كشف تحقيق أعده مركز "بتسيلم" الإسرائيلي لحقوق الإنسان أنّه خلافًا لتصريحات جهاز المخابرات "الشاباك" والجيش الإسرائيلي، تبيّن أن الشهيد صالح البرغوثي من قرية كوبر شمال غرب رام الله قتل بعد إصابته من مسافة صفر، حين كان يقود مركبته في قرية سردا شمال رام الله الشهر الماضي. وأكدت عائلة الشهيد لـ"العربي الجديد"، أن ابنها صالح أعدم من مسافة قريبة بعد إصابته برصاص "الدمدم" المتفجر أثناء عمله على مركبته العمومية.
وقالت سهير البرغوثي، والدة الشهيد لـ"العربي الجديد": "تابعنا قضية استشهاد صالح مع عدة مؤسسات حقوقية محلية ودولية عبر مؤسسة الحق، وتواصلت معنا أكثر من جهة، وادعوا أن صالح حاول أن يدهس ويقتل، وشهود عيان أبلغونا أن ذلك غير صحيح".
وأوضحت أن ابنها صالح "كان عائداً من عمله وهو سائق مركبة عمومية، وكانت قوات الاحتلال الخاصة تسير بمركباتها أمامه ومن خلفه سيارات لمواطنين، ثم أوقفوا مركبته وأطلقوا النار عليه وأصابوه في رقبته وخاصرته، والرصاص من نوع "دومدوم" المتفجر القاتل، وبعدها أنزلوه من مركبته ثم قيدوه وهو مصاب ونقلوه لمستشفى هداسا بالقدس، وأعلن عن استشهاده بعد وقت قصير". وشددت على أن ما جرى بحق ابنها هو عملية إعدام.
وتدعي قوات الاحتلال أن الشهيد صالح البرغوثي نفذ عملية إطلاق نار، ثم حاول أن يهرب وهو يسير مع مركبات أخرى في الشارع.
وأوضح تقرير "بتسليم" أن الشهيد صالح لم يكن بمقدوره الفرار أو دهْس أحد، حين كان يقود السيارة العمومية واعترضته مركبتان ونزل منهما نحو عشرة من عناصر من قوّات الأمن وحاصروا سيّارته وأطلقوا عليه النّيران من مسافة صفر في ما بدا وكأنّها عمليّة إعدام. كما اتهم المركز الإسرائيلي جهات رسميّة إسرائيلية بمحاولة تبرير جريمة القتل بعد وقوعها، مؤكداَ أنّ أحداً لن يحاسَب هذه المرّة أيضًا.
ووفقا للتقرير، فإنه "في يوم 12 يناير/ كانون الأول الماضي، وفي حوالي الساعة 6:30 مساء بالتوقيت المحلي، اعترضت مركبتان تابعتان لقوّات الاحتلال طريق سيّارة عمومية على الشارع الرئيسي في قرية سردا في محافظة رام الله، يقودها صالح برغوثي (28 عامًا) وهو من سكّان قرية كوبر شماليّ رام الله ومتزوّج وأب لطفل في الخامسة. وترجّل من المركبتين نحو عشرة عناصر من قوّات الأمن من ضمنهم شرطة الوحدة الخاصّة في حرس الحدود "يمام" وطوّقوا السيارة وأطلقوا النار عليه من مسافة صفر".
وأضاف "بعد ذلك، أخرج العناصر البرغوثي من السيّارة وهو مصاب وكبّلوا يديه واقتادوه مغادرين المكان. وأبلغ الجيش أسرة البرغوثي أنّه أصيب بجراح بليغة خلال الحدث وأنّه توفيّ لاحقًا في المستشفى".
ولفت التحقيق إلى مزاعم "الشاباك" بأنّ البرغوثي، الذي كان ناشطًا في الذراع العسكريّ لحركة "حماس"، مشتبه بضلوعه بعمليّة إطلاق النّار التي وقعت في التاسع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، في محطّة نقل تطوّعيّ "تريمبيادة" مجاورة لمستوطنة عوفرا الواقعة شمال شرق رام الله. ويُذكر أنّ سبعة أشخاص أصيبوا بتلك العمليّة.
ونقل التقرير التحقيقي لـ"بيتسيلم" عن شاهد عيان (س.خ) وهو من سكّان قرية عارورة في محافظة رام الله، في إفادة قدّمها أمام الباحث الميدانيّ إياد حداد في "بتسيلم" يوم 13 من الشهر الماضي، قائلا: "السيّارة التي كانت أمامي، جيب سانغ-يونغ مدنيّ لونه كحليّ ولوحته فلسطينيّة اصطدمت فجأة بالسيّارة التي كانت أمامها. ونزلت من الجيب مجموعة من عناصر القوّات الخاصّة. كانوا ملثّمين ويرتدون الزيّ الأسود وسترات واقية وفي أيديهم بنادق. كذلك نزلت مجموعة أخرى من سيّارة ثانية - ميني باص مرسيدس لونه أبيض - كانت أمام السيّارة التي أصيبت".
وأضاف "جميع الجنود هجموا على السيّارة فأخذ سائقها في إغلاق النافذة. سمعت طلقات نارية تم تصويبها مباشرة على السّائق من مسافة قصيرة. تحطّم زجاج النافذة وبعد ذلك فتحوا باب السيّارة وسحبوا السائق ثمّ ألقوه أرضًا".
وبيّن "بيتسيلم" أنه "خلافًا لتصريحات "الشاباك" والجيش- اللّذين عرضا مقتل صالح البرغوثي على أنّه أمر غير مرغوب فيه وحدث أثناء عمليّة اعتقاله- لم يحاول البرغوثي ولا كان في مقدوره الفرار أو دهس أيّ كان: كان محاطًا بعناصر قوّات الأمن والسيارة العمومية الذي كان يقودها كانت محاصَرة بمركبات قوّات الأمن من الجانبين ولم يكن لديه مجال للتحرّك. هكذا وهو محاصَر، أطلق عليه عناصر الأمن النيران من مسافة صفر وأصابوه بجراح بليغة".
وشدد التقرير على أنه "لا يوجد أيّ مبرّر لقتل البرغوثي خلال ذلك الحدث الذي يبدو أنّه كان عمليّة إعدام وليست عمليّة اعتقال. رغم ذلك وبناءً على التجارب السابقة، لن يحاسَب أحد في هذه المرّة أيضًا: سواء جرى التحقيق في ملابسات مقتل البرغوثي أم لا، وستواصل الأجهزة الإسرائيليّة الشرعنة المنهجيّة لاستخدام القوّة الفتّاكة على يد عناصر الأمن ضدّ الفلسطينيّين".