بطرق مُحكمة، تعتمد الحيلة والدهاء، يقع أشخاص في شرك عصابات السرقة في العراق، التي غالباً ما تستغل عواطف الناس للإيقاع بهم. تنتشر هذه الحوادث بالترافق مع الفوضى الأمنية
يتداول المواطنون العراقيون قصصاً غريبة تكشف الدهاء الذي تستخدمه عصابات السرقة في تنفيذ خططها. من هذه الحيل ما لم يعد خافياً إذ يروي كثيرون قصصها في ما بينهم، وينشرون تفاصيلها في وسائل التواصل الاجتماعي محذرين الآخرين من الوقوع فيها.
يتساءل شاكر فاضل، الذي تعرض للنصب مرتين: "هل نعدم إنسانيتنا كي لا نقع في شباك هؤلاء النصابين"؟ فاضل الذي يعمل مندوباً للمواد الغذائية في شركة محلية، يقول إنّه في أثناء عودته من عمله مساء أحد أيام يناير/ كانون الثاني الماضي، أوقفه رجل كان يحتاج إلى مساعدة بعدما نفد وقود سيارته، فركن سيارته وأعطاه ما يسدّ حاجته من الوقود وانصرف كلّ إلى وجهته. يتابع فاضل لـ"العربي الجديد": "عندما وصلت إلى البيت هممت لأخرج الحقيبة التي فيها المال الذي تقاضيته من زبائني أصحاب المحال، فلم أجدها، وفيها 30 مليون دينار (25 ألف دولار أميركي)".
فاضل الذي يؤكد أنّ الحقيبة كانت في مكان آمن خلف كرسي القيادة، خصصه لهذا الغرض، يقول إنّ سيارة أخرى ركنت إلى جانب سيارته وترجل منها سائق، كان إلى جانبه مراهق، عارضاً مساعدته ثم رحل بعد علمه ببساطة الموقف، وأنّ الأمر لا يتعدى نقل وقود من سيارته إلى السيارة الأخرى. يضيف: "لم أستغرب في حينه ذلك، فمن السائد بين السائقين أن يقدموا المساعدة في الطرقات لمن يحتاجها". يقول: "كان الأمر برمته مدبراً، فالرجل كان يدعي حاجته للوقود باتفاق مع السائق الآخر، الذي يبدو أنّه كان يتابعني، ثم شتت انتباهي بحجة تقديم المساعدة وأدى المراهق مهمة سرقة الحقيبة. هذا ما تبين لاحقاً".
اقــرأ أيضاً
هذه الحادثة تعرض لها فاضل بعد سبعة أشهر من حادثة أخرى دافعها إنساني أيضاً. يقول إنّه كان يحمل 3 آلاف دولار في دُرج السيارة الأمامي. وحين توقف عند شارة مرور مع مجموعة سيارات أخرى في محلة بغدادية مزدحمة، انتشر شبان ومراهقون يبيعون حاجيات مختلفة بين السيارات. يقول: "الجو وقتها كان لطيفاً، لذلك لم أغلق نافذتي السيارة الأماميتين، فشتتني شاب معوّق كان يتوسل إليّ أن أشتري منه بعضاً من الحلوى، ففعلت، لكن في أثناء انشغالي معه، كان أحدهم قد سرق النقود من الدُرج".
يعاني العراق من أزمة أمنية تستمر منذ غزوه عام 2003، ما ساعد في ظهور عصابات عديدة ومليشيات مسلحة، كانت وراء أعمال عنف وسطو وخطف وسرقة، وهو ما أكده رئيس الوزراء حيدر العبادي في مايو/ أيار الماضي، إذ شنَّ هجوماً على المليشيات المسلحة، منتقداً الانتهاكات التي ترتكبها.
عناصر في المليشيات يستغلون نفوذاً توفره لهم في تنفيذ جرائم مختلفة منها الخطف والسلب، وهو ما يؤكده ضابط في وزارة الداخلية تحدث إلى "العربي الجديد". يقول النقيب علي العبيدي إنّ الأجهزة الأمنية تعتقل مرة بعد أخرى عصابات وأشخاصاً ارتكبوا جرائم مختلفة، مثل السطو والسرقة والخطف وغيرها، مؤكداً أنّ "عدداً كبيراً من هؤلاء يفرج عنهم، بالرغم من الأدلة الكافية لإدانتهم، إذ تتدخل المليشيات، ويتبين أنّهم ينتمون إلى إحداها، فتجري تسوية الأمر. لا أحد يستطيع مخالفة طلب المليشيات".
بدوره، تفاجأ سمير الجميلي حين شاهد واحداً من عناصر المجموعة التي سرقته يقود سيارة عسكرية تابعة لإحدى المليشيات، مؤكداً أنّه اضطر إلى الرحيل عن منطقة سكنه إلى منطقة أخرى ليتفادى هذا الشخص وزملاءه. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ مجموعة من عناصر المليشيات استوقفته وأخبرته أنّها عائدة من معركة مع "داعش" في الأنبار. كان ذلك في ديسمبر/ كانون الأول 2015. قالوا له إنّهم في حاجة إلى عجلة لسيارتهم فأعطاهم عجلته الاحتياطية. يستدرك: "لكن، عندما هممت بالرحيل لم يتركوني، وأجبروني تحت تهديد السلاح على إعطائهم كلّ ما أملك. كنت أحمل 7 آلاف دولار و3 أجهزة هاتف محمول، وجهازاً لوحياً، وحتى ساعتي جردوني منها".
يشير الجميلي إلى أنّ "هذه المجموعة ألقي القبض عليها، واعترفت بعدة جرائم منها السرقة التي تعرضت لها بالذات. لكنّي حين رأيت أحدهم حراً ويقود إحدى سيارات الحشد، سألت عنه فتبين أنّه يسكن قريباً من بيتي وقد أطلق سراح المجموعة بالكامل، لذلك اخترت الرحيل من منطقة سكني تجنباً لمشاكل أخرى".
مواقع التواصل الاجتماعي، بدورها، أصبحت وسيلة لتنبيه العراقيين من خلال نشر الحيل والمصائد التي يستخدمها البعض للإيقاع بالآخرين. إحدى الصفحات نشرت صورة رجل وهو يجلس على ناصية أحد الشوارع، ويبدو عليه أنّه يعاني من ألم ما في جسده، لكنّ الصفحة حذرت من أنّ هذا الشخص ليس مريضاً إنّما يدعي ذلك، فحين يسعى أحدهم لنجدته يقع ضحية لعصابة تتربص به.
من جهته، يتحدث المحامي عصام حمد إلى "العربي الجديد" عن عصابات متمرسة، تنصب شراكها للناس بأساليب مبتكرة: "من بين هذه الحيل أن يرمي مراهق بحجر أو بيضة أو سائلاً أسود على سيارة عابرة. وحين ينزل السائق ليلحق به يكمل شخص آخر المهمة ويسرق السيارة". يضيف: "في أحسن الأحوال، يترك الجناة السيارة وقد سرقوا منها ما خفّ وزنه وغلا ثمنه".
اقــرأ أيضاً
يتداول المواطنون العراقيون قصصاً غريبة تكشف الدهاء الذي تستخدمه عصابات السرقة في تنفيذ خططها. من هذه الحيل ما لم يعد خافياً إذ يروي كثيرون قصصها في ما بينهم، وينشرون تفاصيلها في وسائل التواصل الاجتماعي محذرين الآخرين من الوقوع فيها.
يتساءل شاكر فاضل، الذي تعرض للنصب مرتين: "هل نعدم إنسانيتنا كي لا نقع في شباك هؤلاء النصابين"؟ فاضل الذي يعمل مندوباً للمواد الغذائية في شركة محلية، يقول إنّه في أثناء عودته من عمله مساء أحد أيام يناير/ كانون الثاني الماضي، أوقفه رجل كان يحتاج إلى مساعدة بعدما نفد وقود سيارته، فركن سيارته وأعطاه ما يسدّ حاجته من الوقود وانصرف كلّ إلى وجهته. يتابع فاضل لـ"العربي الجديد": "عندما وصلت إلى البيت هممت لأخرج الحقيبة التي فيها المال الذي تقاضيته من زبائني أصحاب المحال، فلم أجدها، وفيها 30 مليون دينار (25 ألف دولار أميركي)".
فاضل الذي يؤكد أنّ الحقيبة كانت في مكان آمن خلف كرسي القيادة، خصصه لهذا الغرض، يقول إنّ سيارة أخرى ركنت إلى جانب سيارته وترجل منها سائق، كان إلى جانبه مراهق، عارضاً مساعدته ثم رحل بعد علمه ببساطة الموقف، وأنّ الأمر لا يتعدى نقل وقود من سيارته إلى السيارة الأخرى. يضيف: "لم أستغرب في حينه ذلك، فمن السائد بين السائقين أن يقدموا المساعدة في الطرقات لمن يحتاجها". يقول: "كان الأمر برمته مدبراً، فالرجل كان يدعي حاجته للوقود باتفاق مع السائق الآخر، الذي يبدو أنّه كان يتابعني، ثم شتت انتباهي بحجة تقديم المساعدة وأدى المراهق مهمة سرقة الحقيبة. هذا ما تبين لاحقاً".
يعاني العراق من أزمة أمنية تستمر منذ غزوه عام 2003، ما ساعد في ظهور عصابات عديدة ومليشيات مسلحة، كانت وراء أعمال عنف وسطو وخطف وسرقة، وهو ما أكده رئيس الوزراء حيدر العبادي في مايو/ أيار الماضي، إذ شنَّ هجوماً على المليشيات المسلحة، منتقداً الانتهاكات التي ترتكبها.
عناصر في المليشيات يستغلون نفوذاً توفره لهم في تنفيذ جرائم مختلفة منها الخطف والسلب، وهو ما يؤكده ضابط في وزارة الداخلية تحدث إلى "العربي الجديد". يقول النقيب علي العبيدي إنّ الأجهزة الأمنية تعتقل مرة بعد أخرى عصابات وأشخاصاً ارتكبوا جرائم مختلفة، مثل السطو والسرقة والخطف وغيرها، مؤكداً أنّ "عدداً كبيراً من هؤلاء يفرج عنهم، بالرغم من الأدلة الكافية لإدانتهم، إذ تتدخل المليشيات، ويتبين أنّهم ينتمون إلى إحداها، فتجري تسوية الأمر. لا أحد يستطيع مخالفة طلب المليشيات".
بدوره، تفاجأ سمير الجميلي حين شاهد واحداً من عناصر المجموعة التي سرقته يقود سيارة عسكرية تابعة لإحدى المليشيات، مؤكداً أنّه اضطر إلى الرحيل عن منطقة سكنه إلى منطقة أخرى ليتفادى هذا الشخص وزملاءه. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ مجموعة من عناصر المليشيات استوقفته وأخبرته أنّها عائدة من معركة مع "داعش" في الأنبار. كان ذلك في ديسمبر/ كانون الأول 2015. قالوا له إنّهم في حاجة إلى عجلة لسيارتهم فأعطاهم عجلته الاحتياطية. يستدرك: "لكن، عندما هممت بالرحيل لم يتركوني، وأجبروني تحت تهديد السلاح على إعطائهم كلّ ما أملك. كنت أحمل 7 آلاف دولار و3 أجهزة هاتف محمول، وجهازاً لوحياً، وحتى ساعتي جردوني منها".
يشير الجميلي إلى أنّ "هذه المجموعة ألقي القبض عليها، واعترفت بعدة جرائم منها السرقة التي تعرضت لها بالذات. لكنّي حين رأيت أحدهم حراً ويقود إحدى سيارات الحشد، سألت عنه فتبين أنّه يسكن قريباً من بيتي وقد أطلق سراح المجموعة بالكامل، لذلك اخترت الرحيل من منطقة سكني تجنباً لمشاكل أخرى".
مواقع التواصل الاجتماعي، بدورها، أصبحت وسيلة لتنبيه العراقيين من خلال نشر الحيل والمصائد التي يستخدمها البعض للإيقاع بالآخرين. إحدى الصفحات نشرت صورة رجل وهو يجلس على ناصية أحد الشوارع، ويبدو عليه أنّه يعاني من ألم ما في جسده، لكنّ الصفحة حذرت من أنّ هذا الشخص ليس مريضاً إنّما يدعي ذلك، فحين يسعى أحدهم لنجدته يقع ضحية لعصابة تتربص به.
من جهته، يتحدث المحامي عصام حمد إلى "العربي الجديد" عن عصابات متمرسة، تنصب شراكها للناس بأساليب مبتكرة: "من بين هذه الحيل أن يرمي مراهق بحجر أو بيضة أو سائلاً أسود على سيارة عابرة. وحين ينزل السائق ليلحق به يكمل شخص آخر المهمة ويسرق السيارة". يضيف: "في أحسن الأحوال، يترك الجناة السيارة وقد سرقوا منها ما خفّ وزنه وغلا ثمنه".