بدأ لبنان بإنشاء المحميّات في عام 1992 مع إعلان محميّتَي جزر النخل وحرج إهدن محميتَين طبيعيتَين بموجب القانون، ثم لحقت بهما محميّة أرز الشوف حتى أصبح عدد المحميات المعلنة بالقانون في لبنان أكثر من 15 محمية طبيعية. إلى تلك أضيفت 15 منطقة هامة للطيور بمباركة ورعاية من المنظمة العالمية للمحافظة على الطيور (Bird Life International)، وأضيفت كذلك نحو 19 منطقة حِمى للمحافظة على التراث الطبيعي بالطرق التقليدية الموروثة. يُذكر أنّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أعلنت أرز الشوف وجبل الريحان وجبل موسى محميّات محيط حيوي.
ماذا فعلت تلك المحميّات من أجل التنوّع البيولوجي، لا سيّما الطيور؟ من خلال الدراسات التي أعددناها تبيّن لنا بصورة قاطعة أنّ المحميّات مهما كانت تسميتها تنجح في مهامها فقط إذا كانت تملك خطة إدارية أُعدّت بمشاركة المجتمعات المحلية والمدنية وطبّقت عبرها.
حمى عنجر/ كفرزبد على سبيل المثال، لها إدارة مدعومة من قبل البلدية ومجموعة من حماة الحمى المحليين الذين يعملون على إدارة منطقتهم ويحمونها من الصيادين والمعتدين على الطبيعة وينظمون سياحة بيئية فيها ويشجعون السكان على ذلك. وهؤلاء يتقاضون رواتبهم من عائدات أنشطتهم من دون أيّ كلفة على الدولة أو البلدية أو أيّ إنسان. من هنا، أصبحنا نرى وللمرة الأولى طيور اللقلاق المهاجرة وطيور البجع والبط وغيرها من الطيور المائية ترتاح في الحمى بلا خوف من الصيادين. وأصبح بعضها يفرّخ في هذه الحمى بعدما كان يُعدّ من الأنواع المهاجرة، مثل غراب الليل والبط الخضيري وبط الحذف الصيفي. أمّا النعار السوري وطائر الترغل المهدّدَان بالانقراض على المستوى العالمي، فهما يفرّخان ويتكاثران في هذه الحمى التي ذاع صيتها عالمياً بفضل محافظتها على هذَين النوعَين بكل جدية ومسؤولية.
في حمى الفاكهة/ رأس بعلبك راح الكروان الصخري يعشّش ويفرّخ. وفي محميّة أرز الشوف للمحيط الحيوي التي تُدار من قبل أبنائها وبمباركة من زعمائها، شاهدنا نجاحات متتالية جعلت من عودة الضبع والذئب أمراً سهلاً، فيما قدّمت الأمان للطيور ليتكاثر منها ما لا يقلّ عن 60 نوعاً، لا سيّما الترغل والنعار السوري المهدّدَان بالانقراض وعقاب الحيات والعقيب الطويل الساق والصقر البيدق وصقر العوسق والقبرة القرناء وغيرها. أمّا محمية حرج إهدن، فلها اختصاصها في حماية عقاب بونللي والعقيب طويل الساق، فيما تهتم محميّة شاطئ صور ومحميّة جزر النخل الطبيعيتَان بحماية الأنواع البحرية من الطيور لا سيّما البط والمرز وغراب البحر وديك البحر وأنواع الكريجات والكرسوع وغيرها.
ثمّة محميّات أخرى ما زالت تجهد لبلوغ ما سبقتها إليه المحميّات التي ذكرناها آنفاً، فكلها تصبّ في اتجاه حماية الحياة البرية، خصوصاً الطيور، فتفرح عندما تشاهد تعشيش هذا الطائر أو ذاك فيها. لكنّ القائمين على هذه المحميات أنفسهم يتألمون ربّما أكثر من غيرهم عندما يلاحظون أنّ الأنواع التي يحمونها في محميّاتهم تُباد بقسوة وبلا رحمة ولا شفقة على أيدي القوّاصين. هؤلاء لا يعلمون أنّ الله خلق هذه الكائنات حتى تؤدّي دورها في تلقيح النباتات، والتهام الحشرات المضرّة للإنسان والشجر، وتناول الجيف لتنظيف الطبيعة منها، والتغذّي على الفئران التي تقضي على محاصيلهم فتوفّر على المزارع ثمن المبيدات وتبعد عن الإنسان سمومها وشرّها.
فهل يتحرّك المسؤولون عندما يعلمون أنّ الصيد غير المشروع على أيدي القوّاصين يبيد خمسة أضعاف ما يصطاده الصيادون بالطرق المشروعة مع ما يترتب على ذلك من ضرر على البيئة وصحة الإنسان؟
(اختصاصي في علم الطيور البريّة)
اقــرأ أيضاً
ماذا فعلت تلك المحميّات من أجل التنوّع البيولوجي، لا سيّما الطيور؟ من خلال الدراسات التي أعددناها تبيّن لنا بصورة قاطعة أنّ المحميّات مهما كانت تسميتها تنجح في مهامها فقط إذا كانت تملك خطة إدارية أُعدّت بمشاركة المجتمعات المحلية والمدنية وطبّقت عبرها.
حمى عنجر/ كفرزبد على سبيل المثال، لها إدارة مدعومة من قبل البلدية ومجموعة من حماة الحمى المحليين الذين يعملون على إدارة منطقتهم ويحمونها من الصيادين والمعتدين على الطبيعة وينظمون سياحة بيئية فيها ويشجعون السكان على ذلك. وهؤلاء يتقاضون رواتبهم من عائدات أنشطتهم من دون أيّ كلفة على الدولة أو البلدية أو أيّ إنسان. من هنا، أصبحنا نرى وللمرة الأولى طيور اللقلاق المهاجرة وطيور البجع والبط وغيرها من الطيور المائية ترتاح في الحمى بلا خوف من الصيادين. وأصبح بعضها يفرّخ في هذه الحمى بعدما كان يُعدّ من الأنواع المهاجرة، مثل غراب الليل والبط الخضيري وبط الحذف الصيفي. أمّا النعار السوري وطائر الترغل المهدّدَان بالانقراض على المستوى العالمي، فهما يفرّخان ويتكاثران في هذه الحمى التي ذاع صيتها عالمياً بفضل محافظتها على هذَين النوعَين بكل جدية ومسؤولية.
في حمى الفاكهة/ رأس بعلبك راح الكروان الصخري يعشّش ويفرّخ. وفي محميّة أرز الشوف للمحيط الحيوي التي تُدار من قبل أبنائها وبمباركة من زعمائها، شاهدنا نجاحات متتالية جعلت من عودة الضبع والذئب أمراً سهلاً، فيما قدّمت الأمان للطيور ليتكاثر منها ما لا يقلّ عن 60 نوعاً، لا سيّما الترغل والنعار السوري المهدّدَان بالانقراض وعقاب الحيات والعقيب الطويل الساق والصقر البيدق وصقر العوسق والقبرة القرناء وغيرها. أمّا محمية حرج إهدن، فلها اختصاصها في حماية عقاب بونللي والعقيب طويل الساق، فيما تهتم محميّة شاطئ صور ومحميّة جزر النخل الطبيعيتَان بحماية الأنواع البحرية من الطيور لا سيّما البط والمرز وغراب البحر وديك البحر وأنواع الكريجات والكرسوع وغيرها.
ثمّة محميّات أخرى ما زالت تجهد لبلوغ ما سبقتها إليه المحميّات التي ذكرناها آنفاً، فكلها تصبّ في اتجاه حماية الحياة البرية، خصوصاً الطيور، فتفرح عندما تشاهد تعشيش هذا الطائر أو ذاك فيها. لكنّ القائمين على هذه المحميات أنفسهم يتألمون ربّما أكثر من غيرهم عندما يلاحظون أنّ الأنواع التي يحمونها في محميّاتهم تُباد بقسوة وبلا رحمة ولا شفقة على أيدي القوّاصين. هؤلاء لا يعلمون أنّ الله خلق هذه الكائنات حتى تؤدّي دورها في تلقيح النباتات، والتهام الحشرات المضرّة للإنسان والشجر، وتناول الجيف لتنظيف الطبيعة منها، والتغذّي على الفئران التي تقضي على محاصيلهم فتوفّر على المزارع ثمن المبيدات وتبعد عن الإنسان سمومها وشرّها.
فهل يتحرّك المسؤولون عندما يعلمون أنّ الصيد غير المشروع على أيدي القوّاصين يبيد خمسة أضعاف ما يصطاده الصيادون بالطرق المشروعة مع ما يترتب على ذلك من ضرر على البيئة وصحة الإنسان؟
(اختصاصي في علم الطيور البريّة)