تحاول عائلة شحادة أن تتشبث بآخر ما تبقى لها من أرض بالقرب من مستوطنة "أفرات" المقامة على أراضي الفلسطينيين في مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، بعد أن سرقتها سلطات الاحتلال لبناء المستوطنة وشارعها الأمني.
كان أصحاب الأرض يعيشون في دول عربية، ويتفقدون أرضهم خلال زيارات الصيف التي كانوا يتواجدون فيها بفلسطين، وفي العام 1981 لاحظوا أن ثمة تغييرات جذرية.
ويقول إسماعيل شحادة، أحد أفراد العائلة المالكة للأرض، لـ"العربي الجديد"، إنه لاحظ في ذلك العام وجود بيوت متنقلة في أرضه البالغة مساحتها 29 دونماً، وعندما توجه إليها أخبره العمال أنهم ينجزون عملهم بأمر عسكري، وأن هذا الأمر مؤقت وستعود المياه إلى مجاريها بعد فترة.
عاد شحادة من السفر بعد عامين، وجد الحفريات في أرضه، وتأسيس بنية تحتية، ومن ثم ولدت مستوطنة أفرات، وسرقت نصف أرضه، وتركت له بضعة دونمات. رفعت العائلة إثر ذلك دعوى قضائية ضدهم، وماطل الاحتلال في بتها حتى عام 2010 حين صدر أمر قضائي يقضي بأن الأرض التي أقيمت عليها المستوطنة هي أرض مستولى عليها، والأرض التي في أسفل الشارع الأمني هي للعائلة.
يقول شحادة إن الأرض المتبقية له توجد فيها مخلفات بناء تعود لمستوطنة أفرات التي شيدت عليها، وفرضت المحكمة على قوات الاحتلال إزالتها، لكنها لم تزل حتى اليوم، وكلما حاولت العائلة أن تتوجه نحو الأرض وتحاول أن تستصلحها يتم طردها.
ويضيف "في كل مرة تحاول العائلة الذهاب إلى الأرض، يهاجمها أطفال المستوطنين، ومن ثم يحضر جيش الاحتلال على الفور ويطردها، أو يتم فتح خط المياه العادمة والتخريب عليها، أو يهاجمها الحراس".
آخر هذه المحاولات كانت قبل أيام، عندما توجه شحادة وأفراد العائلة إلى أرضهم وهم يحملون أشتال الزيتون لزراعتها، بغرض تثبيتها هناك، سرعان ما اعترض حارس المستوطنة طريقهم وبعد مناوشات معه اتصل بجيش الاحتلال الذي احتجز أفراد العائلة لعدة ساعات ثم أطلق سراحهم مع ساعات المساء.
ويوضح شحادة أن الجنود احتجزوا أفراد العائلة في البرد القارس، وطلبوا منهم أن ألا يرجعوا إلى الأرض وتقديم شكوى في مقر الارتباط العسكري في تجمع مستوطنات "غوش عتسيون" ببيت لحم، وألا يرجعوا إليها بدون أمر.
يريد أفراد عائلة شحادة أن يحافظوا على إرث والدهم المتوفي، وأرضهم الزراعية هناك، التي يزيد عمرها عن عمر المستوطنة الإسرائيلية. وستواصل العائلة كفاحها حتى تستعيد كل شبر منها. وتملك العائلة أوراقا ثبوتية من زمن المملكة الأردنية الهاشمية، ولديها السجلات والخرائط التي تساندها في الشق القانوني.
لن تستغني العائلة عن الأرض، وثمة رسالة يحملها الصغار قبل الكبار، بأن الأرض ستعود لأصحابها، وأن الحق لا يضيع، وفق ما يقول المثل الشعبي "ما دام خلفه مُطالب"، يقول أحد أفراد العائلة.