وتنضم الواقعة إلى وقائع استغلال النفوذ والسلطة والقوة بشكل فجّ، وشهدتها منطقة العباسية في القاهرة بمصر عام 2016، إثر قيام ضابط شرطة في قسم شرطة الوايلي و8 شرطيين آخرين، باستغلال نفوذ عملهم والتهجم على ساكن في العقار رقم 37 شارع سبيل الخازندار بالعباسية، وضربه داخل منزله حتى الموت، والتعدّي على زوجته ونجله بالضرب، وذلك لعلاقة تربطهم بمالك العقار، ومجاملة له لإجبار الضحية على التنازل عن حقه في شقته وكذلك في محلّ بالعقار.
القضية حملت الرقم 4126 لسنة 2016 جنايات الوايلي، والمقيدة برقم 20 لسنة 2016 حصر تحقيق حوادث غرب القاهرة، وتولى التحقيق فيها المستشار مينا شارلي رئيس النيابة الكلية بغرب القاهرة، تحت إشراف المستشار عبد الرحمن شتلة المحامي العام الأول لنيابة غرب القاهرة الكلية.
تفاصيل الواقعة كما ترويها أوراقها التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، تضم 9 متهمين هم "نادر نبيل بولس شنودة (28 سنة) ضابط في وحدة مباحث قسم شرطة الوايلي، ورأفت السيد محمود عبدالقادر (43 سنة) مساعد أمين شرطة في القسم، ورزق محمد إبراهيم يحيى (33 سنة) أمين شرطة في القسم، وعلاء الدين عرفات إبراهيم موسى (38 سنة) مندوب شرطة في القسم، ومحمود فوزي علي عبدالعال (34 سنة) أمين شرطة، ومحمد عبد النبي عبد العزيز خليفة (35 سنة) شرطي في القسم، ونبيل السيد محمود علي (39 سنة) أمين شرطة في القسم، ومحمد محمد علي أحمد (33 سنة) أمين شرطة في القسم، وعبد الرحمن حامد عبد الرحمن محمد (31 سنة) عريف في القسم".
وقد جاءت أقوال الشهود لتكشف عن تفاصيلها، إذ أكد العقيد حسام الدين أحمد الدحلا (48 سنة) مفتش المباحث الجنائية في قطاع مصلحة الأمن العام، أن تحرياته حول الواقعة أسفرت عن قيام مالك العقار رقم 37 شارع سبيل الخازندار بالعباسية، المدعوّ أيمن جودة، بالتوجه للعقار محل الواقعة فجراً وبصحبته آخرون، نظراً لوجود خلافات سابقة بينه وبين المجني عليه، ومحاولة منه لافتعال مشاجرة مع المجني عليه وأسرته لطردهم من سكنهم والحانوت "المحل".
وأضاف أن مالك العقار قام بالقفز وتسلّق الباب الحديدي ودخل العقار من الخلف، ما أثار انتباه المجني عليه وأسرته فقاموا بالإمساك به، ومنعه من الخروج لحين وصول الشرطة.
كما روى شهود الواقعة من سكان المنطقة الذين شاهدوها، تفاصيلها، وعددهم 10 شهود، وهم "محمد عبد الله أبو جازية (64 سنة) نقيب قوات مسلحة بالمعاش، وأحمد عباس مرسي
(52 سنة) صاحب مصنع، وعماد عبد العزيز إبراهيم (55 سنة) سائق، وإبراهيم عبد العزيز أحمد (47 سنة) صاحب محل مشويات، ومصطفى يحيى عبد اللطيف (27 سنة) سائق، وأحمد جلال متولي (45 سنة) تاجر قطع غيار، وأمير الصادق رزق الله قسم السيد (42 سنة) عامل ديكور، وأحمد فتحي فهمي (36 سنة) كهربائي، وسامح محمد إبراهيم (39 سنة) عامل حلاقة، وآية محمد سيد (24 سنة) ربة منزل".
وقد تمحورت هذه الشهادات في أنه تناهى إلى سمعهم صوت المجني عليه حسين فرغلي حسن فرغلي، الضحية ساكن العقار، مستغيثاً بأهالي المنطقة من وجود بلطجية يخرجونه من العقار.
وباستبيان الأمر تبين قيام المتهم الثاني وفرد شرطة آخر، بطلب من المجني عليه فتح باب العقار إلا أنه رفض، وطلب حضور قوة من مديرية الأمن كطرف محايد في القضية، وأخبرهم بأن مالك العقار أيمن جودة، قام بالتسلق على سور العقار والوجود بداخله لإخراجه من العقار، وأنه لن يقوم بإخراجه لكون المتهم الثاني على علاقة بمالك العقار ومتضامناً معه، وأبلغ النجدة هاتفياً.
وإثر ذلك، حضرت سيارة شرطة وبداخلها المتهم الأول - بعدما اتصل به المتهم الثاني للتدخل لمساندته - وبرفقته عدد من أفراد الشرطة، وطلب من المجني عليه فتح الباب، إلا أنه أصرّ على الرفض لحين حضور قوة من مديرية الأمن، بسبب العلاقة التي تربطهم بمالك العقار.
فقام كل من الطرفين بالتعدي بالسبّ على الآخر، ما حدا بالمتهم الأول لتهديده بأنه سوف يقوم بإخراج مالك العقار بطريقته، وغادر المكان وحضر عقب ذلك وبرفقته عدد من أفراد الشرطة وحاولوا كسر باب العقار، وكان بحوزة المتهم الأول سلاح أبيض وجّهه للمجني عليه الذي كان يحمل في يده أداة (خشبة) لصد الاعتداء عليه.
كما كان بحوزة المتهم الأول "إسبراي" قام بإشعالها في وجه المجني عليه ليبتعد عن الباب، وما إن تمكنوا من كسر باب العقار حتى قام المتهم الأول بالتعدي عليه بسلاحه الميري (طبنجة) بالضرب على رأسه، ثم وضع رأس المجني عليه تحت قدمه.
وقام المتهم الثاني بالتعدي عليه بالضرب بأداة (شومة) في جميع أنحاء جسده ودهسه بقدمه، وقام المتهم الثالث بالتعدي عليه بالضرب على وجهه، وقام المتهم الخامس بإطلاق أعيرة نارية من بندقية خرطوش "غير مرخصة" أصاب أحدها إحدى السيدات التي كانت موجودة في شرفة مسكنها، وقام المتهم الثاني بالتعدي على المجني عليه داخل سيارة الشرطة بأداة (شومة)، وقام المتهمون جميعاً بالتعدي على زوجة المجني عليه المدعوة عزة موسى أحمد (55 سنة) مشرفة تمريض في مستشفى دار الشفاء بالعباسية، ونجله المدعوّ عمر حسين (24 سنة) فني صيانة بشركة توشيبا العربي.
كما أقر صبري عبد الفتاح سيد (49 سنة) أمين شرطة في قسم الوايلي، بأنه حال وجوده في ديوان القسم بتاريخ الواقعة، أبصر المتهم الثاني يضرب المجني عليه "المتوفى" أمام ديوان القسم، أثناء اصطحابه وزوجته ونجله داخل القسم، بأن قام بضربه بعصا "شوم" على رأسه وظهره، وقام آخر بالتعدي عليه بذات الأداة، وقام المتهم الثالث بضرب زوجة المتوفى على وجهها بيده.
وأضاف بأنهم نقلوا المتوفى إلى وحدة المباحث، وعقب ذلك بنحو نصف ساعة فوجئ بنزوله رفقة قوة المباحث وحالته سيئة، وقاموا باصطحابه لمستشفى دار الشفاء، ثم علم بوفاته.
كما أقر رشدي حلمي هريدي (46 سنة) صاحب محلّ دواجن، بأنه بتاريخ الواقعة وحال وجوده في مسكنه، تناهى إلى سمعه صوت مشاجرة، فتوجه صوبها وأبصر المتهم الثاني وآخرين من الشرطة حال قيامهم بالقبض على المجني عليه حسين فرغلي.
وأضاف بقيام المتهم الثاني بضربه في جميع أنحاء جسده ورأسه بأداة (عصا شوم)، والآخرين بصعقه كهربائياً والتعدي عليه بالأيدي على وجهه وجميع أنحاء جسده، ثم قام المتهم الأول بالتعدي عليه بالضرب بظهر السلاح الميري على كتفه اليمنى من الداخل ناحية رقبته من الخلف، أكثر من ثلاث ضربات، وحال سقوطه أرضاً قام بوضع قدمه على رأسه، ثم تم إطلاق عيارين ناريين من بندقية خرطوش لمنع الأهالي من التدخل، قاصدين من ذلك إزهاق روحه.
وقد كشفت التحقيقات عن وجود فيديوهات للواقعة قامت النيابة العامة بتفريغها وأثبتت وقائع التعدي، بخلاف تقرير الطب الشرعي الذي أكد وجود كدمات "وحشية" في جسد المجني عليه.