تثير ظروف إقامة الحجاج السيئة في السعودية هذا العام، وهي سابقة من نوعها، امتعاض الجهات الحقوقية والمواطنين في المغرب. وطالب الكثيرون بضرورة أن يتخذ المغرب مواقف وقرارات حازمة لتحديد المسؤوليات، ومنهم من ذهب إلى حد الدعوة إلى "مقاطعة الحج".
وتوقف "المركز المغربي لحقوق الإنسان" عند ما سماه "الإهمال الذي تعرّض له حجاج مغاربة من لدن أطر البعثة المغربية الرسمية، حيث تاه العديد منهم بين منى ومزدلفة، فيما تسلم بعضهم مواد غذائية فاسدة، واضطر العديد منهم إلى النوم في الشوارع والأزقة".
واعتبرت المنظمة الحقوقية، ضمن بيان وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، أن ما تعرض له حجاج بيت الله الحرام وصمة عار على جبين الحكومة المغربية، والمؤسسات الحكومية التابعة لها، مرجعة ذلك إلى "عقلية بعض المسؤولين الذين يولون أقصى اهتمام بالشخصيات الهامة ومرافقيهم، وبمصالحهم ومنافعهم الشخصية، فيما لا يأبهون بواجباتهم المهنية المتمثلة في رعاية هؤلاء المواطنين العاديين ودعمهم لتأدية شعيرة الحج أحسن أداء".
وحمّل المركز الحقوقي المسؤولية إلى وزارتي الأوقاف والشؤون الإسلامية، والسياحة والنقل الجوي، إزاء ما تعرض له الحجاج المغاربة، مطالباً بـ"فتح تحقيق مع عناصر البعثة الرسمية المغربية، وتحديد مسؤولية كل واحد منهم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات في حقهم، حتى يكونوا عبرة لسواهم في هذه السلوكيات التي لا تليق بسمعة المغرب".
كذلك انتقدت جماعة العدل والإحسان، إحدى أكبر التنظيمات الإسلامية المعارضة في المغرب، ما مر به الحجاج المغاربة. واعتبر القيادي حسن بناجح أن "الأمر يتعلق بإفساد ممنهج يعبث بشعيرة مقدسة، ويفسد على الحجاج المغاربة مناسكهم، ويهدر أموالهم التي لا يظهر لها أي أثر في الخدمات المقدمة لهم، رغم أن كلفة الحج في المغرب من بين الأغلى في العالم".
وأشار إلى أنه "إذا أضيف هذا الوضع إلى كوارث تأطير النظام السعودي للحج بما لا يتناسب مع ما يتم جنيه من أموال ملايين الحجاج سنويا، فإن معاناة الحاج المغربي تصبح مضاعفة" على حد تعبيره.
وأدت ردات الفعل الغاضبة، إلى احتجاج المغرب، أمس الجمعة، لدى السعودية على ظروف إقامة الحجاج المغاربة في الديار المقدسة، خصوصاً في ما يتعلق بظروف التغذية والسكن والنقل، وهو ما عكسته مقاطع فيديو ظهر فيها حجاج مغاربة يشتكون ويتذمرون، ومنهم من فاضت دموعه بسبب الوضع الذي عاشوه في حج هذا العام.
وبعد أن حاولت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، في بيان لها، أن تعزو ما نُشر بخصوص احتجاجات حجاج مغاربة، إلى انتقادات تعود لسنوات ماضية، عادت لتعترف في بيان ثان لها بوجود اختلالات في الحج، ما دفعها إلى تقديم احتجاج إلى المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية.
واستعرض اجتماع بين البعثة المغربية للحج والمؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية، أمس، "الاختلالات التي شهدها موسم الحج لهذه السنة، من حيث التغذية والسكن في منى، والنقل في عرفات"، وذلك بعد اتصال أجراه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، أحمد التوفيق، بوزير الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية".
وبعد مناقشة مستفيضة لكل تلك الجوانب، أبدت المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية "تفهما كبيرا لما عانى منه الحجاج المغاربة، سواء في منى أو عرفات أو مزدلفة"، كما اتفق الجانبان على تحرير محضر مشترك لتحديد الجهات المسؤولة عن هذه الاختلالات.