في المناطق الأكثر حرماناً في بريطانيا، يتخطّى معدّل الوفيات التي تعود إلى أسباب صحية يمكن تجنّبها ثلاثة أضعاف المعدّل في المناطق الأكثر رخاءً. خلاصة لم ترق لكثيرين، وقد علّق عمدة مانشستر الكبرى أندي بورنهام على الأمر قائلاً إنّ مثل هذه التفاوتات الصحية "فضيحة في عام 2018". من جهتها، أشارت الحكومة إلى أنّها تتخذ إجراءات لمساعدة الناس على العيش حياة أطول وأكثر صحة.
بهدف التحقق من المسألة، قامت وحدة البيانات المشتركة التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بتحليل بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية الخاصة بالحرمان في مناطق السلطة المحلية في إنكلترا وويلز بالإضافة إلى بيانات قابلة للمقارنة في اسكتلندا وأيرلندا الشمالية. فوجد التحليل علاقة قوية بين الحرمان وعدد الأشخاص الذين يموتون قبل الأوان. وتراوحت معدّلات الوفيات التي يمكن تجنّبها بين 138 وفاة لكل 100 ألف شخص في المناطق الغنية مثل تشيلتيرن في باكينغهامشير و517 وفاة لكل 100 ألف شخص في أفقر أجزاء بلفاست. وأكد بورنهام أنّ النتائج تدلّ على التفاوت الصحي الضخم بين شمالي إنكلترا وجنوبها، واصفاً ذلك بالأمر المخزي.
في السياق، يقول الدكتور محمود بربير وهو استشاري أمراض قلب في لندن لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفقر يرتبط عادة بنظام غذائي غير صحي أو سيّئ. كذلك فإنّه يضعنا في بيئة غير مناسبة لصحّتنا، إذ إنّه من الممكن التعرّض إلى أمراض والتهابات عدّة. وبشكل عام، حيث يوجد فقر يتّبع الناس نظام حياة غير صحي".
من جهته، يقول جون دايت وهو رئيس الشؤون الخارجية في المركز الدولي لدراسات طول العمر في المملكة المتحدة، إنّ "الأسباب الكامنة وراء التفاوتات معقّدة، إلا أنّه من غير المقبول أن نشهد فجوة صحية متنامية في بريطانيا في القرن الحادي والعشرين".
ومن بين الوفيات التي يُمكن تجنّبها لدى الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 75 عاماً، تلك المرتبطة بأمراض القلب وبعض أمراض السرطان وأمراض الجهاز التنفسي وداء السكري من النوع الثاني على سبيل المثال. يُذكر أنّ ذلك أدرج على قائمة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، وُضعت للمساعدة في تطوير الرعاية الصحية الفعالة.
بغية إيجاد حلول، أوضحت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أنّ أكثر من 16 مليار جنيه استرليني تُستثمَر في الخدمات الحكومية المحلية لمعالجة قضايا الصحة العامة، إلى جانب برامج الفحص والاختبارات الصحية المجانية التي تقدّمها هيئة الخدمات الصحية الوطنية. إلى ذلك، ثمّة برنامج مجاني للتلقيح ضدّ الإنفلونزا، وآخر وطني للوقاية من داء السكري، وخطّة لضبط السمنة في مرحلة الطفولة، وأخرى لمكافحة تعاطي التبغ.