"وجبة يومية واحدة" من عدس أو لبن لجرحى الغوطة

جلال بكور

avata
جلال بكور
24 فبراير 2018
C64AD23A-4F47-4E50-AB54-C08BC03C6207
+ الخط -
تتضاعف معاناة جرحى الغوطة الشرقية داخل المستشفيات والمراكز الصحية؛ فبالإضافة إلى نقص الأدوية وغياب الإمدادات الضرورية، فإن الوجبات أيضاً غير متوفرة إلا بكميات محدودة جدا، وتقتصر على وجبة واحدة فقط في اليوم، هي "شوربة العدس" أو "لبن" مخلوط بالماء بدل حليب الأطفال المفقود.

ويحاول الكادر الطبي في مستشفيات ومراكز الغوطة، العمل على تأمين طعام الجرحى اللازم قدر الإمكان ووفق المتاح، في ظل الحصار الخانق، واستمرار الحملة العسكرية من قوات النظام.

وجبة واحدة فقط من "شوربة العدس" خلال اليوم، هي غذاء الجريح إذا كان قادرا على تناول الطعام. أما الطفل الجريح أيضا فوجبته المخصصة في اليوم هي "لبن" مخلوط بالماء بدل حليب الأطفال المفقود.

أما بالنسبة لمن أصيب في بطنه، وخضع لتدخّل جراحي، ولا قدرة له على الأكل، فإنه يُعطى سيرومات تحتوي على الأملاح والسكر، ومن لم يحالفه الحظ يفقد حياته.

ويقول الطبيب أحمد بقاعي، لـ"العربي الجديد": "لدينا بقرتان ما زالتا على قيد الحياة، نحتفظ بهما في مكان لا يعد آمنا كثيرا في بساتين المدينة، تتغذيان على العشب من الأرض وأوراق الشجر، نستفيد من حليبهما، ونقوم بتحويله إلى لبن من أجل الأطفال الجرحى في المراكز الطبية، نحاول أن ندير الأمور قدر المستطاع".

وتعاني أم وليد، من أهالي مدينة كفربطنا، بعدما أصيب أحد أطفالها قبل ثلاثة أيام بغارة جوية على الحي الذي تقطن فيه بشظية في رأسه وأخرى في يده، وتقول لـ"العربي الجديد" إنها تحمد الله على أن الإصابة الأولى خارجية وجرحه ليس خطيرا، والثانية اخترقت لحم يده الطري من دون أن تبترها، إذ قطعت أوتاره، وفق الطبيب، وتمكّن الكادر من إنقاذه في الوقت المناسب، مشيرة إلى أن طفلها يتغذى على اللبن المخلوط بالماء، وهي الوجبة الوحيدة له في اليوم.

ويتم التعامل في المستشفى مع الجرحى وفق الأولوية في منح وجبة الطعام، وأساسا لا يبقى في المستشفى إلا من كانت حالته تستدعي ذلك، والوجبة الغذائية ذاتها تقدم أيضا للكادر الطبي كي يتمكن من الوقوف ومساندة الجرحى.

ويقول الطبيب أحمد "نحن هنا موزعون على 15 طبيبا وممرضا وصيدلانيا، لدينا 45 جريحا مقيمين في المركز حاليا، وهناك ثلاثة مراكز أخرى تضم عشرات الجرحى تتفاوت حالاتهم"، وجبات الكادر الطبي لا تختلف عن طعام الجرحى، هي وجبة واحدة من "شوربة العدس" كل يوم.

ويوضح أن أصعب الحالات بين الجرحى، هي الإصابة في البطن التي تستدعي تدخلا جراحيا، لأن المصاب يبقى أول خمسة أيام كاملة على السيرومات، وحتى إن استطاع تناول الطعام فلن يجد أكثر من شوربة عدس.

ويقول هيثم الكردي، من مواطني الغوطة، إن شقيقه مكث في المستشفى ثلاثة أيام بعد إصابته في قصف على بلدة حزة، ونجا من الموت بأعجوبة، إصابته كانت في منطقة البطن، ولحسن حظه لم تخترق الشظية أمعاءه، أخرجه الطبيب لاستقرار حالته: "لا أعلم كيف سيتم تأمين الطعام له في المستشفى، وعدوا بالاستمرار في تقديم وجبة العدس حتى شفائه بالكامل".

ويصعب على المدنيين، في الوقت الحالي، تأمين الطعام والغذاء، خاصة حليب الأطفال، نتيجة ظروف الحصار التي أفقرت الغوطة، ولاستمرار القصف المتواصل الذي دمر المحلات التجارية التي كانت تبيع المواد الغذائية بأسعار خيالية ومنع حركة المدنيين.

ويعتمد المدنيون في الغوطة المحاصرة على المواد الغذائية المخزنة، مثل العدس والدقيق والقمح، وهي مواد نادرة في المنازل أو في مخازن المجالس المحلية، وغالية الثمن، وفوق استطاعة المدنيين في المحلات التجارية.

لا يجد الجرحى ما يسد رمقهم (Getty)


وكانت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أليساندرا فيلوتشي، قد ذكرت، أمس الجمعة، في مؤتمر صحافي، أنّ المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أكد أن الوضع الإنساني للمدنيين في الغوطة الشرقية مروّع.


ودعا، في إحاطته لمجلس الأمن، إلى "وصول المساعدات الإنسانية فورا وبدون معوقات إلى الغوطة الشرقية، وإجلاء المرضى والجرحى". ويحاصر النظام السوري قرابة 400 ألف نسمة في منطقة الغوطة الشرقية، منذ أكثر من أربع سنوات، ويقصفهم بشكل متكرر، وسط عجز لدى المجتمع الدولي عن إيجاد حل.

مأساة إنسانية لا تتوقف (Getty) 

ذات صلة

الصورة
وفد أممي في مخيم نازحين سوريين في إدلب - سورية - 14 أكتوبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

زار وفد من الأمم المتحدة مدينة إدلب السورية، للاطلاع على أوضاع مواطنين سوريين وصلوا أخيراً بعد مغادرتهم لبنان وسط العدوان الإسرائيلي المتصاعد هناك.
الصورة
غوتيريس خلال المقابلة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، 16 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

وقعت أكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة على رسالة لدعم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رداً على إعلان إسرائيل أنه "شخص غير مرغوب فيه".
الصورة
جنود إسبان من "يونيفيل" قرب الخيام، 23 أغسطس 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)

سياسة

تُظهر الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" وكأن القوة الأممية باتت في آخر أيامها في لبنان.
الصورة
المرض في غزة

اقتصاد

مع دخول حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة عامها الأول، حولت آلة الحرب الإسرائيلية مناطق وأحياء سكنية كاملة إلى كومة من الركام بعد تدمير 75% من المباني.