يتزايد اكتظاظ التلاميذ في الفصول والأقسام الدراسية في الجزائر بصورة لافتة، الأمر الذي أجبر السلطات على الاستعانة بالأقسام الجاهزة والمتحركة كحلّ مؤقت
بعد أيام من انطلاق العام الدراسي الجديد، تنبّه أولياء تلاميذ في مدارس بلدة الغاسول بولاية البيض جنوب غربي الجزائر، إلى حجم مشكلة الاكتظاظ التي يعاني منها أبناؤهم، فنظموا وقفة احتجاجية للفت نظر السلطات إلى تلك المشكلة وإلى الظروف التي يتابع فيها أبناؤهم تعليمهم. وحال تلاميذ مدارس بلدة الخيثر في الولاية نفسها ليست بأفضل، نتيجة الاكتظاظ وأوضاع المؤسسات التربوية المتردية، لذا طالب أولياء الأمور الحكومة بالتدخل لإنهاء ذلك، رافعين شعارات من قبيل "أنقذونا" و"الاكتظاظ يعيق التربية والتعليم". من جهتهم، اتخذ أولياء تلاميذ مدرسة عثمان عابد في بلدة العلايمية بولاية معسكر غربي البلاد، قرار مقاطعة الدراسة، فلم يلتحق أبناؤهم بالمدرسة لمدّة خمسة أيام إلى حين تدخّل محافظ الولاية الذي تعهد بحل المشكلة.
يتكرر هذا الوضع في كلّ البلاد، ويخبر مدرّس الرياضيات حميد مناري في إحدى ثانويات ولاية تيبازة القريبة من العاصمة الجزائرية، أنّ "عدد التلاميذ في بعض الأقسام وصل إلى 52 تلميذاً، في حين أنّه لا يفترض أن يتجاوز في الحد الأقصى 32 تلميذاً". ويؤكد أنّ "هذا الوضع يصعّب على الأساتذة والمعلمين مهمتهم التعليمية. فلا يمكن لأيّ منهم التعامل بإيجابية تعليمية مع التلاميذ، لا سيّما وأنّه من الصعب السيطرة عليهم أولاً، خصوصاً بالنسبة إلى تلاميذ المرحلة الابتدائية". ويؤكد مناري أنّ "الاكتظاظ من العوامل التي تتسبب في ضعف التحصيل المدرسي في الجزائر".
اقــرأ أيضاً
جهد إضافي
لا يُفسَّر الاكتظاظ في المدارس الجزائرية سلبياً في البلدات والمدن الداخلية، غير أنّه يمثّل مشكلة كبرى في العاصمة خاصة وفي بعض ضواحيها التي شهدت توافد عدد كبير من التلاميذ الجدد، نتيجة عمليات إعادة الإسكان والترحيل. ويتناول الخبير التربوي محمد العابد المشكلة، قائلاً إنّ "السلطات تفتقد الى تخطيط عمراني وسكاني يتيح برمجة التوزيع السكاني وحركة السكان وإنجاز الأحياء السكنية الجديدة وفقاً لخريطة توزيع المدارس من جهة، ومن جهة أخرى ربط إنجاز الأحياء السكنية الجديدة بإنجاز مدارس ومؤسسات تعليمية جديدة. ولعلّ هذا هو سبب تفاقم مشكلة الاكتظاظ المفاجئ في بعض المناطق، وتضاؤلها في مناطق أخرى".
لا تنكر الحكومة الجزائرية أنّها ما زالت تواجه مشكلة اكتظاظ، خصوصاً في هذا العام، على خلفيّة قرار الحكومة تجميد بناء جزء كبير من المؤسسات التعليمية على خلفية الأزمة المالية وسياسات التقشف التي تنتهجها منذ عام 2016. لكنّ سؤالاً يُطرح حول مليارات الدولارات التي صُرفت في قطاع التربية، في حين أنّه ما زال يواجه مشكلة أساسية تتعلق بالبنى التحتية، الأمر الذي يؤدّي إلى تأثير مباشر على مستوى تحصيل التلاميذ العلمي ونتائجهم المدرسية.
وهو ما تعترف به وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط التي صرّحت في مؤتمر صحافي قبل أيام بأنّ "جزءاً من نسبة الرسوب أو الفشل المدرسيَّين يُعدّ مشكلة بالنسبة إلى القطاع، إذ إنّه سبب في اكتظاظ الأقسام إلى جانب عوامل أخرى مرتبطة بالتأخّر المسجّل في إنجاز المشاريع بعد رفع التجميد عنها". أضافت أنّ "اكتظاظ الأقسام يقتضي من المدرّس جهداً إضافياً، خصوصاً من الجانب البيداغوجي (التربوي)".
اقــرأ أيضاً
أقسام جاهزة
وقد لجأت الحكومة إلى حلّ ثانٍ يتعلق باستخدام الأقسام الجاهزة في المدارس التي تعاني الاكتظاظ، الأمر الذي شرحته بن غبريط في مؤتمرها الصحافي الأخير، قائلة إنّ "المؤسسات التربوية التي تعاني مشكلة الاكتظاظ في بعض الولايات سوف تُدعَم بأقسام جاهزة، بشكل ظرفي ومؤقت، وهذا وضع استثنائي. ونحن نعمل جاهدين بالتنسيق مع القطاعات المعنية الأخرى بهدف إيجاد حلول سريعة ودائمة وفي أقرب الآجال، لأنّنا لن نسمح بتمدرس أولادنا إلا في ظروف مريحة وملائمة". أضافت بن غبريط أنّه "تم وضع ما بين قسمَين وأربعة أقسام جاهزة في عدد من المؤسسات التعليمية أو في مساحات شاغرة محاذية لها، واعتماد نظام المناوبتَين لا سيّما بالنسبة إلى المرحلة الابتدائية إلى جانب نظام الأقسام المتنقلة في المرحلة المتوسطة". وقد أشارت إلى أنّ "هذا الحل المؤقت لن يسوّي مشكلة اكتظاظ الأقسام بصورة نهائية". يُذكر أنّ الحكومة تحاول تجنّب التأثير على تلاميذ الأقسام المقبلة على الامتحانات الوطنية الحاسمة للانتقال إلى المستوى الأعلى، وقد وُجّهت تعليمات الى مديريات التربية في المحافظات لإيلاء عناية خاصة لتلاميذ السنتَين الأولى والثانية من المرحلة الابتدائية والتلاميذ الذين سوف يخضعون إلى امتحانات نهاية المراحل حتى لا يتأثروا بالاكتظاظ ".
تجدر الإشارة إلى أنّ الجزائر تسجّل زيادة تقدّر بمائة ألف تلميذ جديد يدخلون المدرسة للمرّة الأولى في كلّ عام، لكنّ ذلك لا يترافق مع تخطيط جديّ من قبل الحكومة لتوفير مقاعد دراسة لهؤلاء التلاميذ الجدد وفق المعايير التي تقتضيها العملية التعليمية. وتبقى المدرسة الجزائرية تعاني من جرّاء مشكلة الاكتظاظ التي تتلازم وكلّ دخول إلى المدرسة أو انطلاق عام دراسي جديد.
بعد أيام من انطلاق العام الدراسي الجديد، تنبّه أولياء تلاميذ في مدارس بلدة الغاسول بولاية البيض جنوب غربي الجزائر، إلى حجم مشكلة الاكتظاظ التي يعاني منها أبناؤهم، فنظموا وقفة احتجاجية للفت نظر السلطات إلى تلك المشكلة وإلى الظروف التي يتابع فيها أبناؤهم تعليمهم. وحال تلاميذ مدارس بلدة الخيثر في الولاية نفسها ليست بأفضل، نتيجة الاكتظاظ وأوضاع المؤسسات التربوية المتردية، لذا طالب أولياء الأمور الحكومة بالتدخل لإنهاء ذلك، رافعين شعارات من قبيل "أنقذونا" و"الاكتظاظ يعيق التربية والتعليم". من جهتهم، اتخذ أولياء تلاميذ مدرسة عثمان عابد في بلدة العلايمية بولاية معسكر غربي البلاد، قرار مقاطعة الدراسة، فلم يلتحق أبناؤهم بالمدرسة لمدّة خمسة أيام إلى حين تدخّل محافظ الولاية الذي تعهد بحل المشكلة.
يتكرر هذا الوضع في كلّ البلاد، ويخبر مدرّس الرياضيات حميد مناري في إحدى ثانويات ولاية تيبازة القريبة من العاصمة الجزائرية، أنّ "عدد التلاميذ في بعض الأقسام وصل إلى 52 تلميذاً، في حين أنّه لا يفترض أن يتجاوز في الحد الأقصى 32 تلميذاً". ويؤكد أنّ "هذا الوضع يصعّب على الأساتذة والمعلمين مهمتهم التعليمية. فلا يمكن لأيّ منهم التعامل بإيجابية تعليمية مع التلاميذ، لا سيّما وأنّه من الصعب السيطرة عليهم أولاً، خصوصاً بالنسبة إلى تلاميذ المرحلة الابتدائية". ويؤكد مناري أنّ "الاكتظاظ من العوامل التي تتسبب في ضعف التحصيل المدرسي في الجزائر".
جهد إضافي
لا يُفسَّر الاكتظاظ في المدارس الجزائرية سلبياً في البلدات والمدن الداخلية، غير أنّه يمثّل مشكلة كبرى في العاصمة خاصة وفي بعض ضواحيها التي شهدت توافد عدد كبير من التلاميذ الجدد، نتيجة عمليات إعادة الإسكان والترحيل. ويتناول الخبير التربوي محمد العابد المشكلة، قائلاً إنّ "السلطات تفتقد الى تخطيط عمراني وسكاني يتيح برمجة التوزيع السكاني وحركة السكان وإنجاز الأحياء السكنية الجديدة وفقاً لخريطة توزيع المدارس من جهة، ومن جهة أخرى ربط إنجاز الأحياء السكنية الجديدة بإنجاز مدارس ومؤسسات تعليمية جديدة. ولعلّ هذا هو سبب تفاقم مشكلة الاكتظاظ المفاجئ في بعض المناطق، وتضاؤلها في مناطق أخرى".
لا تنكر الحكومة الجزائرية أنّها ما زالت تواجه مشكلة اكتظاظ، خصوصاً في هذا العام، على خلفيّة قرار الحكومة تجميد بناء جزء كبير من المؤسسات التعليمية على خلفية الأزمة المالية وسياسات التقشف التي تنتهجها منذ عام 2016. لكنّ سؤالاً يُطرح حول مليارات الدولارات التي صُرفت في قطاع التربية، في حين أنّه ما زال يواجه مشكلة أساسية تتعلق بالبنى التحتية، الأمر الذي يؤدّي إلى تأثير مباشر على مستوى تحصيل التلاميذ العلمي ونتائجهم المدرسية.
وهو ما تعترف به وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط التي صرّحت في مؤتمر صحافي قبل أيام بأنّ "جزءاً من نسبة الرسوب أو الفشل المدرسيَّين يُعدّ مشكلة بالنسبة إلى القطاع، إذ إنّه سبب في اكتظاظ الأقسام إلى جانب عوامل أخرى مرتبطة بالتأخّر المسجّل في إنجاز المشاريع بعد رفع التجميد عنها". أضافت أنّ "اكتظاظ الأقسام يقتضي من المدرّس جهداً إضافياً، خصوصاً من الجانب البيداغوجي (التربوي)".
أقسام جاهزة
وقد لجأت الحكومة إلى حلّ ثانٍ يتعلق باستخدام الأقسام الجاهزة في المدارس التي تعاني الاكتظاظ، الأمر الذي شرحته بن غبريط في مؤتمرها الصحافي الأخير، قائلة إنّ "المؤسسات التربوية التي تعاني مشكلة الاكتظاظ في بعض الولايات سوف تُدعَم بأقسام جاهزة، بشكل ظرفي ومؤقت، وهذا وضع استثنائي. ونحن نعمل جاهدين بالتنسيق مع القطاعات المعنية الأخرى بهدف إيجاد حلول سريعة ودائمة وفي أقرب الآجال، لأنّنا لن نسمح بتمدرس أولادنا إلا في ظروف مريحة وملائمة". أضافت بن غبريط أنّه "تم وضع ما بين قسمَين وأربعة أقسام جاهزة في عدد من المؤسسات التعليمية أو في مساحات شاغرة محاذية لها، واعتماد نظام المناوبتَين لا سيّما بالنسبة إلى المرحلة الابتدائية إلى جانب نظام الأقسام المتنقلة في المرحلة المتوسطة". وقد أشارت إلى أنّ "هذا الحل المؤقت لن يسوّي مشكلة اكتظاظ الأقسام بصورة نهائية". يُذكر أنّ الحكومة تحاول تجنّب التأثير على تلاميذ الأقسام المقبلة على الامتحانات الوطنية الحاسمة للانتقال إلى المستوى الأعلى، وقد وُجّهت تعليمات الى مديريات التربية في المحافظات لإيلاء عناية خاصة لتلاميذ السنتَين الأولى والثانية من المرحلة الابتدائية والتلاميذ الذين سوف يخضعون إلى امتحانات نهاية المراحل حتى لا يتأثروا بالاكتظاظ ".
تجدر الإشارة إلى أنّ الجزائر تسجّل زيادة تقدّر بمائة ألف تلميذ جديد يدخلون المدرسة للمرّة الأولى في كلّ عام، لكنّ ذلك لا يترافق مع تخطيط جديّ من قبل الحكومة لتوفير مقاعد دراسة لهؤلاء التلاميذ الجدد وفق المعايير التي تقتضيها العملية التعليمية. وتبقى المدرسة الجزائرية تعاني من جرّاء مشكلة الاكتظاظ التي تتلازم وكلّ دخول إلى المدرسة أو انطلاق عام دراسي جديد.