وصل وفد من الخارجية التونسية والشرطة الفنية، أمس الأحد، إلى مقر جمعية الهلال الأحمر الليبي في مدينة مصراتة لاستكمال إجراءات استلام عدد من الأطفال من آباء تونسيين انضموا لتنظيم "داعش"، وموجودين في مقر الجمعية منذ ديسمبر/كانون الأول 2016.
وأكد مصدر قضائي من النيابة العامة بمدينة مصراته اتفاق الجانبين على أن يكون منتصف فبراير/شباط المقبل موعداً لإعادة ستة أطفال تونسيين، سبق للهلال الأحمر الليبي أن دعا الحكومة التونسية في منتصف يناير/كانون الثاني الجاري لاستلامهم، ومنحها مهلة شهر لتنفيذ ذلك.
وأوضح المصدر لــ"العربي الجديد" أن فريق الشرطة الفنية التونسية أخذ عينات من الأطفال الستة أمس أثناء زيارته لمقر الهلال الاحمر بمصراته للتحقق من هويتهم. وقال إن "الجانب التونسي ممثلًا بمسؤولين من وزارة الخارجية رافقوا أفراد الشرطة ووعدوا الجانب الليبي ببدء إجراءات تسفير الأطفال الستة لتسليمهم لذويهم منتصف فبراير/ شباط المقبل"، لافتاً إلى أن الحكومة التونسية رضخت لضغوط تونسية داخلية من أجل البت في مصير أطفال ينتمي آباؤهم لتنظيم "داعش" ويقيمون في رعاية عدد من الدول من بينها ليبيا.
كما أكد المصدر أن الجانب التونسي بدأ تنسيقات أخرى مع الخارجية الليبية بشأن بدء إجراءات تسفير أطفال تونسيين آخرين محتجزين في طرابلس لدى قوة الردع الخاصة، دون أن يحدد عددهم.
ووفق محمد نجيب، رئيس فرع جهاز الهلال الأحمر بمصراته، فإن فرق الجهاز عثرت على ما يقارب 50 طفلاً في مدينة سرت من أبناء مقاتلي تنظيم "داعش" قتل آباؤهم أو فروا بعد تمكن قوات البنيان المرصوص من اقتحام المدينة نهاية 2016 .
وأوضح نجيب في تصريحات صحافية أخيراً، أن ستة من هؤلاء الأطفال ينتمون للجنسية التونسية يحظون برعاية الجهاز، في حين لا يزال ثمانية آخرون بمركز الإصلاح والتأهيل الواقع بمقر الكلية الجوية بمصراته، دون أن يحدد مصير الباقين.
وعملت الجمعية التونسية لإنقاذ التونسيين العالقين بالخارج على هذا الملف، بعد عقد عدة مؤتمرات صحافية ووقفات احتجاجية لإيصال أصوات عائلات العالقين، كما نظمت أخيرا مسيرة سيرا على الأقدام إلى قصر قرطاج وقدمت رسالة خطية لرئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي، أملاً في إنقاذ العشرات من الأطفال التونسيين العالقين بالخارج، مبينة أن 93 طفلاً تراوح أعمارهم بين 4 و6 سنوات ما زالوا عالقين في بؤر التوتر بليبيا وسورية والعراق، وبعضهم بلا أب ولا أم.
وقال رئيس الجمعية التونسية لإنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، محمد إقبال بن رجب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الجمعية كانت أول من تابع ملف الأطفال التونسيين العالقين في مناطق النزاع، ويبلغ عدد العالقين منهم في ليبيا نحو37 طفلا، من بينهم 6 أطفال يتامى. وبيّن بن رجب أن "التحرك الرسمي وإن جاء متأخرا نسبياً بخصوص هذا الملف، إلا أنه يعتبر خطوة إيجابية، وخاصة أن ملف الأطفال الستة يعتبر الأقل تعقيدا مقارنة ببقية الوضعيات".
ولفت إلى تلقيهم وعوداً سابقة من الوزير السابق المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان المهدي بن غربية، بتسريع عودة هؤلاء الأطفال، معرباً عن أمله بتسريع العمل على بقية الملفات سواء كان ذلك في ليبيا أو سورية.
وأكد بن رجب أن الهلال الأحمر بمصراتة قدّم الرعاية الصحية والنفسية اللازمة لهؤلاء الأطفال منذ استلامهم، مشيراً إلى أن وضع الأطفال العالقين في المخيمات السورية يبقى صعباً في ظل موجة البرد والظروف المناخية الدقيقة وغياب الرعاية الصحية والظروف الإنسانية، والحوادث المحيطة التي تهدد سلامة وحياة هؤلاء الأطفال.
وأوضح رئيس الجمعية أن زيارة الوفد التونسي الرسمي إلى مصراتة لم يعلن عنها رسمياً، مع التوقع بالإعلان عن وصولهم إلى التراب التونسي فور إنهاء الإجراءات المتممة لذلك، وهو ما تتابعه الجمعية، لافتاً إلى أن هذا الملف بالذات يحظى بتكتم شديد من عدة أطراف.
وقال المتحدث إنه بحسب المعطيات التي تملكها الجمعية، فإن طفلين من بين العالقين تمكنا من العودة إلى تونس، على أمل تسريع عودة البقية، خصوصاً أن لا ذنب لهم في البقاء خارج وطنهم ودون سند عائلي، مشيرا إلى أن أقرباء هؤلاء الأطفال كثيرا ما أطلقوا نداءات استغاثة لجلب أبنائهم، ولكن للأسف السلطات التونسية لم تبادر سابقا بالقيام بخطوات من أجل استعادة هؤلاء الأطفال.
وسبق لجمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، أن قدرت أعداد أطفال عناصر التنظيم الموجودين بليبيا بنحو 50 في المائة من مجمل أعداد الأطفال الموجودين في أكثر من دولة.
وقال محمد بن رجب، في مؤتمر صحافي عقده منتصف الشهر الماضي في تونس، إن هؤلاء الأطفال هم أبناء لآباء تونسيين تورطوا في الالتحاق بجماعات إرهابية، تقل أعمار 26 في المائة منهم عن عامين، وتتراوح أعمار 24 في المائة منهم بين عامين وأربعة أعوام، وأعمار 34 في المائة منهم بين 4 و6 أعوام، و16 في المائة تفوق أعمارهم 6 أعوام.