حظي مشروع قانون اللجوء والهجرة بغالبية أصوات نواب البرلمان الفرنسي، والذي قد تضاف إليه بنود أكثر تشدداً بعد إحالته إلى مجلس الشيوخ. وانتقدت المعارضة والمنظمات الحقوقية مشروع القانون، الذي لا ينصف المهاجرين
أخيراً، صوّت البرلمان الفرنسي لصالح مشروع قانون اللجوء والهجرة في قراءة أولى، في جوٍّ صاخب لم يخلُ من هجمات شديدة، خصوصاً حين أدخل اليمين المتطرف تعديلات حول إلغاء "حق المواطنة" (قانون مسقط الرأس). وطالب اليمين التقليدي على لسان منصور قمر الدين، النائب عن إقليم مايوت (الذي فضّل البقاء تحت السيطرة الفرنسية عند استقلال دولة جزر القمر) بالتشدّد، متحدثاً عن "غرق الإقليم بمهاجرين وطالبي لجوء قادمين من جزر القمر"، الأمر الذي قوبل بمعارضة شديدة من نواب "فرنسا غير الخاضعة". وتدخلت المقرّرة إليز فاغيليس، لتؤكد على أن "شرف بلدنا هو منح الجنسية للأبناء الذين ولدوا وتربوا في فرنسا". ونال هذا البند 7 أصوات هي أصوات الجبهة الوطنية، في مقابل رفض 133 نائباً، في حين فضّل نواب حزب "الجمهوريون" الامتناع عن التصويت.
وصوّتت غالبية كبيرة من نواب البرلمان الفرنسي على مشروع قانون "اللجوء والهجرة"، الذي قدّمه وزير الداخلية جيرار كولومب بعد 61 ساعة من النقاشات والمداولات، وبعد دراسة نحو ألف تعديل. وفي النتيجة، حصل على تأييد 228 نائباً ومعارضة 139 نائباً، في وقت امتنع 24 نائباً عن التصويت. وسيُحال مشروع القانون الجديد في شهر يونيو/ حزيران المقبل على مجلس الشيوخ، الذي يمتلك فيه اليمين الغالبية المطلقة، وتوعد ممثلوه بإجراء تعديلات جوهرية عليه، قبل أن يعود إلى مجلس النواب ثانية لإقراره بصفة نهائية.
اقــرأ أيضاً
وحرصت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، التي كانت في عجلة من أمرها للانتهاء من هذا الملف الذي يخلق جدالاً شعبياً متزايداً، على التصويت ليلة أول من أمس، ما اعتبرته أحزاب المعارضة من اليمين واليسار نوعاً من "التصويت السري". وكانت قد طالبت بالتصويت يوم التاسع من مايو/ أيار المقبل، لكن من دون جدوى. وبرّرت الحكومة الأمر بـ "الوضعية الاستعجالية" التي تشهدها قضية المهاجرين، ليس في فرنسا فقط بل في أوروبا بشكل عام. واقترحت تأمين توازن بين وضع حدّ للهجرة الكثيفة وضمان حق اللجوء، الذي لا تجادل في "قدسيته"، أي المزج ما بين البراغماتية والإنسانية، والبحث عن مشروع قانون "متوازن"، بحسب كولومب.
وعمل اليمين الفرنسي على التهويل من خطر الهجرة الكثيفة، فانتقد نوابه بشراسة ما رأوا فيه "قانوناً صغيراً"، فصوتوا ضد القانون. وهم لم يكونوا ضد مشروع القانون الجديد، بل أرادوه أكثر تشدداً، واتهموا حكومة ماكرون بالتخطيط بشكل سري لتسوية أوضاع نحو 40 ألف شخص يعيشون في أوضاع غير قانونية.
أما اليسار، فعارض بشدة مشروع القانون، واعتبر أنه يتضمن بنوداً "غير إنسانية"، من بينها مضاعفة الفترة القصوى للاعتقال، والتي أصبحت 90 يوماً، وإمكانية وضع قصّر خلف الأسلاك الشائكة. ورأى عدد من ممثلي اليسار أن اليمين الفرنسي ممثلاً بحزب "الجمهوريون" يلعب دوراً مفيداً لحكومة ماكرون لدفعها لاتخاذ قرارات أكثر تشدداً.
وما يدل على تشدد مسودة القانون الجديد، هو البند الذي يخفض المدة المتاحة لتقديم طلب اللجوء إلى 15 يوماً بعدما كانت 30 يوماً. وحظي هذا الإجراء بتصويت حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف. تصويت انتقدته أحزاب اليسار، ورأت فيه استعداداً من غالبية ماكرون البرلمانية للتحالف مع الشيطان.
ووافق المشرعون الفرنسيون على نقاط عدة أبرزها تقليص مدة تقديم طلبات اللجوء إلى ستة أشهر بدلاً من الفترة المتاحة حالياً وهي 11 شهراً، بهدف معلن هو تسهيل طرد من تُرفض طلبات لجوئهم، واستقبال من قبلت طلباتهم. كما ينص القانون الجديد على خفض الوقت المتاح للطعن بقرار رفض طلبات اللجوء إلى النصف، من شهر واحد إلى 15 يوماً. وقلصت مهلة تقديم طلبات اللجوء إلى 90 يوماً من تاريخ وصول المهاجر إلى فرنسا، بعدما كانت 120 يوماً.
ولم يُخف بعض نواب "الجمهورية إلى الأمام"، حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، وبعض من نواب حزب "موديم"، الموالي للرئيس الفرنسي والذي يقوده فرانسوا بايرو، انتقادهم لبعض البنود التي تضمنها مشروع القانون، والتي رأوا فيها مسّاً بحقوق الدفاع، ما يضعف أوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء. وأراد بعض هؤلاء ممارسة ضغوط لجعل مسودة القانون أكثر توازناً. وفي ظل عدم الاستجابة، قرر 14 نائباً منهم الامتناع عن التصويت. أما النائب جان - ميشيل كليمون، الاشتراكي السابق، فصوت ضدّ مشروع القانون. وأعلن على الفور انسحابه من المجموعة البرلمانية للغالبية. كما صوّتت ضد القانون النائبة ناديا أسيان عن حزب "موديم"، فيما امتنع 8 من زملائها عن التصويت.
وتجدر الإشارة إلى أن نص القانون يتضمن بنداً عارضه اليمين الفرنسي، بشقيه المتطرف والتقليدي، ورأوا فيه تنازلاً للجناح اليساري في حركة ماكرون، وإظهاراً لجانب اجتماعي إنساني، ويتلخص في تخفيف "جنحة التضامن" بحق الأشخاص الذين يبادرون إلى تقديم المساعدة إلى مهاجرين في وضعية غير قانونية، إضافة إلى بند يفتح سوق العمل أمام طالبي اللجوء، بعد ستة أشهر من تقديم طلب اللجوء بدل تسعة أشهر.
مواقف معارضة
لم تنتظر الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإنسانية نتائج التصويت، أو خطابات المعارضة اليسارية المنتقدة للقانون، حتى تُسمِع صوتها. ورفض الحقوقي المعين بمهمة "مدافع عن الحقوق" في فرنسا جاك توبون، هذا القانون وانتقد تشدده وتعارضه مع حقوق الإنسان في فرنسا، واعتبره تنازلاً من الغالبية لليمين الفرنسي المتطرف. ورأت منظّمة العفو الدولية أنّ مسودة القانون "خطيرة بالنسبة للمهاجرين وطالبي اللجوء"، ورأت في "جنحة التضامن" سيفاً مسلطاً على رؤوس المناضلين والمواطنين والجمعيات الإنسانية. وأعربت عن أسفها لأن "فرصة ضاعت من أجل وضع حد لاعتقال قاصرين، أو تأمين حماية كريمة لهم"، مشيرة إلى أن تخفيف "جنحة التضامن" غير كافية وغير مُرضية، لأنه "سيتواصل، عن خطأ، متابعة أشخاص يقدمون مساعدة بهدف غير ربحي لأشخاص أجانب". واعتبرت أن هذا "التنازل يبقى دون مستوى القانون الدولي".
اقــرأ أيضاً
الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان كانت سباقة إلى انتقاد تشدد القانون، وقد راسلت رئيس الجمهورية ونواب الأمة. وأخيراً، نشر سيدريك هيرو (روبن هود الصحافة الفرنسية)، الذي يتعرض لمحاكمات مستمرة بسبب تقديمه مساعدة لقاصرين أجانب، على صفحته في فيسبوك بياناً استعرض فيه أسماء النواب الذين صوتوا على قانون يسمح بسجن واعتقال أطفال ضحايا حرب وتعذيب. وكتب: "باسم الشعب الفرنسي، وباسم الضحايا، سوف نحكم عليكم بعقوبات مثالية، أنتم وكل رؤساء الشرطة الذين ينفذون هذه التوجيهات".
أخيراً، صوّت البرلمان الفرنسي لصالح مشروع قانون اللجوء والهجرة في قراءة أولى، في جوٍّ صاخب لم يخلُ من هجمات شديدة، خصوصاً حين أدخل اليمين المتطرف تعديلات حول إلغاء "حق المواطنة" (قانون مسقط الرأس). وطالب اليمين التقليدي على لسان منصور قمر الدين، النائب عن إقليم مايوت (الذي فضّل البقاء تحت السيطرة الفرنسية عند استقلال دولة جزر القمر) بالتشدّد، متحدثاً عن "غرق الإقليم بمهاجرين وطالبي لجوء قادمين من جزر القمر"، الأمر الذي قوبل بمعارضة شديدة من نواب "فرنسا غير الخاضعة". وتدخلت المقرّرة إليز فاغيليس، لتؤكد على أن "شرف بلدنا هو منح الجنسية للأبناء الذين ولدوا وتربوا في فرنسا". ونال هذا البند 7 أصوات هي أصوات الجبهة الوطنية، في مقابل رفض 133 نائباً، في حين فضّل نواب حزب "الجمهوريون" الامتناع عن التصويت.
وصوّتت غالبية كبيرة من نواب البرلمان الفرنسي على مشروع قانون "اللجوء والهجرة"، الذي قدّمه وزير الداخلية جيرار كولومب بعد 61 ساعة من النقاشات والمداولات، وبعد دراسة نحو ألف تعديل. وفي النتيجة، حصل على تأييد 228 نائباً ومعارضة 139 نائباً، في وقت امتنع 24 نائباً عن التصويت. وسيُحال مشروع القانون الجديد في شهر يونيو/ حزيران المقبل على مجلس الشيوخ، الذي يمتلك فيه اليمين الغالبية المطلقة، وتوعد ممثلوه بإجراء تعديلات جوهرية عليه، قبل أن يعود إلى مجلس النواب ثانية لإقراره بصفة نهائية.
وحرصت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، التي كانت في عجلة من أمرها للانتهاء من هذا الملف الذي يخلق جدالاً شعبياً متزايداً، على التصويت ليلة أول من أمس، ما اعتبرته أحزاب المعارضة من اليمين واليسار نوعاً من "التصويت السري". وكانت قد طالبت بالتصويت يوم التاسع من مايو/ أيار المقبل، لكن من دون جدوى. وبرّرت الحكومة الأمر بـ "الوضعية الاستعجالية" التي تشهدها قضية المهاجرين، ليس في فرنسا فقط بل في أوروبا بشكل عام. واقترحت تأمين توازن بين وضع حدّ للهجرة الكثيفة وضمان حق اللجوء، الذي لا تجادل في "قدسيته"، أي المزج ما بين البراغماتية والإنسانية، والبحث عن مشروع قانون "متوازن"، بحسب كولومب.
وعمل اليمين الفرنسي على التهويل من خطر الهجرة الكثيفة، فانتقد نوابه بشراسة ما رأوا فيه "قانوناً صغيراً"، فصوتوا ضد القانون. وهم لم يكونوا ضد مشروع القانون الجديد، بل أرادوه أكثر تشدداً، واتهموا حكومة ماكرون بالتخطيط بشكل سري لتسوية أوضاع نحو 40 ألف شخص يعيشون في أوضاع غير قانونية.
أما اليسار، فعارض بشدة مشروع القانون، واعتبر أنه يتضمن بنوداً "غير إنسانية"، من بينها مضاعفة الفترة القصوى للاعتقال، والتي أصبحت 90 يوماً، وإمكانية وضع قصّر خلف الأسلاك الشائكة. ورأى عدد من ممثلي اليسار أن اليمين الفرنسي ممثلاً بحزب "الجمهوريون" يلعب دوراً مفيداً لحكومة ماكرون لدفعها لاتخاذ قرارات أكثر تشدداً.
وما يدل على تشدد مسودة القانون الجديد، هو البند الذي يخفض المدة المتاحة لتقديم طلب اللجوء إلى 15 يوماً بعدما كانت 30 يوماً. وحظي هذا الإجراء بتصويت حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف. تصويت انتقدته أحزاب اليسار، ورأت فيه استعداداً من غالبية ماكرون البرلمانية للتحالف مع الشيطان.
ووافق المشرعون الفرنسيون على نقاط عدة أبرزها تقليص مدة تقديم طلبات اللجوء إلى ستة أشهر بدلاً من الفترة المتاحة حالياً وهي 11 شهراً، بهدف معلن هو تسهيل طرد من تُرفض طلبات لجوئهم، واستقبال من قبلت طلباتهم. كما ينص القانون الجديد على خفض الوقت المتاح للطعن بقرار رفض طلبات اللجوء إلى النصف، من شهر واحد إلى 15 يوماً. وقلصت مهلة تقديم طلبات اللجوء إلى 90 يوماً من تاريخ وصول المهاجر إلى فرنسا، بعدما كانت 120 يوماً.
ولم يُخف بعض نواب "الجمهورية إلى الأمام"، حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، وبعض من نواب حزب "موديم"، الموالي للرئيس الفرنسي والذي يقوده فرانسوا بايرو، انتقادهم لبعض البنود التي تضمنها مشروع القانون، والتي رأوا فيها مسّاً بحقوق الدفاع، ما يضعف أوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء. وأراد بعض هؤلاء ممارسة ضغوط لجعل مسودة القانون أكثر توازناً. وفي ظل عدم الاستجابة، قرر 14 نائباً منهم الامتناع عن التصويت. أما النائب جان - ميشيل كليمون، الاشتراكي السابق، فصوت ضدّ مشروع القانون. وأعلن على الفور انسحابه من المجموعة البرلمانية للغالبية. كما صوّتت ضد القانون النائبة ناديا أسيان عن حزب "موديم"، فيما امتنع 8 من زملائها عن التصويت.
وتجدر الإشارة إلى أن نص القانون يتضمن بنداً عارضه اليمين الفرنسي، بشقيه المتطرف والتقليدي، ورأوا فيه تنازلاً للجناح اليساري في حركة ماكرون، وإظهاراً لجانب اجتماعي إنساني، ويتلخص في تخفيف "جنحة التضامن" بحق الأشخاص الذين يبادرون إلى تقديم المساعدة إلى مهاجرين في وضعية غير قانونية، إضافة إلى بند يفتح سوق العمل أمام طالبي اللجوء، بعد ستة أشهر من تقديم طلب اللجوء بدل تسعة أشهر.
مواقف معارضة
لم تنتظر الجمعيات والمنظمات الحقوقية والإنسانية نتائج التصويت، أو خطابات المعارضة اليسارية المنتقدة للقانون، حتى تُسمِع صوتها. ورفض الحقوقي المعين بمهمة "مدافع عن الحقوق" في فرنسا جاك توبون، هذا القانون وانتقد تشدده وتعارضه مع حقوق الإنسان في فرنسا، واعتبره تنازلاً من الغالبية لليمين الفرنسي المتطرف. ورأت منظّمة العفو الدولية أنّ مسودة القانون "خطيرة بالنسبة للمهاجرين وطالبي اللجوء"، ورأت في "جنحة التضامن" سيفاً مسلطاً على رؤوس المناضلين والمواطنين والجمعيات الإنسانية. وأعربت عن أسفها لأن "فرصة ضاعت من أجل وضع حد لاعتقال قاصرين، أو تأمين حماية كريمة لهم"، مشيرة إلى أن تخفيف "جنحة التضامن" غير كافية وغير مُرضية، لأنه "سيتواصل، عن خطأ، متابعة أشخاص يقدمون مساعدة بهدف غير ربحي لأشخاص أجانب". واعتبرت أن هذا "التنازل يبقى دون مستوى القانون الدولي".
الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان كانت سباقة إلى انتقاد تشدد القانون، وقد راسلت رئيس الجمهورية ونواب الأمة. وأخيراً، نشر سيدريك هيرو (روبن هود الصحافة الفرنسية)، الذي يتعرض لمحاكمات مستمرة بسبب تقديمه مساعدة لقاصرين أجانب، على صفحته في فيسبوك بياناً استعرض فيه أسماء النواب الذين صوتوا على قانون يسمح بسجن واعتقال أطفال ضحايا حرب وتعذيب. وكتب: "باسم الشعب الفرنسي، وباسم الضحايا، سوف نحكم عليكم بعقوبات مثالية، أنتم وكل رؤساء الشرطة الذين ينفذون هذه التوجيهات".