قرّرت السلطات السعودية السماح للأطباء السعوديين المتدربين في المستشفيات الكندية بالبقاء فيها لحين إيجاد البدائل اللازمة ونقلهم إلى بلدان أخرى، ما يعني عدم شمولهم بالمهلة التي أعطتها وزارة التعليم السعودية لأكثر من 12 ألف طالب مبتعث مع عائلاتهم للرجوع إلى السعودية عقب قطع العلاقات الدبلوماسية مع كندا.
وتعتبر العودة عن قرار شمول الأطباء المقيمين بالعودة إلى السعودية متنفساً جيداً للمستشفيات التعليمية الكندية، خصوصاً أن وجود هؤلاء الأطباء ضرورة ملحة كونها لم تكن متأكدة من كيفية تعاملها مع الخسارة المفاجئة والمهمة في حال مغادرتهم. ومع ذلك فإن الآلاف من الطلاب السعوديين الآخرين الذين يدرسون في الجامعات الكندية، سيضطرون إلى مغادرة البلاد.
وتلقى الأطباء السعوديون المنضوون تحت لواء برامج الزمالة الطبية، والمتدربون في مستشفيات كندا، والبالغ عددهم 1053 طبيباً وطبيبة رسالة عبر البريد الإلكتروني في وقت متأخر من بعد ظهر أمس الاثنين من وزارة التعليم السعودية تشير إلى أنهم "سيستمرون في وظائفهم لحين ترتيب مهمة بديلة لهم" على حدّ قول أندرو بادموس، الرئيس التنفيذي للكلية الملكية للأطباء والجراحين في كندا.
وأتى الطلب السعودي في البداية من الأطباء المتدربين والطلاب بمغادرة كندا إثر نزاع دبلوماسي تصاعد بين البلدين، بعد أن دعت وزيرة الشؤون الخارجية الكندية، كريستينا فريلاند، السعودية لإطلاق سراح نشطاء حقوق الإنسان المعتقلين في سجونها.
ويشكل الأطباء السعوديون المتدربون، بحسب تصريحات بادموس، ثلث عدد الأطباء في مستشفيات بعض المقاطعات في كندا، لافتاً إلى أن الكلية الملكية راسلت رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بعد قرار المقاطعة وأوضحت له أن هناك أكثر من ألف طبيب مقيم تشملهم جداول يومية يقدمون بموجبها الرعاية الصحية خلال الفترة المقبلة ستفقدهم كندا.
وذكرت كلية الطب في جامعة أوتاوا في إن "السعوديين هم الأكثر عدداً بين خريجي الطب الأجانب من مختلف الجنسيات في كندا، وبلغ عددهم 4515 خريجاً خلال عامي 2017 و2018، ما يمثل أكثر من 18 في المائة من المجموع. وجميعهم تقريبا تكفلت الحكومة السعودية بتعليمهم، ما يعتبر مصدر دخل مربح لمدارس الطب الكندية".
وأضافت الرسالة "في مستشفى واحد في مقاطعة أونتاريو يبلغ عدد جراحي الأعصاب السعوديين 13 جراحاً من أصل 20، وهناك أيضاً الجانب الصحي التعليمي الذي سيتأثر بدوره إذ إن العديد من الأطباء المقيمين السعوديين القدماء يضطلعون بدور تعليمي مهم في توجيه الأطباء المقيمين الكنديين الجدد".
وتسبب قرار السلطات السعودية بقطع العلاقات السياسية والتجارية مع كندا ووقف رحلات الطيران، وسحب الرعايا السعوديين الذين يبلغ عددهم أكثر من 12 ألف نسمة بينهم 8310 طلاب مبتعثين، بسبب موقف الحكومة الكندية ووزارة الخارجية من ملف النشطاء المعتقلين، بإنهاء مستقبل الكثير من الطلاب الذين أمهلتهم السلطات السعودية حتى أواخر هذا الشهر لمغادرة كندا أو تلقي العقاب.
واضطر كثير من الطلاب إلى قطع دراستهم وتحمل كلفة شراء تذاكر الطيران للعودة بالإضافة إلى بيع سياراتهم والتخلي عن شققهم السكنية التي استأجروها بعقود سنوية، بسبب قرار قطع العلاقات هذا.
وكان الأطباء السعوديون هم الأكثر تضرراً بسبب عدم وجود أماكن أخرى تقبل تدريب عدد كبير منهم بالإضافة إلى أن برامج التدريب تختلف من بلد إلى آخر، ففي حال ذهابهم إلى الولايات المتحدة الأميركية فإنهم سيضطرون إلى إعادة تدريبهم من جديد، وهو ما تسبب بقيام السلطات السعودية باستثنائهم من هذا القرار.
وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة HealthCareCAN، الممثلة للمستشفيات في جميع أنحاء كندا، بول إميل كلوتير، في تصريح صحافي أن بعض المقيمين والزملاء قد يستغرق إيجاد مكان بديل لتدريبهم عدة سنوات، ما يعني أنه سينتهي بهم المطاف في كندا.
وأضاف كلوتير إن إخلاء المتدربين قسراً من كندا قد يعرض حياتهم المهنية والمستشفيات أيضاً للخطر لأنها ستجد نفسها تبحث عن سبل لسد الفجوات التي يخلفها رحيلهم المفاجئ. وختم بالقول: "إن المستشفيات التي لديها العديد من هؤلاء المتدربين (السعوديين) ستستمر كما هي".