وزيرة الصحة، بينها ملف أدوية السرطان وأدوية التخدير، وسوء الخدمات بالمستشفيات.
وقال طبيب في أحد مستشفيات بغداد، إنّ "هذه الأحوال لا تقتصر على مستشفى اليرموك، بل إنّ كافة مستشفيات العراق مثله"، وأضاف الطبيب الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّه "سجلت حالات انتقال أمراض بالعدوى في كثير من المستشفيات لأن الأجواء في أغلبها غير صحية. هناك أمراض تحتاج إلى عزل المريض عن الأصحاء، وأخرى تحتاج إلى فسح المجال للتهوية، وأخرى تحتاج الى نقل المريض بهدوء وحذر. كل ذلك لا يتوفر في مستشفياتنا".
ولم يحصل "العربي الجديد"، على رد من وزارة الصحة حول تلك الوقائع، إذ امتنع أغلب المسؤولين عن التعليق، بينما أكد مسؤول رفض الكشف عن اسمه، أنّ "الوزارة على علم بكل هذه التفاصيل، لكنّها لا تحرك ساكنا".