كشف تقرير أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، أنّ جهاز الأمن العام اللبناني اعتقل ورحّل عاملات منزليات مهاجرات بسبب إنجابهن أطفالاً في لبنان، ودعت السلطات إلى وقف عمليات الترحيل والإفراج عن أي شخص محتجز لهذا السبب.
وأوضح أن "الحرمان من تجديد الإقامة الطويلة للعاملات اللاتي ينجبن أثناء إقامتهن في لبنان يتعارض بشكل غير متناسب مع حقهن في الحياة الأسرية".
ووفقاً للتقرير، يوجد نحو 250 ألف عاملة منزلية وافدة في لبنان محرومات من حماية قانون العمل، ويُخضعهن نظام الكفالة لقواعد الهجرة التقييدية، ما يعرضهن لخطر الاستغلال والإيذاء. الغالبية العظمى منهم نساء، لديهن عقود عمل قصيرة الأجل ويُتوقع منهن السكن في منزل صاحب العمل.
وقال إن "السلطات اللبنانية رحلت 21 عاملة منزلية على الأقل لهنّ أطفال منذ صيف 2016، ولم يكن يسكنّ لدى أصحاب عملهن أو من المفترض ألّا ينجبن في لبنان، وفقاً لـ "مؤسسة إنسان" الحقوقية المحلية".
وتحدثت "هيومن رايتس ووتش" مع 3 عاملات منزليات مهاجرات لديهن أطفال تم ترحيلهن، وأيدت قصصهن منظمات غير حكومية محلية وعاملة مهاجرة تنظم أنشطة تخص العاملات.
وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "لا يعني العمل في لبنان حرمان هؤلاء النساء من الحق في تأسيس أسرة. تُسبب عمليات الترحيل هذه اضطرابات في الحياة الأسرية، وتعاقب العاملات دون أي سبب".
وأكدت النساء، أن الترحيل كان له أثر مدمر على حیاتھن، ومنعهن من العمل، وفصل العائلات وأوقف تعلیم أطفالھن. عاشت بعض هؤلاء النساء في لبنان منذ عقود مع أطفال ولدوا ونشأوا هنا.
وقالت "مونيكا"، التي اعتقلت بعد أن عملت في لبنان لأكثر من 20 عاماً، ثم رُحّلت مع ابنتها البالغة من العمر 16 عاماً أوائل 2017: "الآن، ابنتي ليست في المدرسة، وليس لدينا عمل. صارت الحياة صعبة للغاية بالنسبة لنا هنا في الهند، حتى تدبّر الطعام صار صعباً".
واحتُجزت "كوماري" في ديسمبر/كانون الأول 2016 ثم أبعِدت مع ابنتها البالغة من العمر 14 عاماً، بعد أن عملت في لبنان 30 عاماً. بقي زوجها في لبنان للعمل، فانفصلت عائلتهما. تساءلت كوماري "ماذا فعلنا؟ هل سرقنا؟ هل قتلنا شخصا ما؟ عملت للناس في لبنان طوال 32 عاماً. عملنا وعملنا أنا وزوجي لوضع أطفالنا في المدرسة، لدفع المال لتعليمهم هناك، ويعاملوننا بهذا الشكل؟"
من جهتها، أكدت مصادر في الأمن العام، الجهاز المسؤول عن دخول الأجانب وإقامتهم، لمنظمات غير حكومية عام 2014، أنه أصدر توجيهات جديدة لمنع تجديد تصاريح الإقامة للأطفال المولودين في لبنان من عاملات وافدات من ذوي الأجور المنخفضة وأولياء أمورهم.
وتحدث التقرير عن حرمان عاملات المنازل الوافدات اللاتي لديهن أطفال من تجديد الإقامة. إذ قيل لبعضهن، إنه لا يُسمح لهن بالإنجاب في لبنان وأُمهلن فترة قصيرة لمغادرة البلاد. ولم يستجب الأمن العام حينها لطلبات مكتوبة من منظمات غير حكومية من بينها هیومن رایتس ووتش للحصول على نسخة من تعليمات عام 2014.
وقالت، إنه على الأمن العام نشر سياسته الحالية في ما يتعلق بالعاملات المنزليات الوافدات اللاتي لديهن أطفال.
ورحّلت السلطات اللبنانية في السابق عاملات منزليات وافدات بإشعارات قصيرة أو إجراءات مختصرة لأسباب تبدو تعسفية. ورحّل لبنان في 10 ديسمبر/كانون الأول 2016، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، سوجانا رانا، عاملة منزلية نيبالية مهاجرة شاركت في الدفاع عن حقوق عاملات المنازل وتنظيم اتحاد للعاملات المنزليات الوافدات.
وبحسب المنظمة، تبلّغ عاملات المنازل المهاجرات في لبنان عادة عن عدم دفع الأجور والحبس القسري، ورفض أصحاب العمل توفير الإجازة، والإيذاء اللفظي والجسدي. ووجدت "هيومن رايتس" عام 2010 أن القضاء اللبناني لا يحاسب أصحاب العمل عن هذه الانتهاكات. كما وجدت عام 2008 أن معدل وفاة عاملات المنازل الوافدات هو واحدة في الأسبوع، بسبب الانتحار ومحاولة الفرار كأسباب رئيسية للوفاة.
ودعت المنظمة من خلال تقريرها، الحكومة اللبنانية إلى تطبيق الالتزامات الدولية بضمان، أن يأخذ الأمن العام المصالح العائلية والمصالح الفضلى للطفل بعين الاعتبار قبل رفض تجديد الإقامة للعاملات أو لأطفالهن أو النظر في طردهم. "يجب أن تصادق الحكومة أيضاً على "الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم" و"اتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن العمال المنزليين" لحماية حقوق عاملات المنازل المهاجرات في لبنان".
وقالت فقيه: "على السلطات اللبنانية التوقف فوراً عن ترحيل أو احتجاز عاملات المنازل المهاجرات لإنجابهن أطفالاً في لبنان. يجب عدم التعامل مع إنجاب طفل في لبنان على أنه جريمة، ويجب السماح للناس الذين يأتون إلى لبنان لرعاية المواطنين اللبنانيين لسنوات، بأن يكون لهم عائلات أيضاً".
(العربي الجديد)