وقالت الشبكة، الخميس، إن "الحبس الاحتياطي بات أمرا طبيعيا للمتهمين، لكن غير الطبيعي وغير القانوني، أن يسأل المتهم عن الجماعة المحظورة التي يتهم بالانتماء إليها، أو الأخبار الكاذبة التي نشرها، أو الأعمال المجرمة التي يروج لها أو يحرض عليها، فلا يجد إجابة، ويتم الحبس انتظارا لتحريات الأمن الوطني. أي يظل مسجونا لحين تحديد الاتهام".
وأكدت الشبكة الحقوقية، في تقرير بعنوان "سجناء الولا حاجة"، أن "القاعدة القانونية أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة تكفل له فيها كافة الحقوق والضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه، والأصل في كل إنسان البراءة، ولا يجوز الانتقاص من هذا الأصل إلا بتوافر أدلة أو قرائن كافية على ضلوعه في أرتكاب أي أفعال معاقب عليها قانوناً، ويكون هذا الانتقاص في أضيق الحدود ووفقاً لضرورات تقتضيها محاكمته العادلة والمنصفة، وقرينة البراءة منصوص عليها في الدستور المصري والمعاهدات الدولية، ولا يمكن تصور الالتفاف عليها أو تجاهلها في أي نظام قضائي يحترم التشريعات الوطنية والدولية".
وكفل الدستور المصري في مادته 54، الحرية الشخصية كحق طبيعي، وحظر المساس بها إلا بإذن قضائي، وألزم الجهات القائمة على إنفاذ القانون بضرورة إبلاغ كل من تقيد حريته بالاتهامات الموجهة له، وأن يمكّن من الاتصال بذويه وبمحاميه، وأن يقدم لسلطات التحقيق خلال 24 ساعة من وقت تقييد حريته.
وأشارت الورقة إلى أن المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه "يجوز لقاضي التحقيق، بعد استجواب المتهم أو في حالة هربه، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، والدلائل عليها كافية، أن يصدر أمراً بحبس المتهم احتياطياً، وذلك إذا توافرت إحدى الحالات أو الدواعي الآتية: إذا كانت الجريمة في حالة تلبس، ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره. والخشية من هروب المتهم. وخشية الإضرار بمصلحة التحقيق سواء بالتأثير على المجني عليه أو الشهود، أو بالعبث في الأدلة أو القرائن المادية، أو بإجراء اتفاقات مع باقي الجناة لتغيير الحقيقة أو طمس معالمها. وتوقّي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة".
وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا يتجاوز ستة أشهر في الجنح، وثمانية عشر شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.
Twitter Post
|
وقالت الشبكة الحقوقية: "في الآونة الأخيرة، ظهرت في مصر منهجية تتبعها نيابة أمن الدولة العليا وبعض النيابات العادية في حالات محددة، تعصف بكافة الحقوق سالفة الذكر، وتثير الشكوك حول مدى احترام جهات التحقيق لدورها الأساسي في حماية التشريعات وتطبيقها، وتطرح التساؤلات حول مدى مشاركة جهات التحقيق في استهداف أصحاب الرأي والمعارضين السياسيين".
وأضافت: "بجانب عدم تمكين المحامين من الحضور في أول جلسة تحقيق في كثير من القضايا التي تنظرها نيابة أمن الدولة، وحرمانهم من الإطلاع على أوراق التحقيقات، يتم استخدم الحبس الاحتياطي ضد معارضين وأصحاب رأي لسنوات طويلة كما في حالة الصحافي هشام جعفر، والباحث إسماعيل الإسكندراني وغيرهما، وذلك بعد توجيه تهم غير مكتملة وفضفاضة، وبالاستناد لتحريات الأمن الوطني غير المكتملة أيضاً في كثير من الأحيان، وذلك رغم أن محكمة النقض (أكبر محكمة مصرية) قضت بأن التحريات وحدها لا يمكن أن تشكل دليلاً أساسياً للإدانة".
وترى الشبكة العربية تلك الاتهامات خطراً داهماً على الحريات وعلى العدالة، ويحوّل القضاء في بعض الأحيان إلى أداة لتكميم الأفواه والتنكيل بالمعارضين بسبب عدم احترام بعض المحققين للنصوص القانونية والدستورية التي تعد الإطار الأساسي المنظم لعملهم.
وقدمت الشبكة العديد من الأمثلة لصحافيين ونشطاء محبوسين على خلفية الانتماء لجماعة محظورة ونشْر أخبار كاذبة والتحريض على أعمال إرهابية، وقالت إن تلك الحالات تمثل أمثلة صارخة توضح كيفية العصف بالقانون والدستور في تحقيقات بتهم مرسلة، تستند فحسب على أقوال وتحريات ضباط الأمن، حتى وإن كانت تلك التحريات غير مكتملة، وفي بعض التحقيقات يتم إخبار المتهم بأن التحريات والتحقيقات ما زالت تجري والتي قد تثبت براءته من تلك الاتهامات بعد اكتمالها، وهذا يعد تحويراً للنصوص التشريعية التي كفلت لكل مواطن الحق في أن يكون بريئاً إلى أن يثبت العكس، الأمر الذي يعد مؤشرا شديد الخطورة على تحول الحبس الاحتياطي من إحدى ضمانات التحقيق إلى وسيلة للعقاب في حد ذاته.
وأوصت الشبكة الحقوقية بأنه "على النائب العام قبول شكاوى المتهمين ومحاميهم في إساءة استخدام الحبس الاحتياطي، والالتزام بما نص عليه القانون في هذا الشأن، والتحقيق فيها، وتفعيل آليات التفتيش القضائي والمراقبة على أعضاء النيابة ومحاسبتهم على إهدار القانون وإساءة استخدام السلطات الممنوحة لهم".
كما أوصت بأنه "يتعيّن على القضاء تطبيق القانون وعدم الاستجابة لطلبات تجديد الحبس الاحتياطي غير الجادة والتي لا تستند إلى أدلة كافية ولا تراعي ضوابط ومبررات الحبس الاحتياطي. ويتعين على السلطات إطلاق سراح كل من تجاوز الحد الأقصى المحدد قانوناً للحبس الاحتياطي".