يواجه كل متحرش جنسياً بفتاة أو امرأة عقوبات زجرية قد تصل إلى السجن والغرامة المالية، والتي يتضمنها القانون المغربي الجديد لمحاربة العنف ضد النساء، وضمنه عقوبات التحرش الجنسي، التي يبدأ تنفيذها يوم الأربعاء المقبل في المغرب، بعد نشره في "الجريدة الرسمية".
ويُعرف القانون المغربي الجديد مرتكب جريمة التحرش الجنسي بأنه "كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية لأغراض جنسية، أو بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية".
أما العقوبات التي تنتظر المتحرشين بالمغرب، فهي السجن من شهر واحد إلى ستة أشهر، وغرامة مالية تبدأ من ألفين إلى عشرة آلاف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة مضاعفة إذا كان المتحرش زميلاً في العمل أو من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية وغيرها.
كما تتضاعف العقوبة في عدد من الحالات، "إذ ينال المتحرش الجنسي 3 إلى 5 سنوات سجنا وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف درهم إذا ارتكب التحرش الجنسي من طرف أحد الأصول أو المحارم أو من له ولاية أو سلطة على الضحية، أو مكلفا برعايته أو كافلا له، أو إذا كان الضحية قاصرا".
ويعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من ألفي درهم إلى 20 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، من خرق تدبير المنع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب منها أو التواصل معها بأية وسيلة أو رفض الخضوع لعلاج نفسي ملائم.
ويعلق عبد الإله الخضري مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان على القانون بقوله إنّ "قانون تجريم التحرش، الذي سيدخل حيز التنفيذ يوم 12 سبتمبر/ أيلول الجاري، جاء تجاوباً مع نضالات المجتمع المدني الحقوقي، وقد ارتكز على مقاربة آليتي التجريم والعقوبة، من أجل حماية النساء من كل مظاهر التحرش الجنسي".
وبخصوص الإشكالات التي يمكن أن يطرحها تنفيذ القانون، يوضح الناشط الحقوقي لـ"العربي الجديد"، أن بعض أشكال التحرش الجنسي باتت للأسف جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع، وحظيت بنوع من التطبيع، مما سيخلق جدلاً حقيقياً في التعاطي مع ظواهر تحتاج إلى نهضة قيمية وارتقاء سلوكي أكبر بكثير من احتياجها لمقاربة زجرية".
ويسجل الخضري أن "العديد من الإشكالات المرتبطة بالعلاقات المهنية المتوترة، قد تجد في هذا القانون سبيلا لتصريف الحسابات وممارسة الانتقام"، مشيراً إلى أن العديد من مظاهر التحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد تعتريها شبهات الفبركة أو التوريط من طرف الغير".
ويلفت المتحدث الانتباه إلى أن "بعض الرسائل والصور قد تجري بشكل رضائي وإرادي بين طرفين أو عدة أطراف، بينما يقوم أحد الأطراف باعتمادها وتقديم شكوى كيدية ضد مصدرها".
ويتابع "الاعتداءات بالتحرش الجنسي في الأماكن العمومية والفضاءات المهنية تحتاج إلى دلائل وشهود، حتى لا يتم استغلال القانون للزج بأبرياء في متابعات قضائية إزاء فعل غير حاصل".
ويدعو مدير المركز الحقوقي القضاء إلى أن يكون "حريصا على الدقة والموضوعية في تفعيل مقتضيات القانون الذي يجرم التحرش الجنسي حتى لا ينطوي تفعيله على تصفية حسابات أو انتهاك لخصوصيات الشخص".