ما زالت صور الطفلة نهال معلقة في بعض شوارع مدينة وهران غربي الجزائر، وهي الطفلة التي اختطفت من بيت أقاربها بقرية آيت علي بولاية تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائرية الصيف الماضي.
لم تكن نهال الأولى، بل هي واحدة من سلسلة قصص اختطاف واغتصاب وقتل لأطفال في الجزائر، حتى بلغت حصيلة عام 2016 وحده 6193 حالة، بحسب مديرة المعهد الوطني للشرطة الجنائية التابع للمديرية العامة للأمن الوطني، العميد خيرة مسعودان.
وأعلنت مسعودان في مؤتمر حول حماية الطفولة، أن مصالح الأمن الوطني رصدت 1695 طفلاً كانوا ضحايا لاعتداءات جنسية، و3740 طفلاً ضحايا اعتداءات جسدية، و642 طفلاً ضحايا سوء المعاملة، و39 ضحايا القتل العمد، و14 ضحايا الضرب المفضى إلى الوفاة.
وتقر السلطات الجزائرية أنه برغم مجمل التدابير القانونية والأمنية المتخذة للحد من ظاهرة الاعتداءات الجنسية والجسدية على الأطفال، فإن ارتفاعا بنسبة 2 في المائة سجل في 2016 مقارنة مع السنة السابقة.
وتظهر مقارنة الأرقام الأخيرة بالسنوات السابقة الزيادة الكبيرة لعدد ضحايا الظاهرة، ففي عام 2013 سجلت الجزائر 370 حالة، بينها 4 حالات قتل واغتصاب، و204 حالات اعتداء جسدي، مقابل 200 حالة اعتداء في 2011، و169 اعتداء على الأطفال عام 2010.
وأثبت أغلب التحقيقات التي قامت بها مصالح الأمن حيال قضايا خطف واغتصاب الأطفال أن الجرائم يقوم بها شباب يقومون بتعنيف الضحية قبل الاغتصاب ثم القتل لمحو آثار الجريمة، وفي عدد من العمليات ثبت أن بعض المتورطين يقومون بفعلتهم تحت تأثير المخدرات.
وقامت السلطات الجزائرية بتركيز دوريات الأمن قرب المدارس لمنع خطف الأطفال، خاصة أن دراسة سابقة أجرتها نقابة مجلس ثانويات الجزائر، كشفت تسجيل 27 حالة اختطاف لتلاميذ خارج المدارس بنية الاغتصاب أو الابتزاز.
كما عمدت السلطات إلى تدشين رقم خاص بالتبليغ عن حالات الخطف والاعتداء على الأطفال، وأنشأت المديرية العامة للأمن 50 فرقة مكلفة بحماية الطفولة، تقوم بدوريات لمراقبة الأطفال في المحلات العمومية، وكذا البحث عن الأطفال المعرضين للخطر، وحالات الفرار من المنزل أو التشرد، لحمايتهم من الاستغلال الجنسي، كما تم تخصيص قاضي للأحداث في كل محكمة مكلف بحماسية الأطفال ومعالجة القضايا الاعتداء عليهم، في انتظار تنصيب الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة.
ونبهت منظمات المجتمع المدني التي تشتغل على الظاهرة في الجزائر، إلى تزايد الاعتداءات الجنسية والجسدية على الأطفال، ويعتبر رئيس شبكة ندى لحماية الطفولة، عبد الرحمن عرعار، أن مجمل التدابير القانونية والأمنية المتخذة ليست كافية للحد من الظاهرة، كون الأمر يتطلب انخراطا أكبر للمؤسسات الاجتماعية كالمساجد، وتطوير مناهج التربية.
ويشير عرعار، إلى أن التطور الإيجابي الحاصل هو كون المجتمع الجزائرى بدأ كسر جدار الصمت من خلال انتشار ثقافة التبليغ عن حالات الاعتداء على الأطفال.
وحرك تزايد حالات الاختطاف والاعتداء الجنسي على الأطفال الصيف الماضي الشارع الجزائري للمطالبة بتطبيق إجراءات أكثر ردعاً ضد المتورطين، وخرجت مسيرات في مدن قسنطينة وتيزي وزو ووهران، طالبت بتعديل قانون العقوبات وصولا إلى عقوبة الإعدام وتنفيذ العقوبة، وخلقت المطالبات جدلا حقوقيا بسبب رفض تطبيق الإعدام في الجزائر التي أوقفت تطبيق عقوبة الإعدام عام 1992.