أشهر طويلة مرت على المهجرين من مختلف المناطق إلى مدينة الباب في الشمال السوري، قضوها ما بين واقع معيشي سيئ وسكن غير ملائم وعجز عن تأمين متطلبات الحياة الأساسية، مع تفشي البطالة، وغياب المساعدات الإنسانية.
أبو محمد الشامي، في عقده الرابع، مهجر من جنوب دمشق مع عائلته المكونة من 5 أشخاص، يعيش في جزء صغير من قبو غير مكسو إلى جانب ثلاث عائلات أخرى في مدينة الباب. وتفوح رائحة الرطوبة في القبو، ولا يرى سكانه الشمس ولا فيه نوافذ للتهوية، ولا حمام فيه أو مطبخ أيضاً، لذلك تتجمع المياه غير النظيفة في أحد جوانبه.
أما الغرفة التي يعيش فيها الشامي مع عائلته، فغطى أرضها ببطانية وبعض فرشات الإسفنج، وفي إحدى زواياها جمعت بعض معدات الطبخ، كما جعل من إحدى البطانيات الرثة باباً للغرفة التي لا تتوفر فيها مدفأة تقيهم برد الشتاء.
وقال الشامي لـ"العربي الجديد"، إن "حياة المُهجّر صعبة جدا، كما ترى المكان الذي نعيش فيه، رائحة الرطوبة تجلب الأمراض، والمياه نجلبها يومياً، ولا حمام لا مطبخ، كما أنني أعجز في كثير من الأيام عن دفع إيجار هذه الغرفة، لأنني إن وجدت عملاً ليوم أبقَ مقابله عاطلاً عن العمل 10 أيام، ومتطلبات الحياة اليومية مرتفعة، ولا من يسأل عنا".
وقال الناشط الإعلامي في مدينة الباب، أيهم العمر، والمهجر بدوره من جنوب دمشق، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "واقع حياة المهجرين سيئ للغاية عموماً، بدءا من إيجارات المنازل المرتفعة بالنسبة للدخل إن وجد، إذ يبلغ متوسطها الشهري 100 دولار أميركي (الدولار يساوي نحو 480 ليرة سورية) وغلاء الأسعار، وعدم وجود فرص عمل، وهي بالمياومة إن وجدت، وليست دائمة، ما لا يؤمن استقرار العائلة مادياً".
ولفت إلى أن "همّ المُهجرين اليوم هو التخلص من الإيجار، خصوصاً أن غالبيتهم في الباب من أهالي دوما، ويترقبون إنجاز المشروع السكني الخاص بهم والذي يبعد عن الباب نحو سبعة كلم تقريبا، وينجزه متبرعون من أهل دوما، في وقت يغيب عن المهجرين دعم المنظمات".
وأوضح أن "كثيرا من العائلات المهجرة في الباب تقيم في أقبية لا تحتوي على الخدمات الأساسية ووضعها مزرٍ، ويعمد ناشطون ومجالس محلية من ريف دمشق إلى تقسيم القبو بحسب مساحته، وتعطى العائلة جزء منه لتعيش فيه، لكن غالبية سكان الأقبية هم من وضعوا في مخيمات سابقا، فيبقى القبو على سوئه أفضل من المخيمات، في ظل الوعود بأن أهل دوما سينقلون إلى المشروع السكني الذي يبنى حاليا".
ولفت إلى "غياب المنظمات الداعمة للمهجرين في الباب، كما أن المجالس المحلية تعاني من ضعف إمكانياتها، فلا وجود للمساعدات الإنسانية، فأنا مثلا لي في الباب نحو 6 أشهر لم أرَ أو أستلم أية معونة".