تستمر الهزات الأرضية الخفيفة في مناطق جنوب وشمال العراق، للشهر الثاني على التوالي، وهي ظاهرة لم يألفها العراقيون من قبل، وخلفت أضرارا مادية متفاوتة في محافظتي أربيل والسليمانية.
وتتفاوت آراء المختصين العراقيين حول أسباب الزلازل الحالية، خاصة أن العراق لا يصنف ضمن دول "خط الزلازل"، إلا أن آراء كثيرة رجحت إمكانية تكرارها بشكل أكثر عنفا، في حين استغل رجال دين الظاهرة واعتبروا أن كثرة الذنوب والمعاصي وتفشي الفساد ضمن أسباب تكرار الزلازل، حتى أن أحدهم زعم أن أحد الأولياء غاضب على العراقيين.
وقال الباحث الاجتماعي العراقي، حسين أيوب، لـ"العربي الجديد"، إن محاولة ربط الظاهرة بالدين "جزء من سلسلة استغفال الشعب. سمعنا رجال دين يطالبون الناس بالتبرع، ومشعوذين أصدروا تمائم لبيعها لمنع اهتزاز المنازل، وعلى الحكومة مكافحتهم".
وأصدرت هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي في بغداد، تقريراً مفصلاً، أمس الأول الأحد، حول الهزات الأرضية التي ضربت أخيرا مناطق عدة، وأكدت وقوع 21 هزة أرضية بين 10 و18 من الشهر الحالي، لم تتجاوز قوتها 4.5 درجات على مقياس ريختر، في حين كانت أغلب الهزات غير محسوسة، باستثناء أربع هزات فقط، وضربت الهزة الأقوى المنطقة الواقعة جنوب غربي قضاء الرفاعي.
وأكدت هيئة الرصد الزلزالي في كردستان، في تقرير، أن آخر زلزال مرصود بلغت قوته 3.5 درجات على مقياس ريختر في منطقة قلعة دزه، شمال أربيل، مؤكدة أن الإقليم لا يقع ضمن خط الزلازل، لكن ما حدث هو ارتداد لزلزال وقع داخل الأراضي الإيرانية.
ويقول الخبير الجيولوجي العراقي، محمد الأحمد، لـ"العربي الجديد"، إن سبب الزلازل الحالي هو ارتداد لزلازل مماثلة في إيران أدت الى تصدع وارتباك داخل القشرة الأرضية بالعراق،
مبينا أن تكرار ذلك سيجعل العراق من دول الزلازل، بعد أن كان دولة مجاورة لكل من تركيا وإيران المصنفتين ضمن خط الزلازل الذي يتحرك ويتسع.
وأكدت النائبة في البرلمان العراقي، زينب الخزرجي، في تصريحات صحافية، أن "الشركات النفطية هي السبب الرئيسي في الهزات الأرضية بسبب التفجيرات المفتعلة داخل الآبار النفطية"، مضيفة أن "تلك الهزات تسببت بتهدم وتشقق العديد من منازل المواطنين، كون غالبية المنازل في قضاء الرفاعي قديمة. أغلب العائلات احتجت، وبدأت بالتحضير لهجر القضاء إلى مدن مجاورة بعد الهزات".
بدورها، أعربت شركة النفط الماليزية "بتروناس"، عن أسفها لما وصفته بالشائعات حول صلة الشركة بالهزات المتتالية، مؤكدة أنه "لا توجد أي علاقة بين ما يحدث من هزات أرضية والأعمال النفطية التي تجري في المنطقة".
من جهة أخرى، أكد الجيولوجي ستار مهدي جبارة، أن "ما يحدث في المنطقة له صلة بالنشاط البركاني الذي يحدث في منطقة البحر الأحمر الذي يتمدد أربعة مليمترات سنويا، ولأن العراق يقع ضمن صفيحة الجزيرة العربية التكتونية، فإن هذه الصفيحة تهتز بفعل النشاط البركاني مصطدمة بالصفيحة المجاورة لها، والتي تضم إيران، فتكون ردة الفعل هزات ارتدادية تصيب مدينة الرفاعي وقلعة سكر".
وكانت وزارة النفط العراقية نفت علاقة نشاطاتها التنقيبية بالهزات الأرضية في ذي قار، مؤكدة أن الزلازل ظاهرة طبيعة تحدث نتيجة لعوامل عديدة، أبرزها التحرك الدائم للصفائح في طبقات الأرض، ما أسفر عن وقوع هزات ارتدادية في العديد من مدن البلاد، وعدم اقتصارها على مناطق الرفاعي وقلعة سكر.