وشهدت فرنسا مؤخراً متابعات ومحاكمات تستهدف كل من ثبت تقديمه المساعدة لمهاجرين غير شرعيين، حتى لو تعلق الأمر بقاصرين، وجاء مشروع "قانون اللجوء والهجرة"، الذي صاغه وزير الداخلية المتشدد، جيرار كولومب، وصوّت البرلمان على القراءة الأولى له، ليعقّد من ظروف استقبال المهاجرين في فرنسا.
وأظهر مشروع القانون بعض المرونة تجاه النشطاء العاملين في مجال تقديم العون للمهاجرين، بما يجنبهم المتابعات الجنائية في حال "تقديمهم لنصائح أو مساعدات، أو طعام وإيواء، أو إسعاف طبي، لتأمين حياة كريمة ولائقة، شريطة أن يكون بذلك بهدف غير ربحي".
ومع اقتراب محاكمة ثلاثة أشخاص عبّروا عن تضامنهم مع مهاجرين على الحدود الفرنسية الإيطالية، في 31 مايو/ أيار، وقعت الشخصيات العامة الفرنسية البيان الذي يدين المحاكمة، وضمت قائمة الموقعين السياسيين بونوا هامون، وفرانسوا موريل، والمزارع المعروف سيدريك هيرو (روبن هود الفرنسي) الذي اشتهر بتقديم المساعدة للمهاجرين القاصرين القادمين من إيطاليا، والروائي الفرنسي الحاصل على جائزة نوبل، جان ماري لوكليزيو، والممثلة جولييت بينوش.
ويذكّر البيان بالواقعة حين تجمع في 21 إبريل/نيسان الماضي عشرات من نشطاء اليمين المتطرف في الألب الفرنسية، على الحدود مع إيطاليا، بهدف وقف دخول مهاجرين من إيطاليا، وسط شعارات ولافتات عنصرية. ولم تتدخل السلطات الفرنسية، معتبرة أن ما يقومون به لا يعاقب عليه القانون، على الرغم من أن القانون الفرنسي صارم في هذه المواقف، وتصل العقوبة إلى السجن سنة أو غرامة تصل إلى 45 ألف يورو.
ورداً على هذه التصرفات العنصرية شكّل نحو 160 شخصاً موكباً تلقائياً لعبور الحدود بصحبة بعض المهاجرين، ولكن الشرطة، التي لم تتحرك ضد العنصريين، حاولت التدخل، ولو أنها سمحت للموكب أن يصل إلى غايته. ولكن بعد ساعات، قامت الشرطة باعتقال ثلاثة أشخاص كانوا في الموكب، هم باستيان، وثيو، وهما مواطنان سويسريان، وإليونورا، وهي مواطنة إيطالية، وظلوا قيد الاعتقال 9 أيام، قبل أن يطلق سراحهم يوم 3 مايو/ أيار.
ويرى البيان أن هؤلاء يتابعون بتهمة "المساعدة على دخول أشخاص في وضعية غير قانونية في إطار عصابة منظمة"، وفي حال إدانتهم فهم معرضون للسجن عشر سنوات وغرامة قدرها 750 ألف يورو، بالإضافة إلى منعهم من دخول فرنسا لبعض الوقت.
ويذكر البيان أن "طلب اللجوء على الحدود حق أساسي، غالباً ما تستخف به الدولة الفرنسية، وهو ما يتسبب في خلق وضعيات معقدة، ويدفع مواطنين إلى تقديم المساعدة". لكن هؤلاء المواطنين "تتم متابعتهم بتهمة مساعدة أشخاص في وضع غير قانوني على الدخول والإقامة والحركة".
ويتساءل الموقعون: "إذا أصبحت مساعدة هؤلاء البشر الذين يعانون من الهشاشة، غير قانونية، فما الذي سيكون عليه شعارنا الجمهوري، وما الذي ستكون عليه قيمنا في المساواة والأخوة؟".
ويختم البيان بتأكيد: "نحن مواطنو الجمهورية الفرنسية، نعلن أننا ساعدنا ونساعد وسوف نساعد مستقبلاً، كل شخص مهاجر عند الحاجة، حتى ولو كان في وضع غير قانوني، باسم قِيَمِنَا للمساواة والأخوة المسجلة في شعارنا الوطني، الذي هو أساس جمهوريتنا".
ومن بين الموقعين على البيان الروائية الفرنسية آني إيرنو، والمخرج السينمائي برتران تافيرنيي، ومنظمة أطباء العالم، والمخرج الكبير غوستا غافراس، والنائب في البرلمان الأوروبي، جوزي بوفي، والممثلة رشيدة براكني، زوجة لاعب كرة القدم الفرنسي إيريك كانتونا.