إنها الجمعة الأولى تقريباً التي يغيب فيها عبد الرحمن محمد أحمد "أبو محمد" الستيني الفلسطيني عن صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، مجبراً على ذلك بموجب قرار من مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، بحجة حفظ الهدوء في مدينة القدس المحتلة.
يرتدي كل جمعة، لباسه العربي الأصيل، ويخرج من قريته "عصيرة القبلية" جنوب مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، سواء في شهر رمضان، أو غيره من الشهور، قاصدا المسجد الأقصى للصلاة، ولا يمنعه عن رحلته الأسبوعية إلا أسباب أو ظروف قاهرة.
اعتاد عبد الرحمن أن يصلي في الصفوف الأولى بالمسجد الأقصى، وكثيرا ما التقطت له صور أو أجريت معه لقاءات، ونشرتها وكالات الأنباء العالمية والصحف وشاشات التلفزيون، لكنه اليوم محروم من الوصول إلى الأقصى، لأنه رفع العلم الفلسطيني بعد صلاة الجمعة الأولى من رمضان.
يقول أبو محمد، لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال الإسرائيلي أبلغه بمنعه من دخول الأقصى، "في الجمعة الثانية من رمضان توجهت كما عادتي إلى الأقصى للصلاة، واجتزت حاجز قلنديا مع آلاف الناس من الضفة الغربية. عند باب الأقصى، وقبل الدخول إلى الساحات، أشار أحد أفراد شرطة الاحتلال المتواجدين على الأبواب إلي، وطلب مني الوقوف، ومن ثم أخذوني إلى أحد مراكز الشرطة القريبة، وتم إبلاغي هناك بمنعي من الدخول إلى الأقصى منعا باتا".
كانت الساعة الثامنة والنصف صباحا عندما أوقفه الجنود وأخذوه إلى مركز الشرطة، حيث بقي محتجزا حتى الساعة الثانية عشرة، إلى أن وصل أحد ضباط جيش الاحتلال، ليبلغه بقرار منعه من دخول القدس.
قال الضابط "إنت يا عبد الرحمن بتعمل مشاكل"، وعندما رد عليه بالنفي، مؤكدا أنه يأتي للصلاة دوما، ولم يسبق أن أحدث أية إشكاليات، عرض الضابط عليه مجموعة صور له وهو يحمل علم فلسطين في ساحة المسجد الأقصى.
أبدى أبو محمد إعجابه بالصور، وقال للضابط إنه يريدها ليعلقها في منزله، ساخرا من الضابط الذي قرر أن رفع علم فلسطين في المسجد الأقصى "مشاكل"، لكن ضابط الاحتلال شدد على أن هذه التصرفات ممنوعة، وبسبب هذه الصور تم إصدار قرار بمنعه من الدخول إلى مدينة القدس، وقال لأبو محمد "نريد أن يأتي الناس للصلاة في الأقصى ويعودوا لبيوتهم دون مشاكل".
خلال جلسة أبو محمد مع الضابط، تم تبصيمه على أوراق مكتوبة بالعبرية، والتقطت له عدة صور شخصية من كافة الجهات، وأجبر على توقيع أوراق بأنه لم يتعرض للضرب أو الأذى خلال الاحتجاز، وهدده الضابط أنه في حال حاول الدخول إلى الأقصى سوف يتم اعتقاله وتغريمه.
يقول أبو محمد "صعب أن أتقبل هذا القرار، فقد اعتدت على الخروج من نابلس إلى القدس للصلاة طوال شهور السنة، فما بالك أن يحرموني من الصلاة فيه خلال شهر رمضان المبارك. صعب جدا القرار".
وكان أبو محمد خلال ذهابه للصلاة في الأقصى يشارك المقدسيين فعالياتهم، وأنشطتهم، ورفع علم فلسطين كثيرا في ساحات الأقصى، دون أن تراجعه مخابرات الاحتلال، لكن هذه المرة، منعته من دخول الأقصى مع تهديد واضح بالاعتقال، ويرجح أن هذه الإجراء جاء بعد قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لدولة الاحتلال.
|