تتوجه الجزائر نحو السماح بفتح جامعات خاصة للمرة الأولى في البلاد، بعد خمسة عقود استمرت الحكومة خلالها باحتكار مجال التعليم الجامعي، وبعد أكثر من عقد ونصف العقد على السماح بإنشاء مدارس وثانويات خاصة، وسط مخاوف طلابية من بروز فوارق تعليمية واجتماعية في المستقبل بين خريجي الجامعات الحرة والحكومية.
وأعلنت وزارة التعليم العالي الجزائرية عن فتحها باب الترخيص لإنشاء جامعات حرة للتكوين العالي، بعد استكمالها وضع دفتر شروط وأحكام ينظم عمل الجامعات، ويحدد شروط إنشاء جامعة حرة في غضون ثلاثة أشهر من إيداع الملف لدى الوزارة، وتحديد التخصصات التي يُسمح لتلك الجامعات بتدريسها.
كما يشترط أن يكون مدراء الجامعات والمعاهد الحرة جزائريي الجنسية، ويتمتعون بالكفاءة العلمية والتجربة المهنية في مجال التكوين العالي. ويلزم القانون الجامعات الحرة باحترام شروط التأطير البيداغوجي والإداري وتوفر الهياكل والتجهيزات العلمية الملائمة.
ويلزم القانون الجديد الجامعات الحرة بالتزام البرامج البيداغوجية المتوافقة مع تلك الحكومية، واحترام محتوياتها، وكذلك احترام القيم الوطنية ورموز الدولة والوحدة الوطنية، والأمن والدفاع الوطنيين.
ويسمح للجامعات الحرة بالقيام بأنشطة تخصصات تكميلية، منها ضمان خدمات إيواء وإطعام ونقل الطلبة. ولم يشر القانون إلى ما إذا كان يمكن للجامعات الحرة تسجيل طلبة أجانب فيها أم لا.
وأعلن عدد من المستثمرين في الجزائر عن رغبتهم في الاستثمار في إنشاء جامعات حرة. وقدم أربعة مستثمرين ملفات تؤكد رغبتهم في إنشاء مؤسسات تعليمية عليا، لكن الحكومة رفضت قبول طلباتهم قبل إصدار الترتيبات القانونية والأحكام المنظمة لنشاط الجامعات الخاصة.
وطرحت منذ أكثر من عقد فكرة السماح بإنشاء جامعات مستقلة، لكن المنظمات الطلابية رفضت حينها أي مشروع في هذا السياق. وحذرت من أن إنشاء الجامعات الخاصة، يعتبر خرقا لمبدأ العدالة الاجتماعية، ومن شأنه أن يؤدي إلى مستويات تمييز اجتماعي، والتلاعب بالمستوى التعليمي والشهادات من خلال المال.
وقال الأمين العام السابق للاتحاد العام الطلابي الحر، كبرى التنظيمات الطلابية في الجزائر، عبد السلام باشاغا، لـ"العربي الجديد"، إن "مشروع الجامعات الخاصة في الجزائر مشروع حديث النشأة، وتجربة ستكون جديدة في قطاع التعليم العالي، بعد أن سبقتها تجربة المدارس والثانويات الخاصة التي لم تعرف حتى الساعة انتشارا كبيرا في البلاد مقارنة بالمدارس الحكومية".
وطرح عبد السلام باشاغا مخاوف ذات أبعاد اجتماعية قائلا "مشروع إنشاء جامعات حرة من حيث المبدأ يمكن أن يكون إضافة إيجابية في القطاع من خلال التنافسية في الأداء والنوعية. لكن ما يدعو للقلق هو أن تقضي هذه الجامعات على مبدأ تكافؤ الفرص، وتخل بشروط اختيار التخصصات الجامعية، وأن يتوفر ذلك لمن يدفع أكثر، ما يؤدي مستقبلا إلى توسيع الفوارق الاجتماعية والمساس بتخصصات حساسة، كالطبية مثلا".
وأشار إلى "مخاوف من عدم مصداقية شهادات هذه الجامعات في حال تساهلها في الجانب البيداغوجي والتكويني، وعدم صرامتها مع الطلبة إرضاءً لأولياء أمورهم الذين يدفعون الأقساط".
وتعد الجزائر الدولة الوحيدة في منطقة المغرب العربي التي لا توجد فيها حتى الآن جامعات مستقلة، إذ خاضت دول المغرب وموريتانيا وتونس تجربة إنشاء الجامعات الخاصة.