شهدت ظاهرة الهجرة غير الشرعية من شواطئ المغرب إلى إسبانيا، عبر ما يسمى "قوارب الموت"، تزايداً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، بدءا بتصوير رحلات الهجرة غير الشرعية، مرورا بإعلان مواعيد الانطلاق، ووصولا إلى تظاهر مئات الشباب طلبا لتوفير الهجرة، والتي يسمونها شعبياً "الحريك"، بالمجان.
وعرف شاطئ مدينة مارتيل، ليلة السبت الأحد، حادثاً هو الأول من نوعه، عندما حاول عشرات الشباب ركوب قارب إلى الساحل الإسباني الذي لا يبعد سوى كيلومترات، قبل أن تتدخل البحرية الملكية لمنع محاولة الهجرة، ليقوم الشباب بالاحتجاج في المكان رافعين شعارات تطالب السلطات بتركهم يرحلون عن البلاد لأنهم يرغبون في "الحريك".
ووثّق مرصد الشمال لحقوق الإنسان ما حصل في شاطئ مارتيل، بتأكيده، في بيان، أن "مئات الشباب توافدوا على شاطئ مارتيل رغبة في الهجرة غير النظامية عبر المتوسط، بعد خروج قارب مطاطي لمهربي البشر، وهو ما دفع قوات البحرية المغربية إلى التصدي لهذه الهجرة الجماعية".
وأفادت قيادة القوات المسلحة المغربية، في وقت متأخر من مساء أمس، بأن "عناصر البحرية الملكية تمكنوا، بتعاون مع الدرك الملكي، من إحباط محاولة للهجرة السرية، من خلال قارب كان منطلقا بسرعة فائقة محاولا الوصول إلى شاطئ مارتيل لنقل مرشحين للهجرة السرية". وأكد المصدر أن "زورقين سريعين تابعين للدرك الملكي أجبرا القارب المجهول على الفرار إلى عرض البحر، ولم يتمكن أي من المتواجدين من الهجرة".
وبات الراغبون في الهجرة يتلقون معلومات عن مواعيد انطلاق القوارب من نقط محددة في شواطئ الشمال القريبة من إسبانيا، وهو ما فطنت إليه السلطات وتوعدت مروجي هذه الإعلانات بالعقوبة.
ويقول مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، لـ"العربي الجديد"، إن "الهجرة السرية أصبحت أشبه بالعلنية مؤخرا، بل تبدو أقرب إلى النزوح منها إلى الهجرة بالنظر إلى العدد، ووجود عائلات بأكملها تركب البحر للعبور نحو الصفة الأخرى".
ويرى الخضري أن "الأمر يشي بوجود تغاضٍ ما، أو لا مبالاة متعمدة، غايتها خلق نوع من المتنفس إزاء موجة الاحتقان الآخذة في التصاعد، خصوصا في صفوف الشباب والأسر العاطل أربابها عن العمل، بالتزامن مع محاربة البطالة المقنعة من قبيل بيع الخضار وأصحاب العربات المجرورة. الشباب بلغ من الوعي ما يجعله يدرك أن البديل الحقيقي هو الهجرة إلى مجتمع يثمّن الإمكانات الشخصية، ويوفر الفرصة لتحقيق الذات، وهي ميزات لم تعد موجودة في الاقتصاد الوطني".
وأضاف: "علينا الاعتراف بأن الظاهرة اتسعت، ونطالب الحكومة بالعمل على ثني هؤلاء عن الهجرة بدلا من منعهم، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا برؤية تنموية واضحة تتجسد في نموذج تنموي ديمقراطي".