واقع مأساوي يعيشه أساتذة الجامعات في السودان، إذ يشكون من ضعف الرواتب ورداءة بيئة العمل، ما أصاب كثيرين منهم باليأس والإحباط، ودفع أكثر من خمسين ألف أستاذ جامعي إلى الهجرة إلى خارج البلاد، أو تغيير المهنة. وتعدّ دول الخليج، لاسيما السعودية، الوجهه الرئيسيّة للأساتذة السودانيين، إذ يتقاضون أضعاف ما يحصلون عليه في بلادهم.
في الفترة الأخيرة، التفتت الحكومة السودانيّة إلى خطر هجرة الأساتذة، نتيجة التأثيرات السلبيّة على العملية التعليمية، واللّجوء إلى التعاقد مع أستاذ واحد في أكثر من جامعة لتغطية العجز.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد أعلن التزامه بتحسين أوضاع أساتذة الجامعات، ما يجعل من المهنة جاذبة، وصولاً إلى الحدّ من الهجرة. ولفت إلى أنّ السبب الرئيسي لهجرة الأساتذة هو حصولهم على سكن في الخارج. لذلك، تعهّد بتوفير سكن نموذجي للأساتذة، وتسهيل عملية الاقتراض من المصارف ليتمكنوا من بناء منازل خاصة لهم. لكنّ عدداً من الأساتذة قابلوا هذه الوعود بعدم مبالاة، في ظلّ تكرار الوعود وفشل الرئيس في تنفيذها، ما جعل استمرارهم في المهنة يرتبط بغياب البديل.
سمسرة
ويفتقر الأستاذ الجامعي إلى أبسط حقوقه. على سبيل المثال، نادراً ما توفر الجامعات سيارات خاصة للأساتذة، كما أنّهم يحصلون على بدل سكن زهيد. محمد، وهو أستاذ جامعي استقال من عمله، يقول إنّه لطالما حلم بتعيينه معيداً في الجامعة، وهو ما تحقّق بعد تخرّجه من كلية الهندسة في إحدى جامعات العاصمة الخرطوم. عمل معيداً مدة خمسة أعوام، قبل أن يُجبر على الاستقالة، بعدما عجز عن تأمين وضع أفضل له ولأسرته. بدأ يعمل سائقاً، وقد تحسّن وضعه المالي. يضيف: "الآن وضعي أفضل بكثير. يوميّاً، أحصل على نحو خمسمائة جنيه سوداني (نحو 75 دولاراً أميركياً)، لأتمكن من تأمين الراتب الذي كنت أتقاضاه في الجامعة خلال خمسة أو ستة أيام فقط".
محمد لم يقرّر وحده هجر مهنة التدريس والعمل في وظائف أخرى في شركات خاصة وغيرها، أو السفر إلى خارج البلاد. ويعمد أساتذة الجامعات في السودان، من الذين منعتهم ظروفهم من السفر، إلى التدريس في جامعات عدة في وقت واحد، بحسب نظام الساعة، إضافة إلى الجمع بين مهنة التدريس ومهن أخرى كالسمسرة أو التجارة وغيرها.
ويقول معاذ (اسم مستعار)، وهو أستاذ جامعي، إنّ الوضع في البلاد يضطرنا إلى العمل في أكثر من جامعة، لافتاً إلى أنّ هجرة الأساتذة أدّت إلى نقص كبير في كليات عدة. ويؤكّد أنّ غالبيّة أساتذة الجامعات يفضّلون الهجرة إلى خارج البلاد، باعتبار أن العمل لمدة عام واحد في إحدى الجامعات في السعودية يؤمن للأستاذ راتباً جيّداً وامتيازات كثيرة. يضيف: "المقارنة معدومة تماماً، فضلاً عن البيئة المهيئة للتدريس والتي تبعث الحماس:. بعض من يعيش في السودان حالياً هم من الذين تغرّبوا وعادوا إليها، إضافة إلى آخرين لا تسمح لهم ظروفهم بالسفر، ليجبروا على البقاء والبحث عن بدائل لتحسين أوضاعهم المعيشية.
ويلفت معاذ إلى أن الرواتب متفاوتة. على سبيل المثال، يتقاضى البروفيسور نحو سبعة آلاف جنيه (نحو 300 دولار)، في وقت لا يزيد راتب المحاضر عن أربعة آلاف جنيه (نحو 200 دولار). مساعد المدرّس يتقاضى ثلاثة آلاف جنيه (نحو 160 دولاراً). ولتدبير أموره، يعمل في جامعتين، ما يعني أنّ ساعات الراحة شبه معدومة. ويلفت إلى أنّه يفترض أن يقضي الأستاذ الجامعي الوقت الذي لا يكون فيه محاضرات في الأبحاث. لكن ما من أحد يهتمّ بهذه التفاصيل، لأنّهم يركضون خلف لقمة العيش. يضيف: "كأستاذ فيزياء، يفترض أن أقضي جزءاً من الأسبوع في المختبر، إلّا أنني لا أملك الوقت، بل أستغلّ كل دقيقة فراغ للعمل وتأمين احتياجات أسرتي المتزايدة. وأعتقد أن بلادنا لن تتقدم طالما أن الأستاذ الجامعي يحمل حقيبته ويبحث هائماً لتحسين وضعة المعيشي".
وكان وزير الدولة في وزارة التعليم العالي، التجاني مصطفى، قد أقرّ بمحدوديّة تمويل قطاع التعليم، والحاجة الماسة إلى تحسين أوضاع أساتذة الجامعات والباحثين، فضلاً عن تهيئة بيئة جامعية مناسبة، وتوفير فرص تدريب. وأكد الالتزام بتوجيهات الرئيس السوداني، وأعلن أمام البرلمان توفير 151 فرصة ابتعاث أعضاء هيئة التدريس لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه في الخارج، فضلاً عن تأمين مخصّصات ماليّة لـ 250 أستاذاً يتابعون الماجستير والدكتوراه في البلاد.
اقــرأ أيضاً
وقبل أكثر من عام ونصف العام، عمدت وزارة التعليم العالي إلى تأمين حوافز لتحسين شروط خدمة أعضاء هيئة التدريس، في محاولة لوقف هجرة العقول. في ذلك الوقت، لاقت الخطوة استهجاناً من قبل الأساتذة، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة والمتفاقمة في البلاد.
زيادة مع وقف التنفيذ
وأقرّ المجلس القومي للتعليم العالي، قبل نحو ثلاثة أعوام، زيادة على راتب الأستاذ الجامعي من 3100 جنيه (نحو 465 دولاراً) إلى تسعة آلاف (نحو 1351 دولاراً)، من دون أن ينفذ، سعياً إلى الحدّ من هجرة الأساتذة إلى الخارج، وتأثر العملية التعليمية. وتؤكّد الإحصائيات الصادرة في عام 2012 أنّ عدد الأستاذة المهاجرين وصل إلى 12 ألفاً.
واقع الحال يشير إلى استمرار هجرة الأساتذة، بحسب آخر إحصائيّة صادرة عن جهاز المغتربين في الخرطوم. وأفادت بأن عدد الأساتذة المهاجرين وصل إلى 50 ألف أستاذ، فيما أكدت مصادر لـ "العربي الجديد" أن الرقم زاد في عام 2016 بنسبة 30 في المائة.
إلى ذلك، يقول رئيس قسم في جامعة الخرطوم، الطيب زين العابدين، لـ "العربي الجديد"، إنه لم يحصل أساتذة الجامعة على أية زيادة على رواتبهم منذ أكثر من أربعة أعوام. يضيف: "ما من أستاذ قادر على الاعتماد على راتبه وحده للعيش، وحتى مدير الجامعة". ويوضح أنّه بروفيسور، ما يعني أنّ راتبه يعدّ الأعلى في الجامعة. مع ذلك، فإنّ ما يُنفقه على احتياجاته وأسرته يساوي ضعف راتبه. ويلفت إلى أنّ السفر للتدريس في الخارج بات هدف معظم الأساتذة، بسبب الرواتب العالية التي يتقاضونها. حتّى الطلّاب المتفوقون باتوا يختارون العمل في مجالات أُخرى، على غرار التجارة.
ويرى أنّه من يستمرّ بالتدريس في هذا الوضع يعاني من وضع نفسي سيئ، ويكون فاقداً للحماس. يضيف: "هؤلاء لن يعطوا نموذجاً جيّداً للطلاب، ما قد ينعكس سلباً عليهم". ويوضح أنّ "معظم الأساتذة الآن محبطون، ويستمرون في التدريس في ظل غياب البديل. وهناك من تمنعه ظروفه من التفكير في الهجرة".
في ظل الوضع الراهن، يؤكّد أنّ الجامعات باتت تبقي الأساتذة حتّى بعد بلوغهم سنّ التقاعد، نظراً لهجرة الشباب. وينتقد زين العابدين الوضع في الجامعات، لاسيما الحكوميّة منها، مشيراً إلى افتقار كثير منها لأساسيّات التدريس. ويؤكّد أن معظم الجامعات تصرف من مواردها الخاصة، على غرار جامعة الخرطوم. ويشير إلى أنّه قبل أعوام، كانت تصرف على بند التسيير بنسبة 90 في المائة من مواردها، بينما تلتزم الحكومة بالعشرة في المائة المتبقية.
كذلك، لا تلتزم الدولة بدفع مبالغ للفصل الثالث والرابع الخاص بشراء الأصول والتنمية.
يضيف زين العابدين: "لا أعتقد أن الوضع تحسن، بل بات أسوأ على الأرجح". يضيف أن الوضع في الجامعات بات أكثر سوءاً، ويشعر الأهل بإحباط كبير، خصوصاً أنّهم يلاحظون اهتماماً حكوميّاً بالضباط في الجيش والعاملين في مجال الأمن، وتنفق الدولة عليهم نحو 70 في المائة من ميزانيتها. ويرى أنّ الوضع برمته ينعكس سلباً على مسيرة التعليم في البلاد، إذ إن اليأس والإحباط والسعي وراء لقمة العيش من شأنة أن يؤثر على أداء الأستاذ وقيامه بواجباته الضرورية وتحقيق مستوى عال من الأداء والتميز. ويقلّل من الوعود بتحسين وضع الأستاذ الجامعي، لافتاً إلى أن تلك الوعود ليست جديدة على القطاع، وعادة ما تتكرّر من دون أن تجد لها موطئ قدم على الأرض.
وفي إحصائية صادرة في عام 2012، فإن العاملين في مؤسسات التعليم العالي يُقدّرون بنحو 22 ألفاً، منهم نحو 13 ألفاً في هيئة التدريس.
اقــرأ أيضاً
في الفترة الأخيرة، التفتت الحكومة السودانيّة إلى خطر هجرة الأساتذة، نتيجة التأثيرات السلبيّة على العملية التعليمية، واللّجوء إلى التعاقد مع أستاذ واحد في أكثر من جامعة لتغطية العجز.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد أعلن التزامه بتحسين أوضاع أساتذة الجامعات، ما يجعل من المهنة جاذبة، وصولاً إلى الحدّ من الهجرة. ولفت إلى أنّ السبب الرئيسي لهجرة الأساتذة هو حصولهم على سكن في الخارج. لذلك، تعهّد بتوفير سكن نموذجي للأساتذة، وتسهيل عملية الاقتراض من المصارف ليتمكنوا من بناء منازل خاصة لهم. لكنّ عدداً من الأساتذة قابلوا هذه الوعود بعدم مبالاة، في ظلّ تكرار الوعود وفشل الرئيس في تنفيذها، ما جعل استمرارهم في المهنة يرتبط بغياب البديل.
سمسرة
ويفتقر الأستاذ الجامعي إلى أبسط حقوقه. على سبيل المثال، نادراً ما توفر الجامعات سيارات خاصة للأساتذة، كما أنّهم يحصلون على بدل سكن زهيد. محمد، وهو أستاذ جامعي استقال من عمله، يقول إنّه لطالما حلم بتعيينه معيداً في الجامعة، وهو ما تحقّق بعد تخرّجه من كلية الهندسة في إحدى جامعات العاصمة الخرطوم. عمل معيداً مدة خمسة أعوام، قبل أن يُجبر على الاستقالة، بعدما عجز عن تأمين وضع أفضل له ولأسرته. بدأ يعمل سائقاً، وقد تحسّن وضعه المالي. يضيف: "الآن وضعي أفضل بكثير. يوميّاً، أحصل على نحو خمسمائة جنيه سوداني (نحو 75 دولاراً أميركياً)، لأتمكن من تأمين الراتب الذي كنت أتقاضاه في الجامعة خلال خمسة أو ستة أيام فقط".
محمد لم يقرّر وحده هجر مهنة التدريس والعمل في وظائف أخرى في شركات خاصة وغيرها، أو السفر إلى خارج البلاد. ويعمد أساتذة الجامعات في السودان، من الذين منعتهم ظروفهم من السفر، إلى التدريس في جامعات عدة في وقت واحد، بحسب نظام الساعة، إضافة إلى الجمع بين مهنة التدريس ومهن أخرى كالسمسرة أو التجارة وغيرها.
ويقول معاذ (اسم مستعار)، وهو أستاذ جامعي، إنّ الوضع في البلاد يضطرنا إلى العمل في أكثر من جامعة، لافتاً إلى أنّ هجرة الأساتذة أدّت إلى نقص كبير في كليات عدة. ويؤكّد أنّ غالبيّة أساتذة الجامعات يفضّلون الهجرة إلى خارج البلاد، باعتبار أن العمل لمدة عام واحد في إحدى الجامعات في السعودية يؤمن للأستاذ راتباً جيّداً وامتيازات كثيرة. يضيف: "المقارنة معدومة تماماً، فضلاً عن البيئة المهيئة للتدريس والتي تبعث الحماس:. بعض من يعيش في السودان حالياً هم من الذين تغرّبوا وعادوا إليها، إضافة إلى آخرين لا تسمح لهم ظروفهم بالسفر، ليجبروا على البقاء والبحث عن بدائل لتحسين أوضاعهم المعيشية.
ويلفت معاذ إلى أن الرواتب متفاوتة. على سبيل المثال، يتقاضى البروفيسور نحو سبعة آلاف جنيه (نحو 300 دولار)، في وقت لا يزيد راتب المحاضر عن أربعة آلاف جنيه (نحو 200 دولار). مساعد المدرّس يتقاضى ثلاثة آلاف جنيه (نحو 160 دولاراً). ولتدبير أموره، يعمل في جامعتين، ما يعني أنّ ساعات الراحة شبه معدومة. ويلفت إلى أنّه يفترض أن يقضي الأستاذ الجامعي الوقت الذي لا يكون فيه محاضرات في الأبحاث. لكن ما من أحد يهتمّ بهذه التفاصيل، لأنّهم يركضون خلف لقمة العيش. يضيف: "كأستاذ فيزياء، يفترض أن أقضي جزءاً من الأسبوع في المختبر، إلّا أنني لا أملك الوقت، بل أستغلّ كل دقيقة فراغ للعمل وتأمين احتياجات أسرتي المتزايدة. وأعتقد أن بلادنا لن تتقدم طالما أن الأستاذ الجامعي يحمل حقيبته ويبحث هائماً لتحسين وضعة المعيشي".
وكان وزير الدولة في وزارة التعليم العالي، التجاني مصطفى، قد أقرّ بمحدوديّة تمويل قطاع التعليم، والحاجة الماسة إلى تحسين أوضاع أساتذة الجامعات والباحثين، فضلاً عن تهيئة بيئة جامعية مناسبة، وتوفير فرص تدريب. وأكد الالتزام بتوجيهات الرئيس السوداني، وأعلن أمام البرلمان توفير 151 فرصة ابتعاث أعضاء هيئة التدريس لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه في الخارج، فضلاً عن تأمين مخصّصات ماليّة لـ 250 أستاذاً يتابعون الماجستير والدكتوراه في البلاد.
وقبل أكثر من عام ونصف العام، عمدت وزارة التعليم العالي إلى تأمين حوافز لتحسين شروط خدمة أعضاء هيئة التدريس، في محاولة لوقف هجرة العقول. في ذلك الوقت، لاقت الخطوة استهجاناً من قبل الأساتذة، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة والمتفاقمة في البلاد.
زيادة مع وقف التنفيذ
وأقرّ المجلس القومي للتعليم العالي، قبل نحو ثلاثة أعوام، زيادة على راتب الأستاذ الجامعي من 3100 جنيه (نحو 465 دولاراً) إلى تسعة آلاف (نحو 1351 دولاراً)، من دون أن ينفذ، سعياً إلى الحدّ من هجرة الأساتذة إلى الخارج، وتأثر العملية التعليمية. وتؤكّد الإحصائيات الصادرة في عام 2012 أنّ عدد الأستاذة المهاجرين وصل إلى 12 ألفاً.
واقع الحال يشير إلى استمرار هجرة الأساتذة، بحسب آخر إحصائيّة صادرة عن جهاز المغتربين في الخرطوم. وأفادت بأن عدد الأساتذة المهاجرين وصل إلى 50 ألف أستاذ، فيما أكدت مصادر لـ "العربي الجديد" أن الرقم زاد في عام 2016 بنسبة 30 في المائة.
إلى ذلك، يقول رئيس قسم في جامعة الخرطوم، الطيب زين العابدين، لـ "العربي الجديد"، إنه لم يحصل أساتذة الجامعة على أية زيادة على رواتبهم منذ أكثر من أربعة أعوام. يضيف: "ما من أستاذ قادر على الاعتماد على راتبه وحده للعيش، وحتى مدير الجامعة". ويوضح أنّه بروفيسور، ما يعني أنّ راتبه يعدّ الأعلى في الجامعة. مع ذلك، فإنّ ما يُنفقه على احتياجاته وأسرته يساوي ضعف راتبه. ويلفت إلى أنّ السفر للتدريس في الخارج بات هدف معظم الأساتذة، بسبب الرواتب العالية التي يتقاضونها. حتّى الطلّاب المتفوقون باتوا يختارون العمل في مجالات أُخرى، على غرار التجارة.
ويرى أنّه من يستمرّ بالتدريس في هذا الوضع يعاني من وضع نفسي سيئ، ويكون فاقداً للحماس. يضيف: "هؤلاء لن يعطوا نموذجاً جيّداً للطلاب، ما قد ينعكس سلباً عليهم". ويوضح أنّ "معظم الأساتذة الآن محبطون، ويستمرون في التدريس في ظل غياب البديل. وهناك من تمنعه ظروفه من التفكير في الهجرة".
في ظل الوضع الراهن، يؤكّد أنّ الجامعات باتت تبقي الأساتذة حتّى بعد بلوغهم سنّ التقاعد، نظراً لهجرة الشباب. وينتقد زين العابدين الوضع في الجامعات، لاسيما الحكوميّة منها، مشيراً إلى افتقار كثير منها لأساسيّات التدريس. ويؤكّد أن معظم الجامعات تصرف من مواردها الخاصة، على غرار جامعة الخرطوم. ويشير إلى أنّه قبل أعوام، كانت تصرف على بند التسيير بنسبة 90 في المائة من مواردها، بينما تلتزم الحكومة بالعشرة في المائة المتبقية.
كذلك، لا تلتزم الدولة بدفع مبالغ للفصل الثالث والرابع الخاص بشراء الأصول والتنمية.
يضيف زين العابدين: "لا أعتقد أن الوضع تحسن، بل بات أسوأ على الأرجح". يضيف أن الوضع في الجامعات بات أكثر سوءاً، ويشعر الأهل بإحباط كبير، خصوصاً أنّهم يلاحظون اهتماماً حكوميّاً بالضباط في الجيش والعاملين في مجال الأمن، وتنفق الدولة عليهم نحو 70 في المائة من ميزانيتها. ويرى أنّ الوضع برمته ينعكس سلباً على مسيرة التعليم في البلاد، إذ إن اليأس والإحباط والسعي وراء لقمة العيش من شأنة أن يؤثر على أداء الأستاذ وقيامه بواجباته الضرورية وتحقيق مستوى عال من الأداء والتميز. ويقلّل من الوعود بتحسين وضع الأستاذ الجامعي، لافتاً إلى أن تلك الوعود ليست جديدة على القطاع، وعادة ما تتكرّر من دون أن تجد لها موطئ قدم على الأرض.
وفي إحصائية صادرة في عام 2012، فإن العاملين في مؤسسات التعليم العالي يُقدّرون بنحو 22 ألفاً، منهم نحو 13 ألفاً في هيئة التدريس.