على عكس احتفالات عيد نوروز التي يحييها الإيرانيون والشعوب التركية في وسط آسيا، يأتي العيد في تركيا ممزوجا بالسياسة، بعد أن أعاد حزب العمال الكردستاني، في وسط الثمانينيات، إحياءه كرمز سياسي. ولم يحمل نوروز هذا العام أي رسائل سياسية تساهم في عملية السلام وحل القضية الكردية.
وكما جرت العادة، تولت الأجنحة السياسية لـ"العمال الكردستاني" مهمة تنظيم احتفالات نوروز في مختلف مدن جنوب شرق تركيا ذات الغالبية الكردية، وكذلك في مدن الغرب التركي التي تشهد كثافة سكانية للأقلية الكردية في كل من إسطنبول وأزمير ومرسين. لكن السلطات التركية لم تحدد، كما في العام السابق، الاحتفالات، بل منحت التراخيص لجميع الطلبات لإحياء طقوس العيد.
وبخلاف السنوات السابقة، لم تشهد احتفالات نوروز في تركيا أي تغطية واسعة من قبل وسائل الإعلام التركية، بل كانت التغطية محدودة، خصوصاً أن نوروز الحالي مرّ بلا رسائل سياسية، كما كان الحال عليه أثناء عملية السلام بين الدولة التركية والعمال الكردستاني، إلا أن قوات الأمن التركية أعلنت عن إلقاء القبض على سبعة من عناصر "العمال الكردستاني" في كل من إسطنبول ومرسين، بتهم تتعلق بالتخطيط لهجمات عسكرية ضد مؤسسات الدولة التركية، إثر تلقيهم التدريبات في معسكرات الحزب في شمال العراق.
وتزامن نوروز الحالي مع هزيمة كبيرة تلقاها الجناح السوري لـ"العمال الكردستاني"، أي حزب "الاتحاد الديمقراطي" في منطقة عفرين، واعتقال السلطات التركية أعداداً كبيرة من أنصار الأخير، بما فيهم عدد من النواب والقيادات السياسية لأجنحة "العمال الكردستاني" السياسية.
— Deniz Amed (@_DenizXamed) March 21, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وإضافة إلى دعوات السلام التي لطالما أطلقها أنصار الكردستاني أثناء احتفالات نوروز، لم تشهد الاحتفالات هذا العام، حتى الآن، أي أعمال عنف أو مواجهات بين السلطات التركية والمحتفلين من القوميين الأكراد.
— HDP Amed İl Örgütü (@HDPAMED21) March 21, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ورغم محاولات اعتبار القوميين المتطرفين الأتراك عيد نوروز عيدا قوميا خاصاً بالأتراك، على غرار باقي الشعوب التركية في وسط آسيا، إلا أن تلك المساعي لم تنجح، لأن الاحتفال بالعيد في تركيا يقتصر على أكرادها فقط، ولا ينظم أي من الأحزاب التركية والفعاليات السياسية التركية أي احتفالات بالمناسبة.
— Deniz Amed (@_DenizXamed) March 21, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وشهدت وسيلة التواصل الاجتماعي "تويتر" وسمين للاحتفال بعيد نوروز في تركيا، الأول كان وسما باللغة الكردية "نوروزكم مباركم"، وغرد من خلاله القوميون الأكراد، والثاني باللغة التركية "عيد النوروز" وغرد تحته القوميون الأتراك. في حين نشر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رسالة تهنئة عامة بمناسبة عيد نوروز، هنأ من خلالها كل الشعوب التي تحتفل به من وسط آسيا وحتى البلقان، من دون أي أشارة سياسية إلى القضية الكردية.
— HDP Amed İl Örgütü (@HDPAMED21) March 18, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وعمدت السلطات التركية إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لتأمين الاحتفال، ووضعت بوابات على مداخل ساحات الاحتفالات، كما تولت الحوامات تأمين الساحات من الجو. وفي مدينة دياربكر، منعت اللجنة المنظمة للاحتفالات التابعة لـ"العمال الكردستاني" أي مظاهر سياسية من شأنها إثارة الأمن التركي، وأرسلت عدة رسائل تحذيرية ضد الهتافات التي علت بين الحين والآخر، مطالبة بإطلاق سراح زعيم العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، ولم يتم حمل أي صور للأخير أو أية رايات للحزب.