على الرغم من المشاكل الأسرية الكثيرة، وما ينجم عنها من مشاكل اجتماعية متنوّعة، فإنّ نسبة الطلاق في أفغانستان لطالما كانت ضئيلة، في ظل الأعراف والتقاليد خصوصاً لدى البشتون الذين يشكلون الأكثرية. لكن في الآونة الأخيرة، ارتفعت نسب الطلاق والتفريق في المجتمع. وفي وقت يرى البعض أن الحالة المعيشية تعدّ من الأسباب الرئيسية، يقول آخرون إن وسائل التواصل الاجتماعي والأفلام والمسلسلات الأجنبية، إضافة إلى الاختلاط مع ثقافات مختلفة، كلها عوامل لعبت دوراً كبيراً في ارتفاع نسب الطلاق والتفريق في البلاد.
وتفيد إحدى الإحصاءات بأن نسب الطلاق والتفريق بين الزوجين ارتفعت هذا العام بالمقارنة مع العام الماضي. وسجّل العام الماضي 4390 حالة طلاق وتفريق، في وقت ارتفع الرقم هذا العام إلى 5481. تضيف أن حالات التفريق تفوق الطلاق بنسبة كبيرة، وتصل إلى 80 في المائة، في مقابل 20 في المائة للطلاق، ما يعني أن النساء يقبلن على طلب التفريق. كذلك تشير الإحصائية إلى أن حالات الطلاق والتفريق قد ارتفعت خلال العام الجاري في شرق أفغانستان، تحديداً في أقاليم ننجرهار ولغمان وكنر ونورستان بشكل غير متوقع، بالمقارنة مع العام الماضي.
وفي غرب البلاد، كان إقليم هرات على رأس القائمة، إذ إن نسب التفريق والطلاق فيه تجاوزت كل الأقاليم الأفغانية. إلا أن حالات التفريق وطلب الفصل من قبل الزوجات كانت أكبر من الطلاق، ما يعني أنّ هناك تغيراً في الأعراف، إذ إن النساء بدأن يرفعن أصواتهن.
تشير الناشطة والحقوقية ماريا شبيرو إلى أن الطلاق والتفريق حالة اجتماعية سيئة في كل الأحوال، ولها تأثيرات كبيرة على الجميع، لا سيما الأولاد. إلا أن ارتفاع نسب التفريق تؤكد أن نساء أفغانستان، وتحديداً في غرب البلاد، فضلن التفريق ورفع أصواتهن بدلاً من الانتحار. في الماضي، كانت النساء يقدمن على الانتحار لأسباب مختلفة، لكنهن ما كنّ يتجرأن على طلب حقوقهن أو التفريق. تضيف شبير أن ارتفاع حالات التفريق مؤشر جيد، لأنه دلالة على أن المرأة بدأت تختار لنفسها ما تريد، والحصول على حقها. كما يعكس صورة إيجابية، وهي أن صوت المرأة يسمع في المحاكم. وتذكر شبير أنّ هناك أربعة أسباب تسمح للمرأة بأن تطلب التفريق من زوجها وهي: الضرر، إذ تخاف المرأة من إلحاق ضرر بها من قبل الزوج أياً كان نوعه، أو بسبب غياب الزوج لفترة طويلة، أو بسبب عدم قدرته على توفير ما تحتاج إليه، أو بسبب إصابته بمرض غير قابل للعلاج. وفي كل تلك الحالات، للمرأة حق التفريق.
وتتابع شبير أن الزواج المبكر والعنف الأسري والفقر والأمراض النفسية كلّها عوامل تؤدي إلى ارتفاع نسب الطلاق والتفريق في أفغانستان. وعن حال هؤلاء النساء بعد الطلاق والتفريق، توضح أن بعضهن يشعرن بالسعادة بعد معاناة وضيق، في وقت تزداد معاناة أخريات وقد واجهن مشاكل أكثر بسبب الطلاق والتفريق، ويئسن من قراراتهن. وبحكم الأعراف والثقافة السائدة، فإن نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة عادة ما تكون سلبية.
من بين هؤلاء اللواتي قررن الانفصال الناشطة الأفغانية ويدا ساغري التي تشير إلى أنّها عرفت الحياة الحقيقية بعدما تخلصت من معاناة مع رجل لم يكن مناسباً لها بأي حال. تقول إنّ في حياة المرأة قراراً صعباً يتمثّل في اختيار شريك الحياة. لكن قرار الانفصال يمكن أن يكون أصعب. هنا، يجب أن تتحلى المرأة بالشجاعة لأن العيش في الجحيم صعب، و"قد فعلت ذلك من أجل مستقبلي، وأشعر بسعادة الآن". المشكلة الأساسية للمرأة هي مستقبل أولادها. تضيف: "المشكلة الوحيدة في حياتي هي أولادي ومستقبلهم. أشعر بضيق شديد حيالهم، لكن ما يريحني أن لديهم الآن منزلين. أنا ووالدهم نتولى تربيتهم وتعليمهم، لأن التفريق لا يعني العداء. لسنا أعداء لكننا قررنا إنهاء الحياة المشتركة.
بعيداً عن حالة ساغري، كثيراً ما يدفع الأطفال ثمناً باهظاً للتفريق بين أهلهم. وفي المحاكم الأفغانية قضايا كثيرة نتيجة الشجار بين الأبوين من أجل الحصول على حق حضانة الأطفال. وعادة ما لا تحصل المرأة على حقوقها، كما تعجز عن تربيتهم بسبب حرمانها من أي مصدر للدخل. ويشير الحقوقي عبد الواحد رضوانزي إلى أنّ المعضلة الأساسية التي تواجهها المرأة بعد التفريق هي الأولاد، وذلك في حال حصولها على حق الحضانة برضا الزوج أو بحكم المحكمة.