أعلنت منظمة بنك الطعام السودانية أن نحو 700 ألف تلميذ يذهبون إلى المدارس دون تناولهم وجبة إفطار.
وتقتصر إحصائية المنظمة على ولاية الخرطوم دون غيرها من الولايات السودانية، التي تعيش أوضاعا اقتصادية أسوأ مقارنة بالعاصمة، ما جعل مراقبين يجزمون أن عدد التلاميذ المحرومين من الإفطار صباحا في الولايات سيكون مضاعفا.
"العقل السليم في الجسم السليم" مقولة يفتقدها التلاميذ في السودان، وهم باتوا من المؤشرات الدالة على زيادة معدلات الفقر الشديد في السودان، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وزيادة نسب البطالة، مع استمرار الحرب في الأطراف وموجات النزوح، إلى جانب الهجرة العكسية من الريف نحو المدن.
ونفذت منظمة بنك الطعام في الفترة الأخيرة مشروع "تنمية الذكاء" عبر توزيع التمر على تلامذة المدارس في الخرطوم، بواقع ثلاث تمرات لكل تلميذ، في محاولة لرفع درجة الاستيعاب والذكاء لديهم، ما قادهم لاكتشاف واقع التلاميذ المرير.
وبادر عدد من منظمات المجتمع المدني بتقديم وجبات إفطار لطلاب المدارس في محاولة لسد الثغرة.
وأكد الأمين العام لمنظمة بنك الطعام، إبراهيم عثمان، أنه لولا جهود المنظمات الطوعية المختلفة لزاد العدد عن 700 ألف تلميذ يفتقرون لوجبة الإفطار. وأشار إلى مشروع تنوي المنظمة إطلاقه مع بداية الموسم الدراسي في يونيو/حزيران المقبل، لإطعام نحو 200 طالب بتكلفة أربعين ألف جنيه.
وتعتبر المدارس الطرفية بولاية الخرطوم الأكثر معاناة، حيث تعجز الأسر عن تأمين طعام الفطور لأبنائها قبل توجههم إلى مدارسهم، كما أن بعضهم يتناولون وجبة واحدة في اليوم، لذلك يختارون أن يكون موعدها منتصف النهار غالبا.
وتقول حواء (40 عاما) إنها لا تذكر أنها جهزت وجبة إفطار لولديْها وهما في الصف الثاني والرابع. وتوضح "نخرج أنا وابناي في توقيت واحد، هما يذهبان إلى المدرسة وأنا للبحث عن عمل في المنازل، لا سيما بعد وفاة زوجي، ونلتقي مساء ونتناول معا وجبة واحدة، هي البديل عن الوجبات الثلاث".
وتضيف "أحيانا نشرب الشاي مع قطعة خبز وننام، خاصة إذا لم أجنِ من عملي ما يؤمن لنا الطعام".
أما أحمد (8 أعوام) يقول إنه يذهب للمدرسة دون إفطار، لكنه في نهاية الدوام يأكل في السوق، قبل بدء عمله بعد المدرسة في تلميع الأحذية وخياطتها. ويؤكد أنه يقضي ساعات النهار وجزءا من الليل في عمله مقابل مبالغ مالية تسهم في مصاريف عائلته".
وتؤكد كوثر، وهي مدرّسة "إن هناك مجموعة كبيرة من الطلاب لا يملكون ثمن وجبة الفطور الأمر الذي يؤثر على استيعابهم". ورأت أن الفقر ونقص الغذاء السببان الأساسيان خلف تسرب الطلاب من المدارس، ودخولهم سوق العمل باكرا. وأكدت أنه من الصعب أن يستوعب الطلاب وهم جوعى، وقالت: "أحيانا نحاول المساعدة، وكثيرا ما نفشل بسبب الظروف الاقتصادية".
وأقر نائب رئيس لجنة التعليم في تشريعي الخرطوم، الدرديري باب الله، بعجز وزارة التربية والتعليم السودانية عن توفير وجبة الإفطار لتلاميذ المدارس بسبب قلة إمكاناتها. وقال في حوار مع صحيفة محلية إن نصف التلاميذ تسربوا بسبب عدم توفر الإفطار، لافتاً إلى أن الفئات الأكثر تضررا بالمناطق الطرفية حيث يتسرب التلاميذ ليعملوا باعة متجولين في الطرقات. واعتبر أن الظاهرة تتطلب تكاتف المجتمع السوداني والخيرين فيه لتأمين الطعام للتلاميذ للحد من تسربهم وزيادة استيعابهم.
وتشير خبيرة التغذية، رندة علي، إلى أهمية وجبة الإفطار، ودورها في التركيز والاستيعاب. وأكدت أنها تساعد التلميذ على تحمل يومه الدراسي الطويل، وفي فهم واكتساب المعلومات، كما ترفع قدراته وطاقاته، كما تساهم في بناء جسمه ونموه. ولفتت إلى أن فقدان طعام الإفطار يسبب أمراضا عضوية، فضلا عن فقدان التركيز في الحصص، واهتزاز ثقة التلميذ بنفسه.