وقال مصدر في شركة "آدم سميث"، التي تدير مشاريع الحكومة البريطانية في الشمال السوري، إن لندن "ستقلص من حصة سورية في صندوق معالجة الصراع وإحلال الأمن والاستقرار بنحو 25 في المائة خلال العام المالي المقبل"، وذكر المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أن "القرار يعود إلى تغييرات أوسع في الاستراتيجية البريطانية، سببها عدم قناعة الحكومة بجدوى الأنشطة غير الإنسانية في المنطقة، ومدى إمكانية تأثيرها على الواقع السوري".
وأوضح أن "الصندوق البريطاني سينهي الدعم الموجه للمشاريع غير الإنسانية تدريجياً في إدلب ومناطق شمال سورية خلال العام المقبل، ليتم التركيز على الجنوب السوري عوضاً عن ذلك".
وشدد ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية على التزام بلاده بدعم السوريين، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، تخفيض الدعم المقدم للشمال السوري، متذرعاً بالمخاطر التي تواجهها برامج المساعدة في إدلب، في إشارة إلى وجود هيئة تحرير الشام في المنطقة.
وقال المسؤول في رسالة بالبريد الإلكتروني: "تظل المملكة المتحدة ملتزمة بدعم المجتمعات السورية التي مزقها الصراع في البلاد، ولكن يبقى الوضع هناك معقدا وصعبا وعدائيا بشكل متزايد بالنسبة لكل شركائنا الذين ينفذون برامج مساعداتنا وللمجتمعات السورية التي نساندها. وبالتالي، فإننا سنُجري بعض التعديلات على إنفاقنا من صندوق معالجة الصراع وإحلال الأمن والاستقرار للسنة المالية المقبلة، بحيث نقلل من نشاطنا في الشمال الغربي ونزيده في الجنوب".
وتابع المصدر: "مستوى برنامج إنفاقنا من هذا الصندوق في السنة المالية المقبلة سيظل أكبر من 50 مليون جنيه إسترليني، وهي أكبر مخصصات لأية دولة بمفردها في الشرق الأوسط. سنستمر بدعم المشاريع المتعلقة بالحوكمة والتعليم وفرص كسب العيش والعدالة والأمن".
وأضاف: "ستواصل المملكة المتحدة دعم الدفاع المدني السوري (الخوذات البيضاء) في شمال غرب سورية، لضمان أن يستطيعوا المساعدة في إنقاذ الأرواح هناك، وسوف تستمر مساعداتنا الإنسانية الشاملة والحيوية في الشمال الغربي وعلى امتداد سورية".
ووفقاً للمتحدث البريطاني، فإن المساعدات في محافظتي إدلب وحلب في العام المالي المقبل، ستشمل "حصول 300 ألف طفل على تعليم رسمي، وتوفير الخدمات الشرطية لنحو 600 ألف مواطن سوري، كما سيستفيد أكثر من 2500 فرد، و8 شركات صغيرة من الدعم المخصص لتحسين فرصهم في كسب العيش".
وتابع: "ستستمر مساعداتنا الإنسانية في تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة والمتزايدة على امتداد سورية، وخاصة في إدلب. الاستجابة الإنسانية من المملكة المتحدة للأزمة في سورية بلغت 2.46 مليار جنيه إسترليني منذ 2012، وهي أكبر استجابة نقدمها لأزمة إنسانية على الإطلاق. سوف نستمر في تقديم المساعدة الضرورية لنحو 13.1 مليون شخص ممن يحتاجون المساعدة الإنسانية في سورية".
وتوفر بريطانيا منذ 2015، مبلغ 161.25 مليون جنيه إسترليني كتمويل لصندوق معالجة الصراع وإحلال الأمن والاستقرار من أجل دعم جهود إرساء الاستقرار في سورية، إلا أن تخفيض المساعدات البريطانية يأتي في وقت يكثر فيه الجدل الداخلي البريطاني حول حجم المساعدات الخارجية وطريقة إدارتها، خاصة بعد فضيحة التحرش الجنسي التي ضربت منظمة "أوكسفام" الإغاثية.
وكانت الحكومة البريطانية جمدت تمويلها لبرنامج الشرطة السورية الحرة المقدم عبر شركة آدم سميث، على خلفية ادعاءات بأن أموال البرنامج تصب في جيوب بعض العناصر المتطرفة في إدلب، رغم أن تحقيقا أجرته وزارة الخارجية في هذا الموضوع نفى تلك الادعاءات، فتواصل التمويل للشرطة الحرة مجددا.